رئيس التحرير
عصام كامل

فضيحة كينج ماريوط.. الزراعة تسدد فاتورة الارتباك الإداري وتفقد فيلا وقطعة أرض بسبب «تخبط الموظفين».. صدور حكم قضائي في أقل من شهرين بسبب عدم تقديم الوزارة للدفوع اللازمة رغم وقفها تنفيذ الحك

وزارة الزراعة واستصلاح
وزارة الزراعة واستصلاح

«من الفساد إلى التخبط».. عنوان عريض يمكن وضعه مكان اللافتة التي تشير إلى موقع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى على خريطة «الحكومة المصرية»، فـ«الزراعة» التي ظلت لسنوات طويلة واحدة من أكثر الوزارات فسادًا، يبدو أنها قررت أن تثبت نفسها في موقع آخر ليقع الاختيار على مربع «التخبط».

ولعل واقعة صدور حكم قضائي ضد الوزارة بأحقية ورثة أحد خصومها "عبد العظيم ضرغام"، في الاستيلاء على فيلا مملوكة لها بمنطقة كينج ماريوط، بل تعويض المحكوم له في دعوى أخرى عن سنوات عدم الانتفاع بالفيلا طوال السنوات التي كانت فيها في حوزة الوزارة، واحدة من الوقائع التي تؤكد -بما لا يدع مجالًا للشك- أن الوزارة تسير من سيئ إلى أسوأ.

عملية «تتبع خيط أزمة كينج ماريوط» كشفت عن مفاجآت عدة، حيث اتضح أن قائمة «المقصرين» تضم جهات مختلفة، بل يمكن القول إن بعضهم اشترك مباشرة في منح المدعي شهادة واضحة بأحقيته في الأرض والفيلا المقامة عليها، وهو ما أظهرته المستندات التي حصلت «فيتو» على نسخة منها، والتي تشير إلى أنه وفق مذكرة من الجهاز التنفيذي لجهاز مشروعات التنمية الشاملة التابع لـ«الزراعة»، والمالك للأرض والفيلا إلى وزير الزراعة، فإن كلًّا من مديرية الإصلاح الزراعي بالإسكندرية والإدارة المركزية للشئون القانونية بوزارة الزراعة ساهمتا في ضياع أرض الوزارة بمنح الأولى للمدعين شهادة بعدم خضوع الأرض محل النزاع لقانون رقم 15 لسنة 1963، الخاص بحظر تملك الأجانب للأراضي الزراعية، والذي بناء عليه صدرت عدة قرارات بالاستيلاء على الأرض البالغ مساحتها 7500 متر مربع في منطقة كينج مريوط، كان آخرها القرار رقم 3382 لسنة 1998، والذي على أساسه حصلت «الزراعة» على عدة أحكام قضائية لصالحها، كما أنه كان ظل بمثابة حائط الصد أمام دعاوى ورثة عبد العظيم ضرغام، وحال دون حصولهم على أي حكم قضائي ضد وزارة الزراعة والجهاز، ومنها حكم حصل عليه ورثة عبد العظيم ضرغام برقم 3087 عام 1996 بأحقيته في الأرض وما عليها من مبانٍ، وبعد استئناف الحكم من الوزارة تم تأييد الحكم، وعند الشروع في تنفيذه صدر القرار رقم 3382 لسنة 1998 من هيئة الإصلاح الزراعي بتوقيع وزير الزراعة ونائب رئيس الوزراء ورئيس هيئة الإصلاح الزراعي، وقتها الدكتور يوسف والي، بالاستيلاء على مساحة 172 فدانا بحوض برنجي وكينج مريوط من ضمنها الفيلا محل النزاع.

ورغم الأهمية الكبيرة لهذا القرار، الذي احتمت به «الزراعة» طوال سنوات النزاع التي امتدت لأكثر من عقدين، إلا أن ورثة عبد العظيم ضرغام حركوا إشكالا برقم 95 لسنة 2019 تنفيذ غرب الإسكندرية يوم 12 مارس 2019، باستمرار الحكم السابق الصادر لصالحهم عام 1996؛ نظرًا لانتفاء أسباب وقف تنفيذ الحكم في مناسبتين عام 1998، وقصدوا بذلك الخطاب الصادر عن إدارة الملكية والحيازة بمديرية الإصلاح الزراعي بالإسكندرية في تاريخ 11 أبريل 2019، المُوقَّع من مدير إدارة الملكية والحيازة في المديرية والموجه إلى رئيس محكمة تنفيذ الإسكندرية.

ويشير الخطاب إلى أن قطع الأراضي الخاصة بـ "السيد عبد العظيم ضرغام" لا تخضع لأطيان استيلاء الإصلاح الزراعي، ولا يشملها القرار الوزاري رقم 3382 لعام 1998، وهناك خطاب آخر صادر في 30 نوفمبر 2018 من نفس الإدارة في الإسكندرية، يشير إلى أن المالك الأصلي لقطع الأراضي التي تقع فيها فيلا كينج مريوط محل النزاع مصري الجنسية واسمه "جورج أرنيسدي كوتراكيس"، وهو ما مثل ضربة قاصمة لموقف الوزارة، ودفع المحكمة لإصدار الحكم ضدها لانتفاء السبب الذي اعتمدت عليه في الحفاظ على فيلا كينج ماريوط منذ أن اشترت الأرض وما عليها من بناء عام 1973.

الواقعة الثانية التي ساعدت في ضياع حق وزارة الزراعة في فيلا كينج ماريوطـ، بطلها خطاب استعان به ورثة عبد العظيم ضرغام في الاستشكال الذي حركوه ضد الوزارة، وهو خطاب موجه من أحمد عفيفي، مدير عام الشئون القانونية بوزارة الزراعة، إلى مصطفى كامل البخشوان، مدير مديرية الزراعة بالإسكندرية، ردًّا على طلب وكيل ورثة عبد العظيم ضرغام، بخصوص التماس حول تنفيذ الحكم الصادر لصالحهم في 1996، وأنه بمخاطبة رئيس هيئة الإصلاح الزراعي ردَّ بعدم الاختصاص، إلى جانب أنه بالبحث في ديوان عام الوزارة عن القرارات الوزارية الصادرة عام 1998 تبين أنها تنتهي برقم (1776)!
ويعني هذا الخطاب أن قرار الاستيلاء رقم 3382 لسنة 1998 قد اختفى بشكل مفاجئ بعد أن لجأت له الوزارة أكثر من مرة لوقف تنفيذ أحكام متطابقة مع الحكم الذي صدر ضدها في السابق تجاه نفس الموضوع.

وفى نفس السياق، لفتت مصادر، تحدثت إليها «فيتو»، النظر إلى أن رد الشئون القانونية بأنه لم يُستدل على القرار بسبب انتهاء القرارات الصادرة عام 1998 بالرقم 1776، لا يعني عدم وجوده من الأصل، لكن القرارات الوزارية التي تصدر من وزير الزراعة، بصفته رئيس مجلس إدارة هيئة الإصلاح الزراعي، لا تتواجد في أرشيف قطاع شئون مكتب الوزير بالديوان العام بالوزارة، وتكون في أرشيف الإصلاح الزراعي، ورغم ذلك رد رئيس الهيئة بعدم الاختصاص، وبناء على كل تلك الوقائع الغريبة صدر حكم محكمة تنفيذ غرب الإسكندرية يوم 30 أبريل 2019، أي بعد أقل من شهرين بقبول الاستشكال شكلا، وفي الموضوع بتنفيذ الحكم رقم 3087 لسنة 1996.

ووفقًا لمصادر بوزارة الزراعة، فإن «جهاز مشروعات التنمية الشاملة يملك فيلا كينج مريوط منذ عام 1973، بعدما اشترى الجهاز التابع لوزارة الزراعة الفيلا، وما تاخمها من قطعة الأرض الواقعة على مساحة 7500 متر مربع من خلال المزاد العلني، لكن الجهاز لم يسجل حينها عقد الشراء بالشهر العقاري، ولم يحرك دعوى بيع ونفاذ لنقل الملكية، ومنح العقد الحجة القانونية في مواجهة الغير».
وكشفت المصادر أن «البائع لفيلا كينج ماريوط للوزارة كان محملا بدين عام 1979، وقرر القضاء وقتها تسديد ديونه من خلال بيع ممتلكاته في المزاد، وعقد المزاد وقتها، ومن ضمنها فيلا كينج ماريوط المملوكة للوزارة، لكن عدم سير المسئولين وقتها في الإجراءات السابق ذكرها جعل الفيلا ضمن أملاك المدين، وبالتالي حصل أحد الدائنين على الفيلا، وسجل عقود ملكيته لصالحه عام 1986 قبل تسجيل الجهاز للعقود، لكن في كل الأحوال فإن عقد البيع الابتدائي الخاص بالجهاز يسبق في التاريخ كل المعاملات اللاحقة على الفيلا، وهو ما يثبت ملكيتنا له، وبقي الوضع على ما هو عليه بحوزة الوزارة للفيلا والأرض».

وأضاف: بعد صدور قرار الاستيلاء من قبل الوزير يوسف والي، اشترى جهاز مشروعات التنمية الشاملة الأرض من الإصلاح الزراعي مرة أخرى بعقد موثق وقرار من مجلس إدارة الإصلاح الزراعي بأحقيتنا في الأرض، وأصبحت الفيلا رسميا ملكا للدولة، وبناء على ذلك تمكنت الوزارة من وقف تنفيذ أحكام سابقة في بملكية الأرض مرتين، بناء على ما معها من وثائق وقرارات تؤكد الاستيلاء على الأرض بموجب قرار وزاري إلى جانب شراء جهاز مشروعات التنمية الشاملة للأرض من الإصلاح الزراعي، وصيغة إيقاف التنفيذ في المرتين متواجدة في تنفيذ الأحكام بالإسكندرية.

نقلا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية