قانون الأحوال الشخصية.. الحضانة والولاية والرؤية تفجر الأزمات.. واتهامات للأزهر بالتغول على اختصاصات «النواب».. 90% من مقترحات المؤسسة الدينية مخالفة للدستور.. وتصطدم باتفاقيات ومواثيق دولية
تسيطر حالة من الجدل داخل وخارج أروقة مجلس النواب، انتظارا لخروج تعديلات قانون الأحوال الشخصية للنور، أملا في أن تحقق هذه التعديلات طموحات وتطلعات الرجال والنساء، ولرفع الضرر عن الأبناء، وللحفاظ على كيان الأسرة والمجتمع.
البداية
منذ بداية أعمال البرلمان الحالي، وبدأ الحديث عن قانون الأحوال الشخصية، وكانت البداية لمشروع قانون تقدم به النائب محمد فؤاد، فضلا عن مشروعات قوانين أخرى، وتم التأجيل أكثر من مرة انتظارا لرأي الأزهر الشريف، إلى أن قام الأخير بإرسال مشروع قانون خاص به.
وبعيدا عن رفض أغلب النواب لما قام به الأزهر من تقديم مشروع قانون، باعتباره ليس مختصا بالتشريع، وحقه فقط إبداء الرأي، إلا أن التشريع المقترح من الأزهر لم يضع حدا للخلافات القائمة في عدد من الملفات الخاصة بالأحوال الشخصية مثل سن الحضانة وترتيبها والولاية والرؤية وغيرها من الملفات المهمة.
في البداية، أشار محمد أبو حامد، وكيل لجنة التضامن والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة في مجلس النواب، إلى أن هناك تباينا كبيرا في وجهات النظر بين مشروعات القوانين المقدمة للبرلمان في شأن الأحوال الشخصية.
وأكد أبو حامد، أن البرلمان قادر على صياغة قانون متكامل ومتوازن ويلبي كل احتياجات وطموحات كافة الأطراف المختلفة سواء الآباء أو الأمهات وكذلك الطرف المتضرر وهم الأبناء.
جلسات نقاش
وأوضح أن تلك الخلافات تحتاج إلى جلسات نقاش واستماع لكافة الأطراف المعنية والمختصين، بهدف تحقيق المصلحة العامة، بداية من الأطفال وصولا إلى الأجداد، باعتبارهم أحد مراتب الحضانة للأطفال في حال انفصال الزوجين.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن الخلافات تتمثل في سن الزواج والحضانة والرؤية أو الاستضافة والنفقة وترتيب الحضانة وسن الحضانة وشروط وإجراءات عقود الزواج، وكذلك توثيق الطلاق، والولاية للمرأة وهل هي مطلقة أم بشروط.
ورفض أبو حامد، إبداء موقفه حرصا على إثارة البلبلة والرأي العام، قائلا: "كونت رؤية متكاملة بشأن القانون، إلا أنني سأحتفظ بموقفي لحين فتح الحوار بشكل رسمي داخل مجلس النواب، حرصا على عدم إثارة اللغط في الشارع المصري".
مخالفة الدستور
وفيما يتعلق بما أعلنه الأزهر الشريف من مشروع قانون في هذا الشأن، قال أبو حامد: "٩٠% مما جاء فيه مخالفا للدستور والاتفاقيات الدولية في شأن حقوق الطفل ومنع زواج القاصرات، والأخذ ببعض ما جاء فيه قد يضع مصر في أزمة من عدم الالتزام بالاتفاقيات الدولية، وفي الحقيقة مقترح الأزهر لا يلبي طموحات الرجال أو النساء، كما أنه لا يضع حدا لمعاناة الأطفال، وما جاء فيه عبارات رنانة لا ترقى إلى مستوى التنفيذ".
واستشهد أبو حامد، بما جاء في شأن التأكيد على البت في قضايا الأسرة خلال شهر فقط، موضحا أن هذا الأمر يحدده فقط وزير العدل، لأنه أمر مرتبط بالقضاء وهناك بعض القضايا التي تحتاج لفترات أطول.
وأشار إلى أن المشروع المقدم من الأزهر أغفل أمورا كثيرة، وهي محل خلاف، ومن بينها سن الزواج الذي تركه في يد القاضي، وهو أمر مرفوض ولا تقبله السيدات، كما لم يتعرض مشروع القانون للرؤية أو الاستضافة، وترتيب الحضانة، وكذلك ولاية المرأة.
تعطيل
وأضاف: "الأزهر الشريف عطل مناقشة قانون الأحوال الشخصية أكثر من سنتين وفي النهاية جاء بتشريع يضرب به عرض الحائط لكل ما تصبو إليه الأسرة المصرية، ولا يلبي طموحات الرجال أو النساء، هذا فضلا عن تعدي الأزهر اختصاصه والتغول على السلطة التشريعية لمجلس النواب".
وأكدت الدكتور عبلة الهواري، عضو اللجنة التشريعية في مجلس النواب، أحد مقدمي مشروعات القوانين الخاصة بالأحوال الشخصية، أن مشروعات القوانين المقدمة في هذا الشأن الخلاف بها ينحصر في أمور بسيطة.
وأوضحت أن تلك الخلافات تتمثل في الحضانة، والسن، والرؤية، مشيرة إلى أن التشريعات المقدمة سواء من الأزهر أو النواب، بعضها يرى أن تكون الرؤية بصفة مستمرة، أو على فترات، أو اصطحاب، أو استضافة.
ولفتت إلى أنها تقدمت بمشروع قانون متكامل في هذا الشأن وهو مشروع قانون موحد بالأسرة المصرية، ويتشابه إلى حد كبير مع المشروع المقدم من النائب محمد فؤاد.
أهمية القانون
وأكدت أن مشروع القانون الخاص بها، يتألف من 5 أبواب، بواقع 224 مادة، تبدأ بتنظيم العلاقة بين الطرفين من الخطبة، وصولا إلى الطلاق أو الوفاة، مرورا بحقوق الزواج، والنفقة ورعاية الأطفال والاستضافة وتوثيق الزواج والطلاق وغيرها.
وأوضحت عبلة الهواري، أن هذا التشريع من القوانين المهمة، لا سيما في ظل امتلاء ساحات المحاكم بهذه النوعية من القضايا، الأمر الذي يتوجب التدقيق والعناية في اختيار المصطلحات من أجل الخروج بقانون متوازن يحفظ حقوق جميع الأطراف؛ الزوج والزوجة والأطفال.
وقالت عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان: إنها ترى النزول بسن الحضانة حتى 15 عاما بدلا من 16، وأن يكون ترتيب الحضانة على النحو التالي الأم ثم أم الأم، ثم أم الأب، ثم الأب، وبذلك يكون ترتيب الأب الرابع، بينما هو في القانون الحالي ترتيبه 16.
وأكدت الدكتورة عبلة الهواري، أنه لا مانع من التشاور في كل التشريعات المقدمة، والوصول إلى صيغة توافقية، قائلة: "لا بد وأن يكون هناك شيء من المرونة والمواءمات، لا سيما أنني تعرضت لهجوم من الرجال بسبب هذا القانون، وتلقيت اتهامات بأني أتبع المجلس القومي للمرأة، وهذا غير صحيح".
الرؤية
ورفضت عضو مجلس النواب، استبدال الرؤية بالاستضافة، لأنه يترتب عليها مشكلات لجميع الأطراف، قائلة: أنا مع الرؤية بشكل منتظم في أماكن مستقرة، ولمدة 3 ساعات كما هو معمول به.
وفيما يتعلق بموقفها من الاستضافة أو الاصطحاب، أكدت الهواري، أنه إذا كان هناك اتفاق على الاستضافة فلا بد أن يوضع لها ضوابط، ومن بينها أن يكون الطفل على قوائم الممنوعين من السفر، حتى لا يلجأ غير الحاضن للسفر به بدون إذن الحاضن، كما يجب أن تكون هناك متابعة ومراقبة لغير الحاضن أثناء فترة الاستضافة أو الاصطحاب.
وقالت: "كثير من الحالات يتم فيها الاصطحاب والاستضافة بدون مشكلات، وهذا يتم بالتفاهم بين الطرفين، ولكن لا بد أن تكون هناك ضوابط في حال وجود خلافات، خصوصا أن مصر لا يوجد فيها ضوابط لعملية الاستضافة".
توافق
فيما أكد سعيد حساسين، عضو مجلس النواب، أهمية أن يكون هناك توافق بين مشروعات القوانين المقدمة في شأن الأحوال الشخصية، حتى يخرج قانون متوازن يحافظ على قوام الأسرة المصرية، مشيرا إلى أن العقبات في القانون الحالي تسببت في امتلاء ساحات المحاكم بالقضايا، وهو ما يترتب عليه وجود أزمات نفسية، خصوصا للأبناء في ظل الخلافات بين الآباء في حالة الانفصال.
وبشأن سن الحضانة، أكد حساسين على ضرورة أن يكون ذلك متوافقا مع قانون الطفل في شأن تحديد سنه وتعريفه، مشيرا إلى أنه تقدم بتعديل سن الطفل في القانون ليصبح ١٦ عاما، وبناء على ذلك يكون سن الحضانة عند ١٦ عاما.
وأضاف: "أؤيد فكرة الاستضافة بدلا من الرؤية لساعات قليلة، حرصا على مشاعر الآباء غير الحاضنين، لكن لا بد أن يكون هناك ضوابط واضحة وموضوعية لعملية الاصطحاب أو الاستضافة، لأنها أحد مسببات الخلافات بين الأزواج المنفصلين".
وأشار إلى أهمية أن تستمع اللجنة التشريعية لكافة الرؤى في هذا الشأن بما في ذلك ما أعلنه الأزهر الشريف، باعتباره المرجعية الرئيسية في كل التشريعات، مشددا على ضرورة مراعاة كل الأطراف في مناقشة القانون، وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر.