لا تلُم الخنازير!
أحد أكثر الأشياء التي تقفز إلى تفكير المرء بشدة، إذا ما صادف في مشوار حياته من نصب عليه، أو ظلمه، أو خانه، أو وشى به ليتسلق على أكتافه، أو كذب عليه، أو غدر به... إلخ هو رغبته الشديدة في الانتقام ممن انتهج معه أي من هذه الأفعال السيئة، وهو لا يعلم أنه بهذه الطريقة في التفكير يضر نفسه بصورة أكثر بكثير من الذي يريد أن ينتقم منه، لأنه سيخصص حينئذ جزءًا كبيرًا من وقته وجهده وروحه في هذا الاتجاه غير الحميد.
قل لنفسك دائمًا يا صديقى إن الانتقام وتصفية الحسابات ليست أبدًا من صفات النابهين والحكماء، حوِّل طاقة الانتقام الجبارة التي بداخلك إلى دافع هائل للتفوق والنجاح، واعلم، تمام العلم، أنك لو تصارعت مع خنزير فستكون أنت الخاسر الأكبر، لأنك ستتسخ من أدرانه، وستنهك وتضعف قوى عقلك وروحك، والأسوأ من كل ذلك أن هذا الخنزير سيكون سعيدًا للغاية في النهاية أنه نجح في أن يدفعك إلى منازلته.
تعلم ألا تلومَ الخنازير أبدًا مهما فعلوا، ولا تعطهم من روحك مهما أساءوا، فقط اتركهم خلفك بلا أسف، وأسقطهم من حساباتك دومًا، وامح أسماءهم وجميع تفاصيلهم من ذاكرتك، لأنك حين تلومهم وتنشغل بالتفكير فيهم تعطيهم حينئذ جزءًا من حياتك ومستقبلك.
اعلم أن الروح لا يمكن أن تتسع للإنجاز والهدم في آن واحد، وأن العقل كذلك لا يمكن أن يفكر في العمل والانتقام في آن واحد أيضًا.
المفكر الفرنسى العظيم "جان جاك روسو" أخبرنا عن الأسلوب الذي كان يتبعه ليكبح جماح نفسه عن رغبتها في الانتقام حيث يقول: "حين أرى الظلم في هذا العالم، أسلى نفسى بالتفكير في أن هناك جهنم تنتظر الظالمين".
نعم يا صديقى تسامح.. تسامح.. ولا تخبرنى أن الخنزير لا يستحق أن تسامحه، وثق أن تسامحك معه سيفيدك أكثر مما يفيده، لأن أشواك الماضى لن تدمى سواك، ودع الانتقام للمنتقم الجبار الذي لا يغفل ولا ينام، وتفرغ أنت لجبر روحك والارتقاء بفكرك وعقلك، وتحقيق كل طموحاتك وآمالك، وتأكد دائمًا أنه ليس أقسى على الظالم من رؤية نجاح، وتقدم من حاول أن يكسره بظلمه.