علاء الغرباوي: التحول الرقمي بوابة الدول للعبور إلى المستقبل
قال الدكتور علاء الغرباوى - أستاذ التسويق ووكيل كلية التجارة جامعة الإسكندرية أنه استعدادًا لاستقبال الجيل الخامس من التكنولوجيا الذي من المتوقع أن يقود الأعمال، وخاصة مجال التجارة الإلكترونية إلى عالم لم يخطر على عقل بشر. وفي هذه الأجواء القلقة بدأت الدول والحكومات والمنظمات حول العالم تهتم بالتوجه نحو الرقمية Digitalization منذ أن أطلق وزراء 75 دولة في منظمة التجارة العالمية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" مطلع 2019 محادثات لتنظيم التجارة الإلكترونية التي تضاعفت بأكثر من كل التوقعات لكي تصبح أكثر قابلية للتنبؤ، وأكثر فاعلية وأمنا. ولأن التجارة الإلكترونية بدأت من خلال تسهيل بيع المنتجات على المواقع الإلكترونية للشركات العالمية حتى أصبحت أسواقا ضخمة اليوم، ثم ظهرت العملات الرقمية مثل البيتكوين والبلوكتشين، وأصبح النموذج البنكي مختلفًا عن الماضي، خاصة مع تنامي ظواهر تنفيذ الأعمال التجارية من خلال الهواتف الرقمية دون الاستناد إلى حسابات بنكية تحت إشراف حكومي. ولذلك فنحن أمام اقتصاد جديد تماما، اقتصاد تمت تسميته رسميا "الاقتصاد الرقمي" حيث يوصف بأنه المصدر الجديد للنمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية في كل البلدان. ولذلك خصصت الجامعات الأمريكية والأوروبية ميزانيات ضخمة لتطوير المحتوى التعليمي وابتكار تخصصات جديدة تتناسب مع الاحتياجات الجديدة لسوق العمل اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي AI، وإنترنت الأشياء IOT، وتحليل البيانات الضخمة Big Data.
وأضاف أنه يمكن وصف التحول الرقمي بأنه السعي إلى تحقيق استراتيجية الحكومات والمنظمات وتطوير نماذج الأعمال والتشغيل المبتكرة والمرنة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا، وتطوير المواهب، وإعادة تنظيم العمليات، وإدارة التغيير لخلق قيمة وخبرات جديدة للمستفيدين والموظفين وأصحاب العلاقة أو المصالح.
وتابع، أنه سمعنا من قريب عن مصطلح المدن الذكية، والآن يمكن القول بأن هناك دولًا ذكية، وعالمًا ذكيًا أيضا. حيث تشهد التقنيات الرقمية تطورا متسارعا، ربما يفوق في تسارعه ما شهدته في تطورها السابق حتى الآن. وهي لا تكتفي بالربط الشبكي وتبادل المعلومات بين الأفراد والمؤسسات والدول وخلق الروابط بينهما، بل تقدم مزيدا من الإمكانات التي تشمل أداء مهام مختلفة بدقة غير مسبوقة خاصة مع استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وهي في ذلك تغزو مجالات الحياة كافة، وتقدم الكفاءة والفاعلية والرفاهية. إضافة إلى ذلك، لا تخلو هذه الموجة من تحديات كثيرة تشمل سوق العمل والمنافسة الحادة ليس على مستوى الدولة فقط، بل على مستوى العالم بأسره. وعلينا أن نستجيب لكل ذلك ليس فقط بمنطق الاستجابة للفعل، بل بمنطق الفعل ذاته أيضا.
وأضاف أنه على مستوى مؤسسات الأعمال فشلت العديد من الشركات مثل كوداك، وهي شركة متعددة الجنسيات تعمل في مجال التصوير وصناعة الأفلام والكاميرات ومستلزماتها ومقرها الرئيسي في نيويورك. فبعد أن قضت أكثر من 100 عام من النجاح والنمو فشلت بسبب إغفالها التطور الرقمي في صناعة الكاميرات وبطء تحركاتها الاستراتيجية. وكذلك فشل شركة توماس كوك الإنجليزية بعد قضاء ما يربو من 178 عاما في سوق السياحة والسفر العالمي في مجاراة منافسيها في استخدام مواقع السفر عبر الإنترنت مثل Expedia وBooking، ففي الوقت الذي انتقلت فيه حجوزات العطلات بشكل متزايد إلى الحجز الرقمي عبر الإنترنت، كانت توماس كوك ما تزال تعتمد على فروعها “المادية” وتقدم خدماتها للعملاء عبر الهاتف. كذلك لم تتطور توماس كوك بما يكفي لمجاراة تغير سلوك المستهلكين، ففي الوقت الذي يسعى فيه المسافرون إلى قضاء عطلة منخفضة التكلفة بالبحث عن الخيارات التي يرغبون بها بشكل منفصل وبأسعار تنافسية؛ كالطيران والإقامة والجولات السياحية، كانت توماس كوك ما تزال تعتمد على تقديم حزمة خدمات متكاملة أصبح الإقبال عليها في انخفاض، ولم تطور خدماتها.
رئيس البنك الأهلي المصري: التحول الرقمي يحتاج لتضافر جميع الجهود
ولذلك جاءت رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة، وتوجيهات الرئيس بضرورة الإسراع في التحول للمجتمع الرقمي لمواكبة التطورات المتسارعة في هذا الصدد. حيث تم تشكيل المجلس الأعلى للمجتمع الرقمي بقرار من مجلس الوزراء في عام 2015 لكي يتولى وضع المنظومة المتكاملة لبناء وإرساء قواعد إنشاء كيان قومي للمجتمع الرقمي ورسم السياسات والأولويات، ولكن ما زالت خطوات هذا المجلس بطيئة لتحقيق الهدف المنشود. كل ذلك يلقى مزيدًا من الضغوط على الحكومة لكي تطور من أداء وزاراتها وخدماتها وخاصة التعليم العالي، والتربية والتعليم، والصحة، والاتصالات، والتجارة والصناعة.... إلخ. لقد حان الوقت لمواجهة هذا التحدى وإلا سوف يعاني الاقتصاد المصري من تزايد حالات التعثر والإفلاس والتدهور في مؤسسات الأعمال بكل أنواعها، خاصة بعد أن بدأت مصر في جني ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي، حيث حققت الدولة نموًا ملحوظًا وصل إلى 5.6% ويتوقع أن يصل إلى 6% عام 2020 كما تحسنت المؤشرات الاقتصادية مثل انخفاض نسبة البطالة إلى 7.5% وكذلك نسبة التضخم 13.9%، وأيضًا ونسبة الفائدة، وسعر صرف الجنيه أمام الدولار.. إلخ، كما تحسن ترتيب في مصر في العديد من الإحصاءات وفقًا لتقرير التنافسية العالمية الأخير، وهو ما يجب أن نحافظ عليه ونسعى لتطويره.