مدد يا رسول الله.. كيف أحيا أبناء الطرق الصوفية ذكرى المولد النبوي؟
في تمام الثالثة إلا عشر دقائق من عصر اليوم السبت، انتهت شعائر صلاة العصر من مسجد الجعفري بحي الدراسة في منطقة الحسين بالقاهرة، كان الهدوء ما زال يخيم على المشهد بالرغم من الأعداد الهائلة التي كانت تتدافع على المسجد، الكل يقبل على المنطقة ذاتها مرددين "مدد يا رسول الله"، تنساب حبات المسبحة الخشبية بين يدي أحدهم، في حين يتساءل آخر "هو فيه إيه والدنيا زحمة هنا في المنطقة ليه؟" فتأتيه الإجابة على وجه السرعة من الطرف الآخر "دي مسيرة عاملينها أتباع الطرق الصوفية بمناسبة مولد النبي".
دقائق قليلة وبدت الأعلام الخضراء والحمراء ترفرف عالية في محيط المسجد، هتافات وأغنيات في حب الرسول تأتي عالية من جانب ما بالمسيرة، حيث يستقل مجموعة من الأشخاص سيارة ربع نقل تحمل مكبرات الصوت ومعداتها وبعضهم يرفع الأعلام عالية، بين الأعلام الخضراء الخاصة بالطريقة البرهامية، والحمراء التي تتميز بها الطريقة البيومية، والسوداء للطريقة الرفاعية.
هكذا بدا المشهد في دقائق قليلة، زغاريد تقطع صوت الهتافات بين الحين والآخر، من سيدات لم يتمكنّ من النزول إلى الشارع والمشاركة في الاحتفالية، فشاركن فيها من خلال الوقوف بشرفات البيوت المواجهة للمسجد ومحيطه، في حين تتراص مجموعة أخرى من السيدات على أحد الأرصفة ترددن الهتافات ذاتها، ويقف الأطفال ممسكين بأذيالهن خشية الذوبان في الكم الهائل من البشر المحيط بهم.
بين الجماعات المختلفة، وإذا دققت النظر طويلا إلى بعض الوجوه حولك، ستجد عددا لا بأس به من أبناء منطقة جنوب شرق آسيا، وخاصة طلاب جامعة الأزهر الشريف، فلم يتركوا الصفوف الأولى للمسيرة طوال مدة إقامتها، اجتمعوا في فرق وجماعات هالهم ما يشاهدون رفعوا جميعا هواتفهم المحمولة لالتقاط الصور التذكارية لهذا المشهد، في حين تقف بعض السيدات على جانبي الطريق العائد إلى مسجد الجعفري مرة أخرى، حيث يسير أتباع الطرق بعد أن أُعلموا بأن مسيرتهم حدودها مسجد الجعفري والمشيخة العامة للطرق الصوفية، تنثر قطع الحلوى والشيكولاتة على المحتفلين، يهرع البعض نحوها ويجمعها، بينما ينهمك البعض الآخر في ترديد الهتافات محركين رؤوسهم بشكل دائري بعجالة ودون توقف.
ولدى الوصول إلى المشيخة العامة للطرق الصوفية كان كل جماعة ممن يحملون الأعلام التي تكشف عن الطريقة التي يتبعونها، تولي وجهها شطر المبنى، يتغنون باسم النبي ويستمرون في تحريك رؤوسهم، أقل من خمس دقائق وترحل الطريقة لتأتي أختها وتفعل الشيء ذاته، حتى انفض الجمع تماما في تمام الرابعة والنصف، عاد الجميع إلى مكانه، أغلقت السيدات أبواب الشرفات، وبدا الهدوء يخيم على المشهد مرة أخرى.
الشيخ طارق الرفاعي، شيخ عموم الطريقة الرفاعية، أكد في تصريح لـ"فيتو"، أن الموكب أحد المواكب الثلاثة للصوفية الكبرى إلى جانب رأس السنة الهجرية ورؤية هلال رمضان، متابعا: "الموكب يحمل فيه المشايخ ومريدو الطرق الصوفية الأعلام الخاصة بالطرق في صفوف منظمة، وكل شيخ طريقة يتقدم طريقته مرددين الأناشيد الدينية في حب رسول الله".