رئيس التحرير
عصام كامل

اللاجئون أصحاب بيت في مصر


مصر هي إحدى الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكولها لعام 1967، إضافة إلى اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لعام 1969 التي تحكم الجوانب الخاصة بمشكلات اللاجئين في أفريقيا. وتنفذ المفوضية في مصر عمليات التسجيل والتوثيق وتحديد وضع اللاجئ، وذلك بموجب مذكرة التفاهم الموقعة مع الحكومة المصرية في عام 1954.


ويقدر عدد الأشخاص الذين تعنى بهم المفوضية في عام 2019 بنحو 280،000 شخص، وهم عبارة عن لاجئين وطالبي لجوء من العراق وإريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان والسودان واليمن. ويعيش اللاجئون وطالبو اللجوء في مناطق حضرية إلى جانب المجتمعات المحلية. ولا تزال بيئة الحماية مواتية، حيث يجري مكتب المفوضية حوارًا مع الحكومة المصرية حول إدارة اللجوء..

التجربة المصرية تعاملت مع ملف اللاجئين بأخلاق الفرسان، على خلاف ما تعاملت بعض الدول الأخرى التي تأخذ من مسألة اللاجئين وسيلة لتسول الأموال، وتنفيذ الصفقات السياسية، مثل تركيا على وجه التحديد.

كانت مصر طوال تاريخها تحتضن عددًا من أبناء الجنسيات المختلفة بمن فيهم طالبى اللجوء، مثل لجوء الأرمن إلى مصر هربا من مذابح العثمانيين عام 1915، ولجوء الفلسطينيين عقب حرب 1948، ولجوء أبناء السودان في أعقاب الحرب الأهلية عام 1985، وكذلك نزوح عدد كبير من اللاجئين من مختلف أقطار الوطن العربى في الآونة الأخيرة، من سوريا والعراق وليبيا واليمن والسودان.

ورغم ذلك توفر الحكومة الرعاية الصحية الأولية والثانوية للاجئين وطالبي اللجوء من جميع الجنسيات على قدم المساواة مع المواطنين المصريين. علاوة على ذلك، يُمنح اللاجئون وطالبو اللجوء السوريون والسودانيون واليمنيون إمكانية الوصول إلى سبل التعليم العام على قدم المساواة مع المواطنين.

ومع ذلك، فإن الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة في أعقاب الإصلاحات الاقتصادية في مصر، قد أثر سلبًا على اللاجئين وطالبي اللجوء، مما زاد من حالة ضعفهم واعتمادهم على المساعدة وعلى رغم أن الأعداد التي حصرتها المفوضية السامية لشئون اللاجئين، في تقريرها السابق، كبيرة، إلا أن مصر لديها أعداد تفوق الملايين من اللاجئين الموجودين على أراضيها، والتقديرات من خلال تقارير عدد من المنظمات، ومن خلال دراسة برلمانية مصغرة طرحت للمناقشة في أكتوبر الماضى، تشير إلى أن الدولة المصرية تتربع على قمة الدول المحتضنة للاجئين..

إذ يحتضن الإقليم المصرى على مدار العقدين الماضيين ما يزيد على 5 ملايين لاجئ، من شرق آسيا، وأفريقيا، وأن المعدل ارتفع إلى هذا الحد بعد الحروب الأهلية والاضطرابات السياسية التي نشبت في السنوات العشر الأخيرة، بسبب الأعداد الكبيرة للاجئين الوافدين إلى مصر من السوريين والعراقيين واليمنيين، بخلاف الأشقاء الفلسطينيين المتوافدين على الدولة المصرية منذ احتلال 1948، وهناك مثال للسوريين المسجلين في مصر يبلغ 137 ألفا، بينما العدد الحقيقي يقدر بـ550 ألف سوري، بنسبة 10% من اللاجئين السوريين في باقي الدول.

وهذه الأعداد تؤكد أن التجربة المصرية في احتواء اللاجئين، ملهمة وضرورية، فاللاجئ يعيش بجوار المصرى، ويُفتح له مجالات الاستثمارات وإقامة المشروعات التجارية والصناعية، وغالبية الأشقاء الفلسطينيين والسوريين الذين يعيشون في مصر يشهدون على ذلك.
الجريدة الرسمية