صلاح قبضايا يكتب: رسالة إلى جبرتي الأحرار
في باب "أسبوعيات" كتب الدكتور صلاح قبضايا مقالا في جريدة الأحرار عام 2007 تحت عنوان "رسالة إلى جبرتى الأحرار" قال فيه:
هذا هو أول مقال أكتبه في بداية السنة الثلاثين من عمر جريدة الأحرار، وقد رأيت أن أهديه إلى الزميلة ثناء الكراس مساعد مدير التحرير التي يصفونها بجبرتى الأحرار بعد أن تصدت لمسئولية التأريخ لهذه الجريدة، والتى قرأها قصة طريفة حول طباعة العدد الأول من هذه الجريدة العريقة في 14 نوفمبر عام 1977.
دارت أحداث هذه القصة في مبنى أخبار اليوم يوم 13 نوفمبر 1977 كانت هذه الليلة التي شهدت مولد أول صحيفة معارضة في مصر وهى "الأحرار" حيث انتقلت إلى مبنى أخبار اليوم لمتابعة طباعة العدد ووضع اللمسات الأخيرة للصفحة الأولى.
وكان الموضوع الرئيسى يتهم رئيس الوزراء بالإهمال وتبديد المال العام ويبشر باستجوابه في مجلس الشعب باعتباره مسئولا عن الكارثة التي أصابت محصول القطن في مصر حيث يمثل رئيس الوزراء ـــ ممدوح سالم ــ الحكومة بأكملها التي تضم الوزارات المسئولة عن الكارثة الزراعة والصحة والرى والمحليات وأن يواجه الاتهامات بصفته وشخصه.
كان توجيه اتهامات من هذا النوع إلى رئيس الوزراء يشكل سابقة تاريخية لم تشهدها مصر منذ ثورة 1952، ووضعت ذلك ضمن العناوين الرئيسية للصفحة الأولى وهو ما يعرف بالمانشيت، وذهبت بنفسى ومعى الموضوع إلى قسم الجمع بمطابع الأخبار التي تعاقدنا معها على طبع جريدتنا الوليدة وتسديد تكاليف الطباعة مقدما.
قدمت الموضوع إلى الطوخى كبير أسطوات الجمع بمطابع أخبار اليوم طالبا سرعة جمعه، وضع الطوخى الأوراق فوق الطاولة بجواره، وكان الجمع في تلك الأيام يتم على أجهزة اللينوتيب والانترتيب الساخنة حيث تتحول المادة المكتوبة إلى سطور منفصلة من الرصاص المصبوب بحروف مقلوبة ويجرى رص هذه السطور داخل أطر من الصلب تتحول بعدها إلى حروف معتدلة بعد نثر الحبر فوقها وانعكاسها على الورق.
تركت الموضوع الرئيسى بين يدى الطوخى وعدت إلى مكتب في المطبعة مخصص لنا ليلة الطبع لمراجعة البروفات النهائية للعدد، وبينما أوقع على البروفات فوجئت بالأسطى حسن نحاس رئيس المطبعة مهرولا نحوى وقد أحكم قبضته على أوراق يدسها في يدى وهو يهمس لى محتجا على أن غير مقبول من أمثالى تقديم موضوعات خيالية إلى الجمع في وقت الذروة داخل المطبعة.
وقال لى أن الطوخى رفض جمع هذه المادة محتجا بصوت مرتفع على هذا الهزار والعبث، وتجمع عمال المطبعة للاطلاع على الأوراق التي تتطاول على رئيس الوزراء بكلمات غير قابلة للنشر.
لم يصدق صاحبنا أن مانقوم به ليس هزلا وأنه ما سينشر بالفعل في العدد الذي سيتم طبعه، واتجهت إلى مكتب الأستاذ موسى صبرى رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار طالبا منه التدخل لدى عمال المطبعة الذي سارع بالاتصال بمدير عام المطابع سعد عبد العليم وأمره بإلزام عماله عدم التدخل في أعمال جريدة المعارضة المتعاقد على طباعتها وأن المطبعة ليست مسئولة عما ينشر بها.
تم طبعة العدد كما أردنا متضمنا المانشيت الذي يتهم رئيس الوزراء، وأتمنى أن تضم الزميلة ثناء الكراس هذه القصة الطريفة إلى ما معها من أوراق لتظل جديرة باسم جبرتى الأحرار ونسأل الله عز وجل لنا ولها العافية.