رئيس التحرير
عصام كامل

اتحادات الطلاب الوهمية.. ورقة الإخوان للحصول على التمويلات «المليونية»..حصلوا على 23 مليون كرونة سويدية عن نشاط العام الماضي ‏..و«الجماعة» تسيطر على المنح الحكومية

جماعة الإخوان
جماعة الإخوان


وسط الأزمة المالية الطاحنة التي تواجهها جماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، وما يثار حول قرب توقف الدعم القطرى والتركي للجماعة، الذي استمر سنوات طويلة، وبعدما أصبحت الموارد الذاتية للجماعة لا تكفى لخدمة أجندة وخريطة أعضاء الجماعة ‏المنتشرة في جميع بلدان العالم، لجأت الجماعة إلى ما يمكن وصفه بـ«الاحتيال على القوانين» وصيد الثغرات القانونية، وذلك لإيجاد وسائل ‏دعم غير تقليدية للجماعة.


العمل الطلابي
«العمل الطلابي» الذي برع فيه «الإخوان» منذ نشأته، كان بمثابة طوق النجاة لقيادات «الإرهابية» ‎سواء على المستوى السياسي في اتحادات الطلبة، أو حتى على مستوى جلب التبرعات، والآن أصبح البديل ‏الآمن لهم، وخاصة في البلدان الغربية «معقل نشاط التنظيم حاليا» للحصول على تمويلات بملايين الدولارات.

في السويد، وهو بلد تنشط فيه الجاليات العربية والإسلامية بشكل ملفت للنظر، لا يمكن ألا يكون للتيارات الدينية وخاصة الإخوان ‏فيه موطأ قدم بالطريقة التي تجيدها الجماعة، فالنسبة الكبيرة لأبناء التيارات الدينية هناك استغلتها الإخوان بحيلة ماكرة، لتكوين ‏اتحاد وهمي للطلبة المسلمين، للحصول على تبرعات حكومية، بلغت نحو 23 مليون كرونة سويدية، ما يقرب من مليوني ونصف المليون ‏دولار، خلال العام الماضي فقط، ووفقًا لمعلومات حصلت عليها «فيتو» فإن الاتحاد الإخواني يحصل على تمويل عدة منظمات تعمل بتكليف من الحكومة السويدية لمناهضة الكراهية، ولتشجيع المسلمين على الاندماج مع ‏المجتمع السويدي، وخاصة في مدينة مونتريال، وتستغل الجماعة المنافسات السياسية والاقتصادية بين المدن السويدية، والتطلع للتميز في أفضل أشكال تطبيقات الحداثة بالمجتمع، وخاصة في مونتريال أكبر مدن مقاطعة كيبك، التي كانت الأفضل في البلاد حتى عام 1970، قبل أن تتخطاها ‏تورونتو، وتصبح الأفضل. ‏

صراع دائر
الصراع الدائر والمستمر بين المدن السويدية، أسفر عن ولادة المنظمات التي ترفع هذه الشعارات، منذ عام 2008، ومنها جمعية ابن رشد، أحد أكبر وأهم ‏الجمعيات التي يتملكها الإخوان، ورغم هذه السنوات الطويلة والهدف الرئيسي من دعم جمعيات بهذا المعنى، والنشاط المكثف في استقطاب عناصر إخوانية منذ إسقاط حكم الإخوان في مصر عام 2013، وعلى أساسه حصلت على تمويلات خرافية، إلا أن الجمعية لم تدمج أي من القيم السويدية ضمن مراجعها الأساسية ‏في تعليم المسلمين وخاصة البسطاء منهم، كما عمل التنظيم جاهدا على إبقاء هؤلاء، أسرى للفكر الإخواني، وتوجهاته، وأفكاره، وألاعيبه السياسية التي ‏يستخدمها أحيانا، بعدما تمكن عدد كبير من أفراده من الحصول على الجنسية السويدية، وأصبح لهم حق التصويت والضغط ‏السياسي على صانع القرار لعدم اعتراض المنح الحكومية، التي تشجع عن غير قصد انتشار الفكر الإخواني وإعطاءه حق ‏السيطرة على المسلمين السويدين، وحتى تظل أي مجموعة إسلامية خارج هذا الفكر مطاردة ومحرومة من الدعم الحكومي، ‏الذي تحتكره الجماعة بشكل شبه كامل. ‏

طوال السنوات الماضية، ومع تطلع المجتمع السويدي الجديد الذي أصبح يشكل نسبة لا يستهان بها من المهاجرين، إلى التعامل مع الجميع، وفق معايير تقدمية تناسب الفكر الأوروبي، كانت ‏مثل هذه الشعارات تلقى دعما كبيرًا من أرفع الأوساط الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، لكن مع تصاعد الخوف العالمي من التيارات الدينية، وخاصة ‏جماعة الإخوان، أصبحت عناوين مثل مكافحة الكراهية، وتشجيع الاندماج، التي كانت دائما مهبط ثروات من الهواء على الجماعة، ‏محل خوف دائم من العاملين من الجميع، كما أصبحت مدخلا مهما للأوساط الثقافية والبحثية السويدية، لمناقشة أعضاء التيارات الدينية في أفكارهم، التي تشكل المادة الخام لهذه الشعارات، ‏وماذا يملكون للمجتمع المفتوح التعددي في السويد ليدفعوا عنه الكراهية، ويشجعوا في المقابل من أتوا من قوميات وعصبيات ‏دينية على الاندماج.

كما شجعهم ذلك على قراءة تاريخ الجماعة وأفكارها، وعلاقتها بالتنظيمات الدينية المتطرفة، ليتضح لهم أنها ‏لا تملك إلا قصاصات، مثل التي تمررها هنا، ربما تساعد من يشتبك معها، ويقنع بها على الانعزال والتقوقع والتطرف، وليس العكس، ووفق المعلومات الواردة من هناك، يتم الاشتباك مع هذا الملف على نواحٍ عدة للضغط على صناع القرار، وإقناع العامة ‏بضرورة وقف هذه الأعمال المسرحية التي لا تهدف إلا للبحث عن المال بأشكال ناعمة تناسب العقلية الغربية.

أموال الضرائب
فمن ناحية ‏يطالب الناشطون السويديون بالحفاظ على أموال دافعي الضرائب التي تنفق على منظمات هامشية في البلاد، أصبح الهدف ‏الرئيسي لها نشر الفكر الإخواني في البلاد، ليصبح المعبر الرسمي عن الإسلام في البلاد، وكذلك يطالبون بوقف كل أشكال الدعم لاتحاد الطلاب الإسلامي، الذي يحصل على منحة سنوية من الحكومة، ومجلس تعليم الكبار، ‏حتى لايصبح اعترافًا رسميا بسيطرة الإسلاميين على الجيل الإسلامي الصاعد في السويد.

ويمكن القول إن هذه الصحوة السويدية، ‏استفادت كثيرًا من دراسة أساليب الجماعة في الغرب، ويتبني التنظيم سياسات شبه واحدة منذ سنوات طويلة لصناعة حالة في المجتمعات الغربية، ترتبط بالمدرسة الأيديولوجية ‏للإخوان، ويمكن رصد هذا التوجه الإخواني بسهولة حال رصد كيفية تعامل الجماعة مع الوافدين الجدد في البلدان الغربية ‏والمسلمين المهمشين الذين يعيشون في أحياء ضعيفة، وتذهب إليهم بمندوبين عنها، يدعون المسلمين الجدد للاندماج، ولكن ‏وفق مفاهيم الإسلام الذي يقدمها لهم في مرافقة غريبة، متحدثين متشددين وعنصريين إخوان، معادون للهوية الغربية، كجزء من ‏جهود الجماعة، لإنشاء مجتمع إسلامي مواز داخل السويد.‏

الوكالة السويدية

الحراك الدائر ضد الإخوان، يقف على رأسه الوكالة السويدية للشباب والمجتمع، المعروفة اختصارا باسم «‏MUCF‏»، والتي ‏رفضت تمويل جمعية الشباب المسلم، وأصبحت تحارب في وسائل الإعلام عبر تقليد جديد تماما على التعامل مع مسألة الهوية والاندماج الجمعيات الإخوانية، التي تعادي روح الديمقراطية، وتنخرط في معاداة القيم السويدية، حيث أصبح لاجدوى في ‏الاختباء خلف التسامح للاشباك مع القضية.

الوكالة السويدية وغيرها من المنظمات التي تنشط حاليا بقوة لمناهضة الفكر الإخواني وتحجيمه، أصبحت على دراية بمضمون ‏المحتويات العلمية التي تدسها الإخوان على المسلمين السويدين باللغة العربية، كمحاولة للتمويه على ما تقدمه من أفكار للهروب ‏من مراقبة ومطاردة الناشطين، لكنهم وضعوا أعينهم على كل ما يصدر عن التيارات الدينية في السويد، واستقدموا باحثين باللغة ‏العربية، يترجمون لهم كل ما يصدر عن الإخوان تحديدا، بعدما أصبح المجتمع يعاني من عزلة قد تشكل تهديدا خطيرًا للقيم ‏السويدية بعد عقدين على الأكثر من الزمان.

وفى هذا السياق يرى جاسم محمد، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن ما يحدث كان متوقعا، وإن كان أتى متأخرا بعض الشيء، ‏موضحا أن «أوروبا أدركت أخيرا خطر احتواء الجماعات الدينية على أراضيها، بعد التضييق على أنشطتها في الخارج، وأصبح ‏نشاطها موجها للبلدان التي يقيمون فيها لإقامة مجتمعات موازية خاصة بهم، تستوعب نشاطهم السياسي»، وأضاف أن «المجتمعات الغربية، أصبحت تواجه الجماعة بالباحثين والمثقفين، فضلا عن وعي أجهزة الاستخبارات بكل شيء ‏عن أفكار تيارات الإسلام السياسي، ومشروعها السياسي والاجتماعي، وأصبحت تواجههم بشدة وحسم غير مسبوقين، نتج ‏عن تحرك التيارات الفكرية في المجتمع، التي تدعو علانية لاتخاذ إجراءات أكثر شدة تجاه الجماعات المتطرفة وعلى رأسها ‏الإخوان».‏

كما يعتبر الباحث، أنه لم يعد صعبًا على الغرب التأكد من أن فكر وأيديولوجية الإخوان لا يتعدى كونه أعمدة أفكار السلفية الجهادية، الذي ‏يناسب الشباب المراهق في الغرب، خاصة مع الحيل المبتكرة الذي يتبعها السلفيون في استقطابهم، وهؤلاء جميعا أصبحوا ‏يشكلون خطرًا بالغًا على الديمقراطية، في ظل السعي المحموم لخلق مجتمعات متوازية، بأساليب غير شرعية، ولاسيما أنهم أساتذة ‏في التخفي، سواء على صعيد العمل التنظيمي أو الأهداف السياسية. على حد قوله. ‏

نقلًا عن العدد الورقي..،
الجريدة الرسمية