رئيس التحرير
عصام كامل

ضحكتهم تستاهل.. رحلة أطباء العمرانية في الكشف المجاني على طلاب المدارس

فيتو

قبل نحو أسبوع أو أكثر، كانت مدرسة "الإيمان" الواقعة في منتصف حي العمرانية بالجيزة، تستعد لإنهاء فقرة الطابور الصباحي، ويحاول كل مدرس الوصول سريعا إلى الفصل استعدادا لبدء الحصة الأولى في تمام الثامنة صباحا، يتراص الطلاب خلف بعضهم البعض، في طريقهم إلى البوابة المؤدية إلى مبنى الفصول. لكن ثمة زوار يطرقون البوابة الرئيسية للمدرسة، نحو ستة أشخاص بين نساء ورجال، يحملون في أيديهم حقائب ممتلئة بفرش الأسنان ومعجون طبي، يصل عددهم لنحو ألف عبوة. يسارع أحدهم إلى مدير المدرسة يخبره بأنهم أعضاء مبادرة "هنغيرها" لمتابعة صحة أطفال مدارس حي العمرانية، من خلال الكشف على أسنانهم وسلوكهم وكذلك تحديد نظام غذائي لهم".


كنا 5 دكاترة بدأنا أن نتوزع على الفصول ونكشف على كل طالب ولو فيه طالب محتاج علاج ما بنكتب ده في كارت المتابعة وهو بعد كدة بيروح يكشف في العيادة مجانا والمبادرة تتكفل بعلاجه".. يتحدث الدكتور "خالد هندي" أحد أطباء الأسنان المشاركين في الحملة.


منذ نحو شهر كان خالد، طبيب الأسنان الذي تخرج من جامعة الأزهر عام 2017، وعمل في أحد عيادات الأسنان في حي العمرانية بالجيزة، يتصفح موقع التواصل الاجتماعي فوقعت عينه على منشور على مجموعة تسمى "عز الدين عمر" تحمل اسم أحد شوارع الحي، يخبرهم فيها مسئول الصفحة "مدحت الجيزاوي" صاحب أحد المحال بالمنطقة ومسئول مبادرة "الرحمة حلوة" الراعية لحملة الكشف على أطفال المدارس، بانطلاق الحملة خلال الأيام والمبادرة في حاجة إلى عدد من الأطباء في تخصصات طب الأسنان والتغذية والسلوك، فلم يتردد خالد ومجموعة من زملائه في الانضمام إلى المبادرة، والمساهمة في تقديم العلاج، " كانت أول مدرسة من أسبوع أو أكثر في مدرسة الإيمان، وبعدين مدارس خالد بن الوليد والعمدة واللواء نبيل فرج، وكان معايا دكتور أحمد فضل صديقي ودكتور محمد، ودكتور آلاء حرفوش خبيرة التغذية، ودكتور عبير خبيرة التخاطب والسلوك، وهنروح يوم الأحد مدارس أخرى بحيث نغطي المنطقة كلها".


بدا اليوم الدراسي غير عادي في الأربع أو الخمس ساعات الأولى منه، ما يشبه حالة الطوارئ قد أعلنت في الفصول، يدخل خالد مع زميل آخر إلى أحد الفصول، بينما يتوزع البقية على الفصول الأخرى، يمسك كل منهم أدوات الكشف الخاصة بفحص الأسنان واللثة، وباليد الأخرى كارت متابعة يتم فيه تدوين كل ما يتم رصده في فم الطفل، سواء كان الأمر متعلقا بعمل تقويم مبكر للأسنان لمن هم في سن السادسة، أو حالات التسوس التي يؤكد خالد أنها كانت موجودة بكثرة في شريحة من الطلاب، "لقينا من 6 لـ 8 سنوات كانت الدروس الخلفية فيها تسوس، ومن 10 سنوات خالعين الدرس اللبني ما قبل الأخير، كان فيه حالات محتاجة تقويم ونوهنا لده في كروت المتابعة، بحيث ننبه الأهل إنهم يعملوا لهم تقويم قبل ما الحالة تتدهور، كشفنا على نحو ألف طفل وسلمناهم فرش أسنان ومعجون".

لم يقتصر الأمر على فحص أسنان تلاميذ مدارس العمرانية، فكان ضمن بنود الحملة أن ينضم أطباء مختصين في مجالات التغذية وعلاج السمنة والنحافة لها، ما دفع آلاء حرفوش، خبيرة التغذية بالمنطقة، أن تشارك دون أن تتساءل عن المقابل المادي أو ما شابه، "أنا كنت عارفة من الأول إنه الموضوع مجاني وبدون أي مقابل مادي، لكن اللي دفعني أشارك حبيت إني أساعد الأطفال خاصة فيما يتعلق بسمنة الأطفال لأنها كارثة، وطالما قادرة أساعدهم فليه ما اشاركش!، رحت مع دكتور عبير ودكتور خالد وزملائه، الأطفال كانوا مبتسمين لنا ومبسوطين واحنا بنكشف عليهم".

أكثر ما كانت تخشاه آلاء هو ارتفاع نسبة السمنة بين الأطفال الذين سيتم فحصهم، فكانت كلما صادفتها حالة لطفل لا يتناسب وزنه مع طوله وسنه، كانت تحاول تخفيف أثر التعليمات التي تلقيها عليه، حتى لا يشعر الطالب بالحرج أمام أقرانه، "كنت بحاول أفهمهم بالراحة من غير ما يحسوا إنه بيتم التنمر عليهم أو ما شابه، لاحظت إنه في سن 8 و9 سنين كان بينهم بدايات سمنة كتير، غير طلبة تانيين عندهم بدايات أنيميا وكتبت في كروت المتابعة إنه لازم يوزنوا ويحللوا أنيميا، وبعد الكشف بنتابع معاهم تغذية الأطفال من خلال الجروب"، حيث اقترحت آلاء أن يتم تدشين مجموعة على فيس بوك تختص بتحديد وجبات يومية تساعد الطلاب والمدرسين على التركيز خلال ساعات الدراسة.

دائما خلف الكواليس ربما يقف شخص أو مجموعة من الأشخاص، كانوا بمنزلة الآلة المحركة لهذا العمل برمته، سواء من خلال تقديم التسهيلات أو استقطاب مجموعة المشاركين في العمل حتى يخرج إلى النور متكاملة أركانه، كان "مدحت الجيزاوي"، صاحب أحد المحال التجارية بالمنطقة، ومسئول مبادرة "الرحمة حلوة" التي تهتم بتقديم كافة الخدمات للحي، بداية من تقديم تسهيلات إحداث تصليحات بمنشآت الحي من خلال التواصل مع المحافظة وإدارة الحي، حتى الاهتمام بصحة أطفال المدرسة من خلال الكشف المبكر عليهم، "بحاول أقدم اللي اقدر عليه في الشارع ولأهل المنطقة والمناطق نحوي؛ لأن اللي هيقدر يخدم الناس حد منهم، والموضوع مش تحت أي مؤسسة أو حزب أو جمعية ولا ليه أي أهداف سياسية.

"أول ما أطلقنا الفكرة بدأ دكاترة الأسنان في عرض خدمات علينا وبناء عليه اشترينا فرش ومعجون أسنان للأولاد وبدأنا إطلاق فاعلية هنغيرها تعليم ضحكتهم بالدنيا، وتم الاتفاق مع دكاترة الأسنان مركز إدراك للتأهيل وتنمية الطفل، وعلشان الموضوع يكون رسمي بشكل أكبر تم التعاون مع أستاذة هبة عمر، إدارة الأمومة والطفولة بحي العمرانية، علشان من خلالها يتم استخراج الموافقات الأمنية لدخول المدارس".

الجريدة الرسمية