السياسة العربية قتلت شهيتي
المقامة البغدادية لبديع الزمان الهمذانى، تبدأ بالقول: حدثنا عيسى بن هشام قال اشتهيت الأزاذ وأنا ببغداد، (لغة فى بغداد ومثلها بغدان وغيرها) وليس معى عقد على نقد.
لو قلَّدتُ ما سبق لربما قلت: اشتهيت التمر وأنا فى مصر، أو اشتهيت البطاطس وأنا فى صفاقص، أو البطاطا وأنا فى غرناطة، أو المهلبية وأنا فى السعودية، أو البزَّاق وأنا فى العراق، أو الرمان وأنا فى لبنان. وهكذا...
غير أننى لم أشته شيئاً لأن السياسة العربية قتلت شهيتي، ورأيت أن أنتقل من الطعام الى واقع الحال الذى حال حتى أدخلنا فى المُحال. وهكذا مرة أخرى...
المقامة الفشلاوية
هذا زمن الفشل، فشل بحجم جَبَل. جاءنا على عَجَل، راكباً ظهر جَمَل. حلَّ وما ارتحل.
مصر أم الدنيا، ويُقال الدنيا «فُنيا»، ونحن راحت علينا، بعد أن كنا بين وبين، صرنا وغراب البين، ولطم الخدَيْن باليدين، وربنا يعين يا حسنين. وكل راجل غلبان، عنتر آخر زمان، شطارته على النسوان. ولا دَخْل ولا ماهيّة، الحالة هى هى، وغطينى يا صفيّة.
ليبيا «هباب». وكر إرهاب، فى كثرة الذباب، وأشرس من جياع الذئاب. وبعد ما خرَّب العقيد، القريب والبعيد، الحالة لا تنقص ولا تزيد، وإنما شعب على الحديد.
اليمن بعيد، اسمه اليمن السعيد، سعيد بضيق يدِّه؟ أو ببؤس يومه وغده؟ إرهاب يهد الظهر هدّ. برق ورعد، ولا مطر يملأ السد. الماء للقات، وأبوك السقا مات، هات إيدك هات، يا أبو الهمَّات.
سورية قلب العروبة. فتح عليها الشر دروبه، وكشَّر عن نيوبه، والأمة فى غيبوبة. هل ينقذ أهل الشام بطل همّام، أو هى أحلام؟ الأبطال نيام، وننتظر مَنْ فى الكهف بضع مئة عام.
العراق بلد الشقاق ولا ترياق. لا أكو ولا ماكو، يوم ابتلى بهولاكو، واليوم بيدّه هلاكه. بعد كربلا والنجف، وخير سلف وخلف، سقط عن حصانه الفارس، وصار الحكم لفارس، ريموت كونترول من قم، والزمان شُرُم بُرُم، ويا بو الهمم لا تنغمْ، الآتى أعظم.
فى لبنان الحق على الطليان. والروس والاميركان. ويشوفوا الفاضى مليان. لبنان نصّه لبناني، والنص التانى ايراني، وآخ منك يا زماني، راحوا إل كانوا إخواني، وجانا الفاتح دكاني، باع طرابلس وبعقلين، وبعلبك وبيت الدين، وبكره جبل صنين.
الأردن يا بو الدراويش. هايج بس مش عارف ليش. من دون موارد طبيعية، عنده من الفوسفات شوية، وعامل دولة نفطية. وعلى جنبه اسرائيل. يعنى بنت عزرائيل. ومن الوالد للولد، الكل صنعته النكد. النكد ملأ البلد.
وبفلسطين قوموا نعزّي. راحت القدس وغزة. وعكا هزمت نابليون، وسرقها إبن صهيون. وبين فتح وحماس، انقطعت أنفاس الناس. وكانت نابلس جبل النار، لكن بعد ما فار وثار، صارت الأرض للكفار.
ولا تسأل عن السودان. بعد واحد الآن إثنان. واحد فوق وواحد تحت، بلد كله بلا بَخت. يتقاتلوا على صحرا صفرا وقفرا نفرا.
أمة عرفت النعمة. رفستها صارت نقمة، وصارت تشتهى اللقمة. مَثَل ومنعيدو: إللى من إيدو الله يزيدو.
-نقلاً عن الحياة اللندنية-