رئيس التحرير
عصام كامل

أنيس منصور يكتب: رجال الغد

فيتو

في كتابه (معنى الكلام ) كتب الكاتب الكبير أنيس منصور تحت عنوان "من الأخطاء" يقول:
مئات الألوف من الشبان سافروا ويسافرون إلى الخارج، والسفر إلى الخارج هو بعثة دراسية حرة، ولأنها حرة فهى ممتعة، ولن تظهر نتائجها اليوم أو غدا، ولكن سوف تظهر نتائجها حتما فهؤلاء الشبان هم رجال الغد.

مدرسوه ومهندسوه وأطباؤه وجنوده وضباطه وحكامه وأزواجه وآباؤهم.. وما داموا قد رأوا الدنيا فإنهم لن يحرموا أولادهم منها وما داموا قد رأوا الأفضل فسوف يتطلعون إلى كل ما هو أروع وأنفع لبلادهم ومستقبلها، وسوف يقارنون بين بلادهم والبلاد الأخرى وسوف يعرفون لماذا تتقدم الشعوب ولماذا هم بيوتهم نظيفة وشوارعهم وملابسهم ولماذا هم متحضرون ثم كيف نكون مثلهم؟

سوف يدركون أن الإنسان هو الإنسان في كل مكان وأنه من الممكن أن يكون متحضرا، وأن الوطنية لها ألف معنى، وليس معناها فقط أن يتحول الإنسان إلى لسان طويل يدافع عن بلده.. وإنما الوطنية عمل متواضع في أي موقع.

ولأنهم شبان صغار ولأن تجاربهم في الحياة المستقلة محدودة لذلك من الممكن أن يخطئوا ـــ ولا أحد لا يخطئ ـــ وقد وقعنا في مآزق كثيرة عندما سافرنا إلى الخارج لأول مرة.

لكن الإنسان يتعلم من أخطائه ةمن أخطاء الآخرين، وهى أخطاء يقع فيها بحسن نية، وهى أخطاء ضرورية بالنسبة للتجربة الأولى والمرحلة الأولى.

لكن هناك بعض الشبان عندما يجدون أنفسهم وحدهم فإنهم ينفلتون تماما ولا أحد يستطيع أن يوقفهم ن فإذا حاول أحد تمادوا في ذلك وهذا الطراز من الشبان هو الذي يضر بنفسه وبسمعة بلده وهو الذي يستحق العقوبة.

وأنا أعرف عشرات الأمثلة الضارة.. ولذلك فأنا أؤيد معاقبة كل من يسيء إلى مصر، وأقصى عقوبة ألا نسمح له بالسفر مرة أخرى.. وأعتقد أن الحرمان من السفر هو أقصى درجات العقاب لشاب يرى ويريد أن يرى أكثر، فليس من حق أي شاب أن يسيء إلى كل شباب مصر وإلى كل مصر.. فهذه جريمة لا تستحقها مصر من واحد من أبنائها.
الجريدة الرسمية