رئيس التحرير
عصام كامل

نتائج انتخابات تورينغن تزلزل الائتلاف الحاكم في برلين

فيتو

وجهت نتائج الانتخابات البرلمانية المحلية في ولاية تورينغن شرق ألمانيا ضربة قوية للحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، فالشريكان في الائتلاف الحاكم في برلين فقدا الكثير من التأييد، وخسر الحزب المسيحي الديمقراطي نحو 12% من الأصوات في تورينغن، بعد أن فاز بنسبة بلغت نحو 22 في المائة.

والحال كان أسوأ بالنسبة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي خسر بالمقارنة مع الانتخابات البرلمانية في 2014 ربع مجموع الأصوات وحصل اليوم على نحو 8 في المائة فقط.

وإذا ما قمنا بتعداد النتائج الانتخابية، فإن ربع الناخبين لم يصوت لكلا الحزبين اللذين يشكلان مع الحزب الاجتماعي المسيحي في برلين الائتلاف الحكومي. وهذا ليس له مثيل في تاريخ ما بعد الحرب في ألمانيا.

"اليوم هو يوم مر بالنسبة إلى الحزب المسيحي الديمقراطي"، كما قال بأول تسيمياك، الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي في ليلة الانتخابات في برلين. وكذلك الزعيمة المؤقتة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، مالو درايير تحدثت عن نتيجة مخيبة للآمال.

ويبدو أن السياسيين في برلين حائرون، في البحث عن أسباب الخسارة. ففي استطلاع للرأي بتفويض من قناة التلفزة الألمانية العامة يوافق أكثر من ثلاثة أرباع الناخبين في تورينغن على المقولة التي تفيد بأن الحزبين المسيحي والاشتراكي يهتمان أكثر بالأشخاص والمناصب عوض المضامين السياسية.

الخلاف والاتهامات مبرمجة
وعندما يجتمع أعضاء الحزبين يوم الإثنين بعد الانتخابات البرلمانية في مكاتب الحزبين في برلين، فإن الخواطر ستكون مشحونة. فالأعصاب متدهورة داخل الائتلاف الحكومي. فالتحالف الحزبي بعيد من أن يتمكن من الحكم في استقرار. ومايزال غير واضح إلى أين يتوجه الحزب الاشتراكي سياسيا. فمنذ شهور يبحث الرفاق عن قيادة حزبية جديدة.

ولم ينبثق من الجولة الانتخابية الأولى لقيادة الحزب فائز واضح، ولهذا ستكون هناك جولة إعادة في نوفمبر المقبل، والحزب منقسم على نفسه، فالفريق المكون من وزير المالية أولاف شولتس وكلارا غيفيتس من براندنبورغ يرغب في مواصلة البقاء في الحكومة في برلين. فيما يفكر أعضاء آخرون في مغادرتها.

تراشق في السياسة الخارجية
وعلى هذا النحو يبقى الاشتراكيون الديمقراطيون متوترين وتأتي ردود فعلهم جد ضعيفة، وأمكن معاينة هذا الوضع في الأسبوع المنصرم عندما اقترحت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي ووزيرة الدفاع أنغريت كرامب كارينباور دون تنسيق مسبق مع نظيرها في الحكومة وزير الخارجية هايكو ماس - من الحزب الاشتراكي - منطقة آمنة دولية في سوريا، ورد الحزب الاشتراكي في غضب ورفض وزير الخارجية ماس في العلن أثناء مؤتمر صحفي مع نظيره التركي السبت في أنقرة الاقتراح، وأضاف ماس أن ليس لديه الوقت لنقاشات ذات طابع نظري.

وليس لائقا توجيه الانتقاد من الخارج لسياسيين من المعارضة أو الحكومة، كما كتب في غضب وزير الاقتصاد الألماني، بيتر ألتماير على تويتر، والأمين العام للحزب المسيحي، تسيمياك أعلن لصحيفة "تاغسشبيغل" في برلين أن ماس "في تركيا منشغل حاليا بوضعه النفسي أكثر من وضع الناس في شمال سوريا"، وليس خفيا أن الحزب الاشتراكي "يكافح من أجل بقائه السياسي"، كما انتقد رئيس لجنة الشئون الخارجية في البرلمان، نوربرت روتغن.

هل فقد الحزب الاشتراكي قوة التحرك؟
"هذا يؤدي إلى أن الحزب الاشتراكي يقرر عمليا كل شيء وكل موضوع ولاسيما الموضوعات الشائكة من زاوية المنافسة الحزبية الداخلية وقضية بقاء الحزب"، كما قال روتغن في برلين أمام نادي الصحافة الأجنبية في ألمانيا. وأضاف: "للتعبير عن ذلك دبلوماسيا يمكن القول بأن هذه المعركة من أجل البقاء من طرف الحزب الاشتراكي لها تأثيراتها على قدرة العمل في السياسة الخارجية لهذا الحزب".

وحتى داخل الحزب المسيحي الديمقراطي يحصل مخاض كبير، فزعيمة الحزب كرامب كاربنباور تواجه صعوبات كبيرة في فرض ذاتها كرئيسة حزب، علما أنها تتطلع إلى خلافة أنغيلا ميركل في المستشارية. والمنافسة داخل الحزب لا تريد بالطبع المكوث بدون تحرك. فنائب كرامب كارينباور، أرمين لاشيت انتقد زعيمة حزبه علنا بسبب مبادرتها تجاه سوريا.

إلى أين يتجه الاتئلاف الحكومي؟
في الـ30 من نوفمبر المقبل يجب أن يعلن عمن سيقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي. ثم سيحل موعد الحصيلة النصفية للحكومة الألمانية لتكشف ما حققته، وانطلاقا من تقييمها السياسي سيقرر الحزبان الشريكان في الائتلاف الحاكم، ما إذا كانا سيواصلا التعاون، كما هو مقرر أصلا حتى عام 2021. والحزب الاشتراكي يعتزم تقرير هذه المسألة أثناء مؤتمره الوطني في بداية ديسمبر المقبل.

وفي حال جاء الجواب سلبيا، فإن ألمانيا تنتظرها أوقات صعبة، ولا يمكن استبعاد انتخابات جديدة، وفي الحقيقة لا يمكن مقارنة الوضع على المستوى الاتحادي مع ولاية تورينغن الصغيرة، لكن لن يكون سهلا حتى بعد انتخابات تشريعية تشكيل غالبية قادرة على الحكم. فالأوقات التي كانت تحتشد فيها غالبية السكان وراء حزبين شعبيين انتهت على كل حال.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية