رئيس التحرير
عصام كامل

القاهرة القديمة والعاصمة الجديدة


الحديث عن العاصمة الإدارية لم يتوقف، فما بين مؤيد لإنشائها في الوقت الحالي، وآخر يطالب بإرجائها، كان الجدل الذي حسمه صاحب القرار، ليصبح المشروع المؤجل منذ عقدين واقعًا، ويتحول حلم تخفيف الضغط على القاهرة إلى حقيقة. الجدل حول العاصمة الجديدة لم يتخط هاتين الوجهتين اللتين اتفقتا على أهمية المشروع واختلفتا على أولوية تنفيذه..


لكن وجهة نظر ثالثة جاءت من الخارج تدعمها قلة في الداخل، أخذت المشروع إلى منطقة أخرى لخلق حالة من الاحتقان، وبدأت الترويج لإهمال تعاني منه القاهرة لحساب العاصمة الإدارية الجديدة التي لن يسكنها إلا فئة معينة، وللأسف.. بعض الأصوات التي أكن لها احترامًا وتقديرًا تحدثت عن القاهرة التي لم تعد تصلح إلا للفقراء، والعاصمة الجديدة التي تعد للأثرياء.

الاختلاف على الأولويات أمر صحي، والأخذ والرد من ثوابت العملية الديمقراطية، فمن حقك أن تقنعني بعدم جدوى العاصمة الإدارية في الوقت الحالي، ومن حقي أن أقنعك بجدواها، لكن القرار وتبعاته ملك لمتخذه.. وقد اتخذه. ومن ثوابت الديمقراطية أيضًا ألا تزيَّف الواقع، والواقع يؤكد أن القاهرة تشهد تطويرًا لم تشهده منذ عقود، والإنجازات التي يراها القاصي والداني في أحيائها تتم بالتوازي مع بناء العاصمة الإدارية..

وليس صحيحًا ما يحاول البعض إشاعته من إهمال ونسيان تعاني منه أقدم عواصم العالم، وحتى نكون منصفين تعالوا إلى العشوائيات التي عانت منها القاهرة وانعكست على مواطنيها وزائريها.. ألم تكن إزالة العشوائيات إنجازًا يؤكد أن القاهرة في بؤرة الاهتمام؟! وأن انتقال سكان العشوائيات إلى مناطق مجهزة تحترم آدميتهم دليل يؤكد أن المواطن في القاهرة ما زال يأتي في مقدمة الأولويات، حتى لو كان من سكان العشوائيات؟! كم منطقة تم تطويرها وترفيقها؟ وكم مواطن ولد وعاش بين أكوام القمامة، وفي أحضان المقابر انتقل للعيش في عمارات تليق بكونه مواطنًا مصريًا؟

كنا في القنوات الفضائية نجد ضالتنا في العشوائيات، حيث القضايا الشائكة التي نخصص لها ساعات على الهواء، واليوم.. لم تعد العشوائيات أبرز قضايا الفضائيات بسبب اهتمام الدولة بقاطنيها، وهو ما انعكس إيجابًا على القاهرة التي يدعي البعض تعمد إهمالها.

نظرة واحدة على الطرق الجديدة في القاهرة تنصف الحكومة إذا كنا منصفين، فما يجري من إعادة تخطيط لمصر الجديدة ومدينة نصر يدحض محاولات الوقيعة بين الشعب وقيادته، وما يتم إنشاؤه من طرق تربط بين مدن القاهرة الكبرى وتخفف عناء المواطن تأكيد آخر على أن العاصمة ستظل الأهم، وأنها المحور الرئيسي للإنجازات.

مرجعيتي في ذلك هو شيخ الطرق المصرية.. الدكتور "أسامة عقيل"، وهو أبرز استشاري الطرق والكباري في الوطن العربي، فإلى جانب تمتعه بحس سياسي متفرد.. يحفظ الرجل كل شبر في مصر، وعنده.. تجد ضالتك، وعنده.. وجدت ضالتي.

طرحت على الدكتور "عقيل" تخوفات البعض من إهمال قد تعاني منه القاهرة بسبب العاصمة الإدارية الجديدة.. فجاءت الإجابة قاطعة، حيث أكد أن ما يجري في القاهرة من إنجازات غير مسبوق، وصار يعدد في الطرق التي تسهل على المواطن التجول ليس فقط في القاهرة.. ولكن في المدن المحيطة بها، فهذا طريق حر يبدأ من أمام نادي الشمس في مصر الجديدة وينتهي في رمسيس، وهذا آخر يأخذك من محور المنيب إلى المطرية ومسطرد ليستقر بك على الدائري والدائري الأوسطي، واستطرد الرجل في الحديث عن عدد كبير من الطرق والكباري، جميعها يؤكد أن القاهرة وتطويرها في بؤرة اهتمام الدولة.

لا نروج لحياة وردية موجودة، فالمعاناة مستمرة، لكن الإيجابيات كما السلبيات.. تحتاج لوقفة، وما يجري في القاهرة من إنجازات.. يستحق التوقف أمامه، لأنه الرد القوى على من يسعى لبث الفتنة وتأجيج المشاعر في وقت لا تتحمل فيه الدولة هزة تنال من أمنها وأمانها.
besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية