رئيس التحرير
عصام كامل

عالم عديم المشاعر


فى عام 2008 كتبت مقالة بعنوان" صورة هزت الضمير العالمي" تلك التي التقطها المصور الفيتنامي "نك أوت" وفازت بجائزة بولتزر في شهر يونيو من عام 1972 كانت الصورة للطفلة "كيم فوك" الفيتنامية البالغة من العمر آنذاك 9 أعوام، وهى تركض هاربة من بلدتها (محترقة) بعد هجوم بقنابل النابالم شنه الجيش الأمريكي".


تلك الصورة المؤلمة المعبرة بكل عمق على كم الظلم والطغيان الذى أصاب الأطفال الصغار وهم يحرقونهم بقنابل النابالم .... هزت المجتمع الأمريكى.. مما أدى إلى انسحاب الجيش والعتاد إلى أراضيهم حاملين الخزى والعار وذكرى مؤلمة فى نفوس الشعب الأمريكي بخاصة والضمير العالمي بعامة.

مر الإنسان بمراحل عديدة من البدائية إلى أن وصل إلى المرحلة الحالية فى أوائل القرن الواحد والعشرين فمن الطبيعى أن تسمو المشاعر الإنسانية على الصعيد الفكري والاجتماعي والنفسي .... وأن ما كان يمارس فى القديم من انتهاكات ضد بعضنا البعض يعد فى الوقت الحالى بمثابة جنايات ..... وعلى هذا المقياس تقاس كل الانتهاكات ضد البشر فالشيفونية الشديدة من الممكن أن تصنف أنها نازية، خاصة إذا كانت مقترنة بأعمال تصفية عرقية وتسبب إيلامًا نفسيًا أو اجتماعيًا لفئة من البشر وتخضع لجرائم الكراهية المنصوص عليها فى مواثيق الأمم المتحدة .

فمع دخول الإنسان القرن الواحد والعشرين من البديهى أن يسمو الإنسان بالمشاعر.. فصورة الفتاة " كيم فوك " صنفت فى مثل هذا اليوم كجناية دولية... فهذا النوع من الجنايات لا يسقط بالتقادم ولكن للأسف الآن انحدر العالم أخلاقيًا واجتماعيًا وسياسيًا وأصبحت المصالح فقط هى الدافع الوحيد للتفاعل البشرى والدولى .

ورغم فجاجة الانتهاكات الحالية فى بقاع العالم المختلفة إلا أن العالم قد أصابته بحالة من التبلد في المشاعر.. فأطلقت أسماء متعددة على الانتهاكات ربما لتجميلها بصبغها بصغة شرعية أو لتحليلها . فنسمع بلا خجل عن جهاد النكاح " سفر 14 شابة من تونس لتشاركن فى جهاد النكاح " بدعوة تفرغ المجاهدين لإسقاط النظام السورى ... على هذا المقياس تتغير مسميات الأحداث والتوصيف الحقيقي لهذا الحدث ( حفلة جنس جماعي  أو دعارة جماعية ...) أطلقوا عليها نكاح الجهاد !!!

ونتابع أعمال القتل وسفك الدماء للمخالفين فى الدين يطلقون عليها جهادًا!!! ....فخطف القاصرات القبطيات تحت بند نشر الدين ...!! ولكن ستظل الصورة أكثر قتامة فى التاريخ صورة " مجاهد " سورى - أبو صقر - وهو يشق صدر أحد الجنود السوريين ليخرج قلبه ويقدم صورة للجميع أن هذا العمل الوحشي هو واجب دينى ويحاول تفنيد هذا العمل الإرهابى فيسجل فيديو وهو على سجادة الصلاة يصلى ... فبعد انتهاء صلاته ...يدافع عن هذا العمل الهمجي اللاإنسانى مؤكدًا أنه عمل واجب !!!.

للأسف الفيديو المنتشر لم يحرك قلب العالم ولم تؤخذ قرارات ضد الفئة التى تطلق عدد من الدول والدويلات عليها أنهم الجيش السورى الحر بل للأسف هناك العديد من الغوغاء يطالبون الدول العظمى بإمداد هؤلاء السفاحين وسافكى الدماء بالسلاح ربما لنشهد مشاهد أكثر قبحًا وأعمق قتامة .

قديمًا صورة الفتاة الفيتنامية هزت العالم ..... أما عالم اليوم فملايين الفيديوهات لا تؤثر فيه لأنه أصبح عالمًا عديم أو متبلد الحس .

مرحبا بالقرن الواحد والعشرين الذى أثبت أننا نعيش عصر البداوة والانحطاط . وكأننا أسقطنا عنا آدميتنا وتخلينا عن إنسانيتنا .. فأطلق على أعمال الدعارة اللاأخلاقية نكاح الجهاد، وعلى التآمر وطنية والاغتيال تطهير واغتصاب وطن ديمقراطية .

بينما الواقع يؤكد أن القتل على الهوية تصفية عرقية والتنكيل بالآخر اضطهاد وبيع الوطن خيانة والندالة كل أعمال التيارات المتاجرة بالدين والخسة إخوان!!!!!.

Medhat00_klada@hotmail.com

الجريدة الرسمية