رئيس التحرير
عصام كامل

«صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا»


لقد كان ميلاد الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، إيذانا بولادة عهد جديد في تاريخ الإنسانية نحو تحرير العقل من براثن العبودية، والرقي بالإنسان إلى المكانة التي أرادها الله له.


إنه صاحب الخلق العظيم، صلى الله عليه وسلم، فهو كما وصفه ربه في كتابه مخاطبا إياه بقوله تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، ويقول أهل التفسير في هذه الآية الكريمة، «خلق عظيم»، أي دين عظيم.

لقد وضع رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، المنهج الإنساني الأعلى في الأخلاق، فقال: «خياركم أحاسنكم أخلاقا»، وقال في حديث نبوي آخر «إن من أحبكم إلىَّ أحسنكم أخلاقًا»، نتذكر أحاديث خير البشر هذه الأيام، حيث تحل ذكرى مولده، وليس أمامنا من حل سوى أن نعرض سلوكياتنا وتعاملاتنا اليومية في البيت والشارع والعمل على كتاب الله وسنة نبيه الكريم.

أين الأزواج من قوله صلى الله عليه وسلم، «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وكيف هي تعاملاتنا مع المرأة حال تقييمها بقوله عليه الصلاة والسلام «استوصوا بالنساء خيرًا»، ثم أين من جعلوا عيوب الناس مُضغةً في أفواههم من قوله صلى الله عليه وسلم: «من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة».

وأين أولئك المتشددون الذين كادوا أن يحرموا على الناس حياتهم من قوله، صلى الله عليه وسلم، «إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين»، وقوله عليه الصلاة والسلام، «إن هذا الدين يسر الله جعله يسرًا يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ».

وأين من وقعوا في فخ الكسل وتركوا أعمالهم من دعائه صلى الله عليه وسلم «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، والبُخْلِ وَالهَرم، وعَذَاب الْقَبْر، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ ولِيُّهَا وَموْلاَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلمٍ لا يَنْفَعُ، ومِنْ قَلْبٍ لاَ يخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشبَعُ، ومِنْ دَعْوةٍ لا يُسْتجابُ لهَا»، وأين من يرفضون العمل ويتركون أنفسهم فريسة لليأس من قوله عليه الصلاة والسلام، « إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها؟»، وقوله: «ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإنَّ داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده».

أين من يؤذي جاره من قوله صلى الله عليه وسلم، «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ».

نريد أن تعامل بمنطق العقل والمصلحة مع سيرة وسنة نبينا الكريم، صلى الله عليه وسلم، لنضمن خيري الدنيا والآخرة، إن إرث النبي الكريم ليس مجرد تراث أو تاريخ عادي بقدر ما هو منهج صالح لكل زمان ومكان لمن أراد النجاة وترك التشدد والغلو الذي طالما انتهى بأصحابه إلى التدمير والقتل وتشويه صورة الدين الحنيف.. والله من وراء القصد.

الجريدة الرسمية