رئيس التحرير
عصام كامل

الإمام الأكبر في احتفالية المولد النبوي: الأزهر يعكف على صياغة خريطة ثقافية لتجديد الخطاب الديني.. نقاوم تيارات الغلو والإفساد حماية للإنسان قبل الأديان.. نثق في قدرة الرئيس على تجاوز التحديات

 الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب

أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الأزهر لديه ثقة كاملة في الله تعالى بأننا سوف نتجاوز جميع التحديات، كما يثق الأزهر بحكمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعزمه وإخلاصه في الحفاظ على الوطن والنهوض به وسط عالم متلاطم الأمواج، مضطرب الغايات والأهداف، مهنئًا الرئيس السيسي والشعب المصري والأمتين العربية والإسلامية بأطيب التهاني بذكرى مولد رسول الإنسانية محمد ﷺ.


خريطة ثقافية لتجديد الخطاب الديني
وأكد فضيلته خلال كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي، أن الأزهر خلال أكثر من ألف عام يقوم على حراسة القرآن الكريم والسنة النبوية اللذين تركهما لنا رسول الله، دفاعًا عن ثقافة الأمة ووحدتها، ودفاعا عن الوطن وتاريخه، والأزهر الآن عاكف على صياغة خريطة ثقافية لتجديد الخطاب الديني، وترشيد الوعي الثقافي، والوقوف إلى جوار كل المؤسسات التي تجعل من أهم غاياتها حماية هذا الوطن من عدوى الإرهاب الفكري والجسدي، ومقاومة كل تيارات الغلو والإفساد، بمنهج إسلامي يجعل من مقاصد الشريعة في حماية الدين والنفس، والمال والعرض، حمايةً للإنسان كل إنسان، قبل حماية الأديان.

وأضاف شيخ الأزهر أن الرسول ﷺ نهى عن التخوين فقال في خطبة الوداع (واعلموا أن الصدور لا تَغُلْ)، ليرشد أمته وسائر الأمم إلى ضرورة مبدأ التكافل والتعاون في كل مجتمع، وأن المجتمعات التي تستبدل بهذه المبادئ مبادئ أخرى كالصراع، والتشرذم والتفتت أو التسلط والانقضاض على مقدرات الآخرين، لا مفر لها من الانحلال ثم السقوط، مشيرًا فضيلته إلى أننا قد رأينا في جيلنا هذا كيف سقطت حضارات كبرى اتخذت من مبدأ الصراع فلسفة لنهضتها في الاقتصاد والاجتماع والسياسة، فما بلغت عامها السبعين حتى كانت حبرا على ورق.. وكذلك الحضارات التي تتغنى اليوم بالمبادئ ذاتها فإنها لا محالة ستلقى المصير نفسه إن عاجلًا أو آجلًا.

وبيَّن فضيلته أن رسول البشرية جمعاء قد حذر من الظلم، وكرر التحذير منه في خطبته ثلاث مرات، وذلك لأثره التدميري على الأفراد والدول والمجتمعات، وقد حذر القرآن الكريم منه في مائة وتسعين آية، كما حذر منه النبي ﷺ في سبعين حديثًا من أحاديثه الشريفة، ثم حذرنا ﷺ من ظاهرة الثأر، ومن آفات الربا، ومن العبث بالزمان ودورات الشهور وترتيبها، ثم ختم خطبته التاريخية بقوله : «وإني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسُنَّة نبيه»، ثم قال: فما أنتم فاعلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، قال: «اللهم فاشهد».

وأكد شيخ الأزهر أنَّ النبي محمدًّا ﷺ، هو من أكبر محبي الخير للإنسانية، وظهوره للعالم أجمع هو أثر لإرادةٍ عُليا، لافتًا إلى أن الإسلام هو دين الأخوة الإنسانية والمساواة بين الناس وعصمة الدماء والأموال والأعراض، ومقاصد خُلُقية أخرى أوجزها النبي الكريم في خطبة الوداع التي خاطب فيها الإنسانية جمعاء.

وأوضح الطيب أنه على الإنسانية أن تفتخر بهذا الرجل العظيم، التي قالت الموسوعة البريطانية عنه: "إن محمدًا اجتهد في سبيل الإنسانية جمعاء"، لافتا إلى أن مؤرخي الغرب المنصفين ممن رزقوا حظًا من استقامة الشعور، ويقظة الضمير في فهم معاني القرآن الكريم وبلاغة السنة المشرفة؛ وضعوا أيديهم على مبدأ "الأخوة الإنسانية الجامعة" المتغلغل في هذه الرسالة الخالدة عقيدة، وشريعة، وأخلاقًا.

وضع دستور عالمي لحماية الدماء والأعراض والأموال
وأكد شيخ الأزهر أن النبي أول من وضع دستورًا عالميًا لحماية الدماء والأعراض والأموال، فقد كان أول بند من بنود خطبة الوداع تحذير العالم أجمع من فوضى الدماء والعبث بالأموال والأعراض، وقد كرر التحذير من هذه الجرائم البشعة مَرّتين في هذه الخطبة، لأنها حقوق أولية للإنسان وللمجتمع على السواء، ويستحيل لمجتمع ينشد الاستقرار أن يستوي على سوقه إلا إذا ارتكز على هذه الحرمات الثلاث: حرمة الدم، وحرمة الملكية الفردية الخاصة، وحرمة الأسرة والعِرض والشرف.

وأوضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أنهى فقرة الدماء والأموال والأعراض بقوله: "اللهم بلغت"، ليُشهد الله علينا في شأن هذه الحرمات الثلاث، وكأنه يشير من وراء الغيب إلى ظهور طائفة من الأشرار تستبيح الدماء والأعراض والأموال، فراحت تقتل وتذبح وتفجر وتخرب، وتغتال في غدر وخسة، عن جهل وعمى البصيرة وانحراف عن الفطرة الإنسانية.
الجريدة الرسمية