«اللائحة التنفيذية» مغارة دفن القوانين.. تأخر صدورها يتيح للبرلمان سحب الثقة من الحكومة في أي وقت.. مرور 3 سنوات على إقرار قانون الزراعة التعاقدية.. ومواده حبيسة الأدراج بسبب تأخر صيغة التنف
ترسانة من التشريعات أصدرها مجلس النواب على مختلف دورات انعقاده خلال ٤ سنوات، إلا أن حزمة من هذه القوانين كتبت بحبر على ورق، لأنها غير مفعلة لتأخر صدور لوائحها التنفيذية، التي تسمح لها أن تصبح سارية وتنفذ على أرض الواقع.
اعتراضات ومطالبات من أصحاب الشأن والمجموعات التي تختص بها هذه القوانين، لتأخر صدور اللوائح التنفيذية للتشريعات المنظمة لعملها، ولا سيما أن المادة الأخيرة في هذه القوانين تنص على إصدار هذه اللوائح من قبل مجلس الوزراء خلال ٣ أو ٦ أشهر، من التصديق على القانون من قبل رئيس الجمهورية ونشره في الجريدة الرسمية.
الجرائم الإلكترونية
قانون الجرائم الإلكترونية على رأس هذه التشريعات، فرغم مرور أكثر من عام ونصف العام على موافقة البرلمان على إصداره، عقب مراجعته من قبل قسم التشريع بمجلس الدولة وتصديق رئيس الجمهورية، ونشر في الجريدة الرسمية، لا تزال مواده قيد التنفيذ، لاسيما أن وزارة الاتصالات المعنية بإصدار لائحته التنفيذية لم تلتزم بنص المادة التي أقرت أن الحكومة تصدر لائحته التنفيذية خلال ٣ أشهر من التصديق على القانون.
محمد حجازي، رئيس لجنة التشريعات بوزارة الاتصالات، أكد من جانبه أن مصر تأخرت في إصدار قانون لمكافحة جرائم الإلكترونية، ومعظم دول العالم اتجهت إلى إصدار هذا القانون، نتيجة المخاطر التي تتعرض لها من اختراقات.
وأضاف «حجازي» أن القانون المصري متوازن جدا، ومتوافق مع الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، وهدفه الأساسي هو حماية المواطنين، وتشجيع الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وتابع رئيس لجنة التشريعات بوزارة الاتصالات، أن سبب تأخر إصدار اللائحة التنفيذية للقانون، هو أن القوانين الفنية تستغرق وقتا طويلا في المناقشات، والوزارة اعتادت في الفترة الأخيرة طرح القوانين واللوائح للمناقشة والحوار قبل إصدارها بشكل رسمي.
وأشار إلى أن الوزارة تشارك كافة المعنيين بالقانون سواء القطاع الخاص، أو غيره، حتى لا تحدث مشكلات فيما بعد إصدار اللائحة، موضحا أن اللائحة التنفيذية ستصدر خلال أيام، فور مراجعتها من مجلس الدولة، وبصدد إصدارها خلال أيام قليلة.
تنظيم الصحافة والإعلام
وفي بداية سبتمبر من العام الماضي صدق رئيس الجمهورية على قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨، إلا أنه منذ هذا التاريخ وحتى الآن تنتظر الجماعة الصحفية والإعلامية، إصدار لائحته التنفيذية من قبل الحكومة، لتقنين وتوفيق أوضاعها، وفقًا لمواد القانون الجديد، ولا سيما أنها تنقسم إلى ثلاث لوائح صدر عنها لائحتا الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، ولكن لم تصدر حتى الآن، اللائحة الخاصة بقانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، المعني بالصحف الحزبية والخاصة والقنوات الخاصة.
من جانبه كشف الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أسباب تأخر صدور لائحة قانون الصحافة والإعلام، مشيرًا إلى أن المجلس تلقى اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الصحافة والإعلام من مجلس الوزراء، وأعد ملاحظاته عليها وأرسلها لمجلس الوزراء مرّة أخرى، ومن المقرر لها أن تصدر خلال أيام، بعدما انتهت الحكومة من إصدار لائحتي الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام.
وأوضح أن التوصيات تمثلت في ملاحظات على مدة الترخيص للمواقع الإلكترونية والصحف والقنوات، إذ تضمنت اللائحة أن يشكل المجلس لجنتين للتراخيص؛ إحداهما للصحف، والثانية للقنوات والمواقع، وألزمته بالانتهاء من فحص التراخيص في مدة لا تزيد على أسبوعين، مشيرًا إلى أن المجلس يرى أن هذه المدة غير كافية، ولا بد ألا تقل عن شهر حتى يتم فحص أي طلب بعناية واستيفاء جميع أوراقه ومستنداته، لافتًا إلى أن جميع أعضاء «الأعلى للإعلام» يرحبون بباقى المواد التي وردت باللائحة التنفيذية.
الزراعة التعاقدية
قانون الزراعة التعاقدية، من أوائل القوانين التي أصدرها مجلس النواب، وصدق عليه رئيس الجمهورية، في عام ٢٠١٦، وتوسم الفلاحون خيرًا بإصداره، ولا سيما أن مواد جاءت في صالح صغار الفلاحين ومحاربة للاحتكار، ويمثل حجر الأساس في إعادة ارتفاع الإنتاج الزراعي في مصر، إلا أنه أحيانًا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبعد مرور ما يزيد على ٣ سنوات لم تصدر الحكومة اللائحة التنفيذية للقانون، وأصبح القانون قيد الأدراج.
بدوره قال فريد واصل، نقيب المنتجين الزراعيين: إن قانون الزراعة التعاقدية، يحل المشكلات للمحاصيل خاصة الاستراتيجية منها، التي يصعب تسويقها على صغار المزارعين، مضيفًا أن صدور قانون الزراعات التعاقدية بناءً على مطلب الفلاحين لحل أكبر مشكلاتهم، ولكن لم يتم إصدار اللائحة التنفيذية للقانون حتى الآن.
وأشار إلى أن أهم المعوقات التي تواجه تطبيق قانون الزراعات التعاقدية، هو المشكلة المالية والتأخر من قبل وزارة المالية، وهو ما يفسر تأخر إصدار اللائحة، خاصة أن تطبيق هذا القانون يحدد أسعار المحاصيل قبل زراعتها، وبالتالى لا نستورد كميات كبيرة من المحاصيل، ونعتمد على الإنتاج المحلي، كما يعتمد تطبيقه على الجمعيات الزراعية بكل محافظة، مطالبًا الحكومة بمراعاة توفير ميزانية جيدة لتطبيق هذا القانون، بحيث يستفيد كل الأطراف، بعيدًا عن جشع التجار في التسعير مع تشديد الرقابة عليه.
دستوريًا، قال المستشار محمد نور الدين علي، الفقيه الدستوري: إن القوانين التي لم يصدر عنها لوائح حتى الآن من حيث الإجراءات الشكلية، ليس بها خلاف دستوري، ولا سيما أنها صدرت من خلال مجلس النواب، الجهة المعنية بإصدار القوانين، وبالتالي لا يجوز الطعن عليها أمام الدستورية العليا.
وأضاف أما من حيث الموضوع، فيتم الطعن على اللوائح والقوانين، ليس لتأخر صدورها، ولكن إذا أخلت في أحد موادها بنص من نصوص الدستور، يتعلق بمبدأ تكافؤ الفرص، أو الحريات العامة وخلافه، بالمخالفة لنصوص الدستور، ولكن هناك إجراءات أخرى أمام البرلمان، لمعاقبة الحكومة على تجاوز المدة التي حددها القانون لإصدار اللائحة التنفيذية، تصل إلى حد سحب الثقة من الحكومة، وأشار «نور الدين» إلى مجموعة من هذه الإجراءات، منها، تشريع تفسيري، يصدره البرلمان، يفسر مواد القانون الذي صدر باعتباره صاحب الاختصاص الأصيل، لافتًا إلى أن من ضمن الإجراءات أيضًا، استجواب البرلمان للوزارة المعنية، لتوضيح أسباب تأخر إصدار اللائحة، والتي ربما تتعلق بمدى تطبيق القانون على أرض الواقع، لافتا إلى ضرورة عدم الإسراف في إصدار اللوائح، لأنها في أغلب الأحيان تأتي مغايرة لما تتضمنه مواد القانون.
نقلا عن العدد الورقي...