رئيس التحرير
عصام كامل

"قوس قزح".. خطة الإخوان لحرمان "ترامب" من الولاية الثانية.. الجماعة تحاول منع الرئيس الأمريكي من إعلانها "إرهابية" بسلاح "المثلية الجنسية".. والمجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية طريق حشد مليون ناخب

فيتو

«الاغتيال».. كثيرا ما كان السيناريو المفضل لجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، على مدار تاريخها منذ لحظة التأسيس في عام 1928 وحتى وقتنا الحالى، وتنوعت أدوات الجماعة في استخدام هذا السيناريو، فتارة تلجأ إلى الاغتيال المعنوي، القائم على التشويه ونشر الشائعات ضد أي فرد، أو كيان، يقف في مواجهة أكاذيبها، وتارة أخرى يكون الاغتيال المادى حاضرًا، فالجماعة التي تتقن استخدام «لسانها» تعرف جيدًا كيف تستخدم يدها في القتل والتدمير والإفساد في الأرض.


لجوء "الإرهابية" للاغتيال
محطات تاريخية كثيرة تشهد على لجوء الجماعة الإرهابية إلى «الاغتيال»، والغريب هنا أن «الإخوان» التي ظلت تستخدمه كسلاح يصلح للاستخدام الداخلى، في مصر وبعض الدول التي كان لها تواجد فيها، أصبحت تلوح به في وجه الإدارات الحاكمة الغربية، ولعل ما تشهده العلاقة المتوترة بين الجماعة من جهة وإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، خير دليل على ذلك، فالأخير يتجه قدمًا لإعلان الجماعة إرهابية، ومنذ دخوله البيت الأبيض يحاول بشتى الطرق الشرعية والممكنة الوصول إلى وضع الجماعة في القوائم السوداء، وبقراءة المعطيات الراهنة يتضح أن «ترامب» أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هذا.

سلاح "الاغتيال المعنوي"
في المقابل، لم تلجأ الجماعة إلى سلاح «الاغتيال المعنوى» مباشرة منذ بداية معركتها مع «ترامب» ورجاله في البيت الأبيض، لكنها – وكعادتها – بدأت في استخدام أسلوب المداهنة والمواءمة، وعندما فشل هذا الأسلوب، كشرت عن أنيابها وبحثت في ترسانة أسلحتها وأخرجت «سلاح الاغتيال»، ولن يكون صعبًا على الجماعة، ‏إيجاد الحجة الفقهية، التي تسبغ القداسة والشرعية على ما تفعله، لذلك تسعى الآن لضرب حملة «ترامب» الانتخابية، وتحاول جاهدة بكل ما تمتلك من قوة دفع المسلمين ‏الأمريكيين إلى الحشد، لتحقيق هذا الهدف، حتى لا يحقق الرئيس الأمريكى تعهده بإعلان «الإخوان» تنظيما إرهابيًا، بكل ما يعنيه ذلك من موت الإخوان، وإحالتها إلى متاحف ‏التاريخ. ‏

بالطبع.. لا تقول الجماعة إنها تحاول عرقلة «ترامب» من أجل مصيرها الشخصي، فهذا لن يضمن لها إلا أصوات أتباعها، والمتعاطفين معها، كما أنها لن تجد رسالة ‏الحشد المناسبة، لإبعادها عن غضبة الرئيس الأمريكي «متقلب المزاج» الذي يمكنه قلب الطاولة عليها بأسرع مما يمكن، إذا عرف أنها تكيد له، وتحاول شحن نفوس ‏نسبة لا يستهان بها الآن من الشعب الأمريكي ضده، لذا تستعد لتدشين حملات، بحسب مصادر تحدثت إليها «فيتو»، تبعدها عن موقع الحدث، وتؤكد أن «ترامب» في دعاية الفترة الجديدة له ‏سيحاول استقطاب شرائح مختلفة وعلى رأسهم المثليين، والضغط على الدول العربية للسماح للمثلية الجنسية، التي لا تتفق مع الشرائع الإسلامية والأعراف العربية، ‏وبالتالي ينبغي إيقافه مبكرًا. ‏

بالونات الاختبار
المعلومات التي تخرج من الإخوان، دائما ما تسبقها تسريبات يمكن وصفها بـ«بالونات الاختبار» التي تحاول من خلالها جس النبض، وهو ما حدث في أكتوبر الماضي، عندما كتب عامر شماخ، القيادي ‏البارز بالجماعة، مقالا على موقع الجماعة، يحذر فيه من الدعم المتزايد لمجتمع المثليين والزواج المثلي في الغرب، وبالطبع أكد أنه انحراف يتناقض الطبيعة ‏الإنسانية والأديان التوحيدية، ولا ينبغي السماح له بالمرور في المنطقة. ‏

مقال «شماخ» كان يتحدث عن المرشح الرئاسي الديمقراطي المحتمل بيت بوتيجيج، وهو شاب مثلي، يمكن أن يحول المعادلة في أمريكا، كما نجح أوباما من قبل، ‏وكان أول رئيس أسود يتولى الرئاسة في تاريخ الولايات المتحدة، ولعب الرئيس السابق على هذه القيمة الإنسانية للأمريكان، من أجل إظهار مدى ما تؤمن به ‏الولايات المتحدة من عدالة ومساواة في الفرص بين الجميع، لذا من المتوقع أن يحذو «بوتيج» حذوه، وهذا سياق آخر، لكن الغريب في الموضوع، أن الجماعة أبعدت ‏ضرباتها فجأة عن الرئيس المثلي المحتمل، وركزتها على «ترامب»، بحجة أنه سيزايد على المثلي الشاب باستقطاب أنصاره، وبالتالي إعادة انتخابه يمكن أن ‏يؤدي إلى حملة من الضغط المضاد على الدول العربية لقبول مجتمع المثليين بشكل طبيعي!

فلسفة الجماعة التي تبحث عن مدخل للترويج لها، تعتبر أن القادة العرب سيستلمون لمثل هذه الضغوط، نظرًا لقوة ترامب، وأساليبه غير المسبوقة، في فرض ما ‏يريد، بما في ذلك الحرب التجارية، وهنا مكمن التآمر الإخواني على ترامب، فبدلا من الابتعاد عن «بوتيج» في خيارات المسلمين، تضرب على من سيحارب بسلاحه، ‏ولكنه الأقوى بالطبع! ‏ولن تنسى الإخوان، اللجوء إلى خلطتها التي لا تجيد سواها، بالضرب على أوتار بعينها، في بناء حملتها لشن حرب تشويه على ترامب، فهو الرئيس الأمريكي ‏المتطرف الذي يثير قلق العالم، وخاصة المسلمين، بجنونه وقراراته الغريبة، والذي لا يستبعد وهو يواجه في المستقبل رئيسًا أمريكيًا محتملا، مثلي الجنس تزوج ‏لمدة عام من شريكه جوستين، وأعلن الاثنان بالفعل أنهما يريدان بناء عائلة، وهي معضلة يجب حلها، ليس بمواجهة المتهم نفسه، ولكن بمواجهة ترامب الذي يرغب ‏في الحصول على أصوات بوتيج.

المثليون في أمريكا
وتعلم الجماعة، أن المسلمين الأمريكيين على علم بانتشار المثليين في أمريكا، وزيادة عددهم عدة مرات خلال السنوات الماضية، وفق عدد من استطلاعات الرأي، ‏التي أكدت أن عدد الأمريكيين الذين يدعمون المثلية الجنسية، ارتفع من 3٪ عام 1990 إلى 20٪، بحسب فحص معهد وليامز، التابع لكلية الحقوق في جامعة ‏كاليفورنيا، وحصل المعهد على النتائج الصادمة من استبيان خاص، أكد أن عدد سكان الولايات المتحدة المثليين أصبح نحو 11.3 مليون شخص، فضلا عن أن ‏‏50 ٪ من الأمريكيين، يؤيدون المثليين ويعترفون بهم، هذه القضية الذهبية، التي أوقعها القدر أمام الإخوان، للتآمر على ترامب والخلاص منه، تجعل من استقطاب المسلمين الأمريكيين لهذه الدعاية، حلا سحريًا بعيدا تماما ‏عن أزمة الجماعة الداخلية، وخاصة أنهم قوة لا يستهان بها.

المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية
ويبلغ عدد المسجلين المسلمين، في جداول الناخبين، أكثر من مليون ناخب، وتعرف الإخوان ‏والتيارات الدينية كيف تحشدهم دينيا، عن طريق سيطرتها على المجلس الأمريكي للمنظمات الإسلامية، وهو عبارة عن كيان يضم أكثر من عشرين منظمة مناصرة للدعوة الإسلامية، وسبق له الاستعراض بقوته خلال حملة ترامب الأولى بعدما أبدى توجهات معادية لهم، ‏واستمرت الحملة لمدة عام كامل، واستطاعت الجماعة خلاله، تعبئة المجتمع الإسلامي في أمريكا ضد ترامب، عبر الحشد في المساجد، والمدارس، وخاصة في المقاطعات ‏الأكثر اكتظاظًا بالسكان والناخبين المسلمين، مثل كاليفورنيا، وفلوريدا، وإلينوي، ونيويورك، وتكساس، وفرجينيا، والمثير أنه دائما ما يشارك المسلمون الأمريكيون ‏في الفعاليات الانتخابية بأكثر من 86 % من عدد المتاح لهم حق الانتخاب، وترتفع النسبة عندنا يتعلق الأمر بأزمة وجودية، أو قضية تتعارض مع هويتهم الدينية ‏الأم.
‏‎ ‎
الكارت الإخواني، الذي ستناور به الجماعة قريبًا، وظهرت مؤشراته، يركز على موضوع المثلية، باعتبارها ظاهرة منتشرة على نطاق واسع، ومجرد الضغط لإباحتها ‏في مجتمعات إسلامية، يعني زوال الإسلام للأبد، وتشير الجماعة في خطورة ما تحذر منه إلى التحدث عنه علانية في جميع الدول الغربية دون استثناء، بجانب أن ‏القضية بالفعل أصبحت واحدة من حقوق الإنسان، وأحد أهم أهداف السياسة الخارجية للدول الغربية، التي أقرت 18 دولة منهم زواج المثليين، وبالتالي أصبحت المثلية، تمثل ‏أولوية قصوى، في قياس استقرار المجتمعات، لأغلب الهيئات الدولية، مثل الأمم المتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة العفو الدولية.

كما بات تحرير المثليين مبدأ رئيسيًا في ‏جدول أعمال حقوق الإنسان، ويتم الضغط بهذا الملف على الأنظمة والحكومات المختلفة، وابتزازها أحيانا به، وتلعب الجماعة، بملف صعود قادة خمس دول، وهم أيسلندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، وأيرلندا، وصربيا، إلى سدنة الحكم، رغم انتمائهم لمجتمع المثليين، وهؤلاء ‏يشكلون مركزة قوة كبرى، في دفع الغرب لتأييد المثليين، ومزدوجي الميل الجنسي، ومعهم قوى ضاربة في مراكز صنع القرار من رؤساء وزراء، ومئات المسؤولين ‏من مثلي الجنس، الذين استخدموا سلطتهم مؤخرًا، لتمرير قوانين بمختلف القضايا المرتبطة بهذه الظاهرة، مثل الاعتراف الرسمي، بحق جراحة إعادة التنازل عن ‏الجنس، والعلاج الهرموني، فضلا عن عشرات التشريعات الدولية، لمكافحة الاضطهاد والتمييز ضد المثليين جنسيًا.‏

الكارت الذي تحاول الإخوان استخدامه، ضد ترامب في وقت شديد الصعوبة، تضع موقفها الديني والأخلاقي الثابت منذ عشرات السنوات، كتبرير لعدم استخدامه خدمة ‏لأغراضها، كما هي عادتها في المتاجرة بأي شيء، وبالتالي على الناخب الأمريكي المسلم، الذي أخضع نفسه منذ عشرات السنوات لقيادة الجماعات الدينية في ‏أوروبا والولايات المتحدة، ودعاياتها الدينية، مواجهة أي محاولة لإعادة إنتاج المثلية بشكل قانوني في بلاد المسلمين، من خلال الحشد ضد رئيس فريد من نوعه، ولا ‏يقف أمامه أحد مثل ترامب، لو اختار الترويج لهذا الملف، لخطف أنصار منافسه، ولإسباغ المصداقية على ما تروجه، ستشير إلى ما حدث في سبتمبر 2017، عندما ‏أقام المثليون جنسيًا، احتفالًا عامًا في القاهرة حضره المئات، وتم التلويح آنذاك بأعلام قوس قزح، وبعد ضغوط مجتمعية، حاصرت السلطات المجتمعين، واعتقلت العديد من المشاركين، لكن تم إطلاق سراحهم بعد الضغط عليها ‏من الغرب، وسمحت لهم بمواصلة التعبير عن أنفسهم، ونشر آرائهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي تحذر الجماعة الناخب الأمريكي المسلم من مصير ‏مشابه للبلدان العربية، بما حدث في لبنان، حيث بدأت الظاهرة بهدوء، ولكنها أصبحت الآن مكانًا للقاء المثليين من أوروبا والشرق الأوسط، على حد خيال الدعاية ‏الإخوانية. ‏

قبضة حديدية
الأفكار الشيطانية التي تنتجها الجماعة من سياقات الواقع، لخدمة أهدافها، وتتآمر على رئيس أكبر دولة في العالم، يراها الدكتور عبدالله الطاير، جزءا من أيدلوجية ‏لا تمل من محاولة احتكار الدين، ويعتبر الباحث ما يحدث الآن من الجماعة، في مثل هذه الملفات، تبريرا واقعا، يشرح لنا، لماذا يصرف عليها بسخاء من بعض البلدان، حتى تصبح قبضة حديدية، ‏يضربون بها المجتمعات التي ترفض استبدادهم الديني، وأفكارهم الفاشية، حتى لو كانت أقوى بلدان في العالم، وهو صلب المشروع الإخواني، على حد قوله.

نقلا عن العدد الورقي... ‏
الجريدة الرسمية