انتخابات في الجيش!
صدمة كبيرة انتابتنى هذا الأسبوع إثر صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بإلزام المشرع بالسماح لضباط الجيش والشرطة بالتصويت في الانتخابات المقبلة، فالحكم سيفتح الطريق أمام توريط القوات المسلحة في الصراع السياسي بشكل غير مسبوق، فضلًا عن أنه يجعلنا ندور في دائرة مفرغة لا نهاية لها.
فالمرجح عدم موافقة مجلس الشورى على قرار المحكمة والتعديلات التي طلبتها على مشروع مباشرة الحقوق السياسية لأن هذا يضر بالأمن القومي وتماسك الجيش والشرطة، وبالتالى إذا أعاد "الشورى" المشروع إلى "الدستورية" دون تعديلات سيتم رفضه مجددا، ما يؤدى إلى عدم إجراء انتخابات مجلس النواب.
كما أن الحكم يثير العديد من الأسئلة من نوعية: كيف ستتم عملية التصويت؟.. هل يتم افتتاح مراكز للاقتراع بالثكنات العسكرية وأقسام الشرطة؟.. هل يزور المرشحون في الانتخابات وحدات الجيش والأمن للدعاية لأنفسهم؟.. ومن يتحمل مسئولية تأمين الانتخابات وحراسة الوطن عموما، إذا كان الجميع مشغولا بعملية الاقتراع؟
وإذا كان البعض يرى أن تصويت ضباط الجيش والشرطة كان معمولًا به حتى عام 1972 حتى صدر تعديل على قانون مباشرة الحقوق السياسية بإعفائهم من أداء التصويت، فإن مصلحة الوطن – في رأيي المتواضع – تقتضى ألا يحدث هذا الآن، فمصر لا تزال في حالة مخاض ديمقراطي بعد ثورة 25 يناير المجيدة، وهناك من يحاول توريط الجيش في الصراع السياسي وسط حالة استقطاب شديدة.
والحقيقة أننى لست من أنصار فكرة المؤامرة وأن المحكمة الدستورية تسعى لإشعال البلاد، والزج بالجيش والشرطة في أتون المعارك السياسية، كما يرى فريق آخر، فالمحكمة استندت إلى نص في الدستور الحالى يقر بالمساواة بين جميع المصريين في مباشرة الحقوق السياسية، ولم تخترع نصا دستوريا، وبالتالى فإن السعى لحل هذه المعضلة الدستورية يتطلب عقد مؤتمر على مستوى رفيع بين فقهاء الدستور وقيادات الحزب الحاكم وممثلين عن الجيش والشرطة برعاية رئيس الدولة لبحث سبل حل هذه الأزمة.
وأتصور أنه من المهم أيضا تشكيل لجنة لبحث الثغرات الموجودة في مواد الدستور حتى لا نصطدم مستقبلا بمشروعات قوانين تخالف الدستور، ويجب أن يتم تدارك مثل هذه الأخطاء بإجراء مجلس النواب القادم تعديلات على الدستور تسبر أغواره وثغراته.