ألاعيب رجال الأعمال للهروب من الأحكام القضائية.. أبرزهم السيد البدوى وإيهاب طلعت.. خبير قانونى: السجن والعزل من الوظيفة عقوبة التقاعس عن تنفيذ الأحكام
حكم قضائى بلا تنفيذ هو والعدم سواء.. فلا الجانى نال جزاءه الذي يستحق، ولا المجنى عليه استرد حقه، بل في كثير من الأحيان يظل المدان طليقا، يتجول بحرية تامة في أي وقت، وفى أي مكان، وكأنه يقول لضحاياه: إنه فوق القانون ولا يجرؤ أحد على محاسبته.. من بين هؤلاء مسئولون سابقون ورجال أعمال، استولوا على أموال آخرين، وصدرت ضدهم أحكام باتة ونهائية، ولكنها تظل حبيسة الأدراج دون سبب ولا مبرر.. ترى ما أسباب تأخر تنفيذ الأحكام.. وما عقوبة الممتنع عن تنفيذها.. وما آلية التنفيذ؟ إجابات هذه التساؤلات وغيرها في السطور التالية.
في البداية كشف مصدر مطلع عن أن الأجهزة الأمنية لا تدخر جهدا في تنفيذ ما يصلها من أحكام نهائية صادرة من المحاكم المختلفة، وهناك إدارات ووحدات للتنفيذ موجودة في مختلف مديريات الأمن وأقسام ومراكز الشرطة على مستوى الجمهورية، ويوميا يتم تنفيذ مئات الأحكام سواء الجنائية أو الجنح أو الغرامات.. وأضاف المصدر أن هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدى إلى تأخر تنفيذ حكم قضائى، من بينها ضخامة عدد الأحكام، والأساليب والألاعيب التي يلجأ إليها الجناة للهروب من التنفيذ مثل تغيير محال الإقامة، والتنقل باستمرار من مكان لآخر، وكثرة الأسماء المتشابهة، والهروب خارج البلاد.
وفى رده عن سبب عدم القبض على الأشخاص الصادرة ضدهم أحكام قضائية رغم ظهورهم المتكرر في أماكن سكنهم وعملهم.. مثل رجلي الأعمال السيد البدوى رئيس حزب الوفد السابق، والصادر ضده عدد كبير من الأحكام القضائية بعضها بات ونهائى في قضايا شيكات بدون رصيد وتزوير.. والمنتج الفنى إيهاب طلعت الصادر ضده عشرات الأحكام القضائية بالحبس في قضايا شيكات بدون رصيد وتبديد وغيرها.. قال المصدر: "هؤلاء لن يظلوا هاربين طويلا، وسيتم ضبطهم في أقرب فرصة، وما يؤخر عملية القبض عليهم ربما انشغال أجهزة تنفيذ الأحكام، بأحكام أخرى مثل الأحكام التي أوشكت على السقوط بمرور المدة، أو الأحكام الجنائية الصادرة بحق متهمين خطرين مثل أحكام الإعدام والمؤبد والسجن المشدد.. وبصفة عامة فإن أي شخص يصدر ضده حكم قضائى، لن تتوانى أجهزة الأمن في القبض عليه سواء كان مسئولا سابقا أو رجل أعمال"، وأضاف المصدر: إن وزارة الداخلية ممثلة في قطاع الأمن العام برئاسة اللواء علاء سليم مساعد وزير الداخلية، تخطو خطوات كبيرة في هذا الملف بإعداد خطة محكمة بملاحقة وتعقب الهاربين من الأحكام القضائية وتشكيل فرق بحث تنسيقا بين إدارة تنفيذ الأحكام ومديريات الأمن على مستوى الجمهورية، وتوسيع دائرة الفحص تنفيذا لتوجيهات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية.
من جانبه.. أكد الخبير القانونى عصام أبو العلا المحامى بالنقض والدستورية العليا، أن الهروب من تنفيذ الأحكام له آثار كارثية على على العدالة بوجه عام، فالحكم غير المنفذ هو غياب للعدالة أو عدالة معطلة.
وقد كفل الدستور والقانون حق التقاضى للجميع، وألزم القضاء بمختلف مراحله ودرجاته ببذل الجهد في بحث القضايا ودراستها بعناية بالغة، للوصول إلى أقصى درجات العدل بين المتقاضين بما يحقق السلام الاجتماعى بين الجميع.. والأحكام القضائية متى صدرت فإنها تعبر عن الحقيقة المطلقة، وأضاف أبو العلا: "بدون تنفيذ الأحكام يصبح الجهد الجهيد الذي يبذل من إجل إصدارها كأن لم يكن، ويطل الظالم ظالما والمظلوم مظلوما، أيضا إذا تم تطبيق تنفيذ الأحكام بنوع من الانتقائية بمعنى تنفيذها على البعض وعدم تنفيذها على البعض الآخر، قد يؤدى إلى اهتزاز ثقة المجتمع في تطبيق وإعمال القانون على الجميع، ومن ثم تنهار منظومة العدالة كاملة".. واستطرد: "لم يترك القانون المصرى مسألة الامتناع أو التقاعس عن تنفيذ حكم قضائى دون نص حاكم ورادع، لكل من تسول له تعطيل تنفيذ الأحكام سواء الصادر في حقه الحكم أو الجهة المنوط بها تنفيذه، بغض النظر عن العدد الهائل من الأحكام التي تصدرها المحاكم المختلفة يوميا".
وعن آليات تنفيذ الحكم القضائى قال الخبير القانونى: "عقب صدور الحكم بصيغته التنفيذية، يجب على جهة التنفيذ مباشرة عملها فورا، وضبط المتهم إذا كان هاربا، وتقديمه إلى جهات الاختصاص، لإنهاء إجراءات تنفيذ العقوبة، وليس للمجنى عليه أو الذي صدر الحكم لصالحه دخل في هذا الأمر.
وبصفة عامة فإن وزارة الداخلية بأجهزتها المختلفة وبما لها من صلاحيات وإمكانات، هي المنوط بها تنفيذ الأحكام وعليها أن تتحرك فورا للقيام بواجباتها التي حددها القانون وضبط الهاربين بما يحقق العدالة على وجهها الأكمل"، وفى حالة الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائى، أشار أبو العلا إلى أن قانون العقوبات نص على أن كل موظف عام امتنع عن تنفيذ حكم أو أمر صادر من محكمة، يعاقب بالحبس والعزل من وظيفته.. ولكن القانون اشترط على المحكوم له إنذار القائم بالتنفيذ، وهم وزير الداخلية بصفته الرئيس الأعلى لإدارة تنفيذ الأحكام، ومدير الأمن التابع له محل إقامة المحكوم عليه، ورئيس مباحث القسم الذي يقع في دائرته الحكم المطلوب تنفيذه.. وتابع، أن القانون اشترط إمهال المنذر اليهم ثمانية أيام تبدأ من تاريخ تمام الإعلان وبعد انقضائها دون تنفيذ يحق للمحكوم له اللجوء إلى المحكمة بطريق الادعاء المباشر طالبا تنفيذ القانون على الممتنعين عن تنفيذ الحكم.
في سياق متصل قال اللواء محسن حفظى مساعد وزير الداخلية الأسبق: إن عملية تنفيذ الحكم تبدأ من إرسال المحكمة الحكم القضائى إلى وحدة تنفيذ الأحكام بنطاق كل مديرية، ثم يتم إرسالها إلى وحدة تنفيذ الأحكام بنطاق دائرة القسم التابع له محل إقامة المحكوم عليه، وبناء على الحكم تتم متابعة تحركات المتهم، وإعداد الدراسات والخرائط بالأماكن التي قد يتواجد فيها، وجمع المعلومات الكاملة إذا كان من العناصر شديدة الخطورة، ثم يتم إعداد مأمورية أمنية لضبطه، وهذا الأمر يستغرق بعض الوقت لحين التنفيذ، مما تسبب في تراكم الأحكام.. وأضاف أنه في حالة عدم العثور على المتهم في محل إقامته المدون في بطاقة الرقم القومى الخاصة به، يتم التنسيق مع الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام بقطاع الأمن العام، لتكثيف البحث والتحرى عنه لتحديد مكان تواجده.
نقلا عن العدد الورقي