رئيس التحرير
عصام كامل

«ماسبيرو».. التاجر لما يفلس.. البرلمان يتحرك ويخاطب الحكومة لسداد مديونياتها للمبنى العريق.. وكيل «الوطنية للإعلام» يشرح للنواب خطة التخلص من «مديونية الاستثمار».. ويطالب

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


مديونيات متراكمة منذ سنوات طويلة كانت ولا تزال سببا في منع ظهور مبنى الهيئة الوطنية للإعلام _ اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا _ في الشكل اللائق بتاريخه بمجال الدراما والإنتاج البرامجي، وسط مجموعة من الفضائيات الخاصة التي باتت هي الأقوى حاليا، وتنال الجزء الأكبر من تورتة الإعلانات بأكملها، ولا يتبقى للمبنى العتيق إلا الفتات جراء غزو هذه المحطات لمنازل المشاهدين، وتحقيقها المراكز المتقدمة في نسب المشاهدات على عكس قنوات وإذاعات مبني التليفزيون.


أزمة بنك الاستثمار
قطار الأزمات داخل مبنى التليفزيون لا يزال يقبع ولا يتحرك منذ سنوات، خاصة بعد أحداث يناير ٢٠١١ من تلك المحطة الأكبر والأضخم في عمره، وهي ملف مديونيات بنك الاستثمار التي تتضاعف سنويا، وتلحق بماسبيرو المزيد من الخسائر في موازنته عاما تلو الآخر، وسط محاولات مضنية من قيادات الوطنية للإعلام لحل تلك المشكلة من جذورها واقتلاعها بالشكل الذي يتحرر معه المبني من ديونه، ويصبح الطريق مفتوحا إليه للعودة بمركز يتناسب مع تاريخ أقدم تليفزيون في المنطقة العربية ككل.

وتبلغ فوائد الديون الخاصة ببنك الاستثمار سنويا نحو ٤ مليارات جنيه، ما كان سببا في زيادة العجز والخسائر السنوية في ميزانية المبنى، لذلك كان التحرك والبحث عن وسيلة لإيقاف ذلك النزيف والجرح الهائل الذي ينهش في جسد التليفزيون على رأس أولويات مجلس الهيئة الوطنية للإعلام برئاسة حسين زين منذ تولي الأخير مهام إدارة المبنى العتيق المطل على كورنيش النيل، لتبدأ مجموعة من الخطوات تباعا تساهم في التحرر من هذه المديونية.

وكان الحل الأمثل في مقايضة سريعة مع بنك الاستثمار حول استحواذ الأخير على قطع أراض مملوكة للمبنى وفي أماكن مميزة بالمحافظات، والاستغناء عنها لا يمثل أزمة في عملية الإنتاج الإعلامي لمخرجات الشاشات والإذاعات في المبنى وجرى بالفعل اتخاذ مراحل متقدمة في إنجاز ذلك المقترح بالتعاون مع البنك.

سياسات مالية
على الجانب الآخر، وخلال سعي قيادات التليفزيون لحل أزمة ديون البنك المتراكمة جراء سنوات طويلة فائتة، كان أعضاء لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب يعلنون الاعتراض على سياسات التليفزيون المالية، وحجم خسائره المتزايد سنويا، وظهر ذلك جليا في الهجوم الشديد الذي تعرض له وكيل الوطنية للإعلام إسماعيل الششتاوي وآخرين من قيادات المبنى خلال زيارتهم للبرلمان الأسبوع قبل الماضي، حيث شن أعضاء النواب هجوما على التليفزيون، ليجد وكيل الهيئة نفسه في موقف لا يحسد عليه، غير أنه كان جاهزا بالردود المقنعة التي حولت الدفة تماما في ذهن الأعضاء فور عرضه للخطوات الجريئة التي تم اتخاذها للخروج من أزمة الديون، خاصة وأنها مشفوعة بأرقام مالية ساهمت في تكوين فكرة جديدة إيجابية عن المبنى المظلوم في أزمة المديونية.

دفاع الششتاوي عن التليفزيون تضمن العديد من النقاط المحددة أولها أن الدين الخاص ببنك الاستثمار كان بسبب إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامي والنايل سات، وهما مشروعان كانا يعتبران أمنا قوميا في وقتهما ونجاحا كبيرا للدولة آنذاك، كما أن ارتفاع الفوائد السنوية كبير للغاية، ولم يكتف الرجل بذلك، بل شرح للأعضاء أن التليفزيون يقدم خدمات للوزارات والمحافظات، ويساهم في نقل المؤتمرات والمحافل التي يحضرها رئيس الدولة ورئيس الوزراء، متحملا تكلفة ذلك البث والنقل، وكل ذلك مجانا، بينما المفترض أن هناك مقابل خدمة يحق لماسبيرو الحصول عليه، خاصة وأن القانون حاليا يعتبره هيئة اقتصادية.

التسعير
وأوضح الششتاوي أن التسعير الأخير لتلك الخدمات يصل في العام لنحو ٥ مليارات جنيه، ما يعني أن المبنى سيحقق فائضا ماليا سنويا حال ضخ ذلك المبلغ لخزينته كل عام، خاصة وأن أجور العاملين بالمبنى تصل إلى ٣ مليارات جنيه، بما يعني أن نحو ملياري ستكون بحوزة المبنى ليعود لسوق الدراما ويغير في محتوى برامجه، ويصبح قادرا على مناقشة القطاع الخاص، بل وتزعم المشهد، خاصة وأن الإمكانات الهندسية في المبنى لا توجد في أي كيان آخر لا سيما مع إصلاح القديم منها وصيانته بالأموال الإضافية التي ستكون في الميزانية.

آليات الدفاع لوكيل الوطنية للإعلام عن المبنى تضمنت أيضا تأكيده على وصول بنك الاستثمار والتليفزيون لاتفاق شبه نهائي حول حصول الأول على قطع أراض مقابل جزء كبير من المديونية المستحقة مما يساهم في تقليل الفوائد بشكل واضح، لتصبح أزمة المبني المالية شبه منتهية، وبعدها يمكن محاسبة قياداته على كل مليم.

الششتاوي أكد لأعضاء البرلمان أنه بعد عامين فقط من تحقيق الخطة متكاملة كما شرحها سيكون التليفزيون من أوائل الهيئات التي تورد لخزينة الدولة فائضا من أرباحها بدلا من حالة الخسائر التي يقبع فيها المبنى.

وجاهة حديث لوكيل الوطنية للإعلام كانت سببا في تحول وجهة نظر أعضاء البرلمان نحو ضرورة مساعدة التليفزيون للخروج من أزمته، واتفق الأعضاء على توصية نهائية بمخاطبة المهندس مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، لتشكيل لجنة تقييم عادل لمقابل الخدمة التي يؤديها ماسبيرو لجميع المحافظات والوزارات والهيئات التابعة للدولة، والسعي لمنح التليفزيون حقه في ذلك، إلى جانب خطاب آخر نحو تحصيل مديونية مستحقة للمبنى لدى الحكومة جراء الخدمات لسنوات طويلة فائتة وصلت لنحو ٤٤ مليار جنيه.
الجريدة الرسمية