رئيس التحرير
عصام كامل

توجيهات السيد الرئيس.. وتوجيهات السيد عبد العال!


خلال أقل من ٧٢ ساعة، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي رسالتين لهما أهمية كبيرة، والرسالتان درس لمن يفهم أو لمن يدعى عدم الفهم أو من وضع قرص المطاط في أذنيه وعقله!


الرسالة الأولى كانت أن البرلمان الذي يترأسه الدكتور على عبد العال، لم يستجوب وزيرا قط على مدى السنوات الماضية، والمعروف أن هيئة المكتب هي التي تجيز استجواب أي وزير. لكن هيئة المكتب يرأسها "عبد العال" والوكيلان. من أجل هذا لم يقع استجواب. لم يقع من قبيل الممالأة.. (لا أعرف الحقيقة لفظا أخف تدركه ثقافة رئيس البرلمان الذي لا يعرف اللغة العربية نحوا ونطقا ويعلم الله مستوى الإملاء.. لكنه بالتأكيد حاصل على شهادة جامعية ومن بعدها ماجستير ثم دكتوراه) أقول لم يقع استجواب من قبيل الممالأة.. أو المواءمة أو المجاملة.. أو الترفع.. أو عدم الرغبة في استنهاض الناس على وزير مخطئ...

تلك حساباته.. وهى لو كانت حسابات صحيحة ما لفتت نظر الرئيس ولا لاحظها.. ولا أن حكومة مدبولي ومن قبلها محلب، لم يحرجها أحد ولم يستجوبها نائب ولم تنعقد لجنة تبحث وتدرس وترد..

أهم من ذلك أن الرئيس قال لهم لا تتحرجوا من المساءلة والمحاسبة ولا تكونوا حساسين من النقد.. وقال إنه والحكومة ليسوا فوق النقد.. تلك حرية مفتوحة في إطار القانون...

وهذا توجيه مباشر واضح ولفت نظر ساطع للبرلمان أن عليه ممارسة الاختصاص الأصيل لدوره في الرقابة والمساءلة والمحاسبة واستخدام أعلى درجات الحساب وهى سلاح الاستجواب.

الرئيس يريد أن يرى النواب يمارسون الحرية بالنيابة عن الشعب تحت قبة البرلمان. الرئيس وجه عبد العال إلى تقصير معيب، واضح للعالم كله أن البرلمان لا يؤدى دوره كاملا في الرقابة والمحاسبة. ورغم وضوح التوجيه.. وحضور "عبد العال" بأذنيه لسماع التوجيه فإنه لم يتردد لحظة في الاطاحة بما دعا إليه الرئيس. اعتبر رئيس البرلمان أن النقد للرئيس يخرج المواطن من الملة المصرية.. وأن عليه أن يخرج منها!

هذا توجيه بالحرية وبإعلان الحقائق طلبه الرئيس.. وانتهكه رئيس البرلمان.

في المناسبة الثانية، رفض الرئيس علنا وهو يفتتح سلسلة مشروعات وطنية تثلج الصدر وتدعو للفخر، جملة شهيرة سقيمة مملة استخدمها الدكتور "عاصم الجزار" وزير الإسكان وهى أن توجيهات السيد الرئيس وراء كذا وكذا وكذا!

والحق أن لفظة توجيهات هذه مستعملة وزاريا في كل عهود الجمهوريات الناصرية والساداتية والمباركية.. والسيسية.. حتى ضاق بها الرئيس وأعلن صراحة رفضه لها.. هي في الحقيقة لفظة مستفزة ومنافقة. مستفزة لأن الناس باتوا يتساءلون: توجيهات؟ اومال انت بتعمل ايه؟ منتظر التوجيهات يبقي مالكش لزمه! ومنافقة لأنها تتضمن تضخيم الذات الحاكمة.

والظاهر أن الرئيس ضاق ذرعا بهذه الكلمة لا لما فيها من شبهة النفاق، بل لأنه أيضا أدرك مدلولها الحقيقي، وهى أنها توحى بأن العمل يتم بمزاجية الرئيس.. فما يسطع فجأة في ذهنه يبادر به إلى الوزير أيا كان. ويوجهه: والنبي اعمل لنا.. كذا وكذا وكذا..
الرئيس برفضه كلمة توجيهات السيد الرئيس يريد أن يقول نحن نعمل وفق خطط مدروسة سابقة.. ولا نعمل عشوائيا..

يعنى أيضا الرد على الذين أرادوا النيل من تعبير ارتجالى سابق للرئيس السيسي من أنه لا يريد تضييع الوقت في دراسات جدوى.. وتم تحريفه بأن المشروعات تنفذ دون دراسات وافية..

ثم إن رفض الرئيس لجملة توجيهات السيد الرئيس وتأكيده أن دوره الفعلى كان ولا يزال هو تنفيذ المخططات العمرانية المدروسة والموجودة منذ عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، وهو لم يأت باسم الرئيس مبارك، لكن الدكتور مدبولي رئيس الحكومة قال إنها موجودة منذ ٢٠٠٩.

واضح أن الرئيس يمقت الخسة وقلة الأصل ونكران العطاء للدولة المصرية... ولقد كبر أكثر وأكثر في قلوب الناس وهو يرد المسائل لأصحابها..

نحن إذن، أمام توجيهين:
توجيه رئاسي للبرلمان بأن يحاسب الحكومة وأن رأس السلطة ليس فوق النقد.. هذا انتهكه رئيس البرلمان أو تجاوزه أو لم يسمع به.. وتوجيه آخر للوزير وأي وزير ومسئول بأنه يرفض أن يسندوا إليه أنه وجه بمشروع أو بشيء...

تحية لرئيس يحترم انسانيته وإنسانية الآخرين.. رئيس لا ينسب لنفسه مجهود غيره.. وهو فاعل المجهود الأعظم في تاريخ مصر المعاصرة: إنقاذها وتعميرها وحفظ قوتها وكرامتها..
عشت يا ريس.. علمهم أن نفاقهم مردود عليهم..
بالمناسبة لم أكتب هذا المقال بتوجيهات السيد الرئيس... أكتبه بإملاءات السيد الضمير.
الجريدة الرسمية