ملف السد.. كثير من الحكمة أفضل
عندما قرأت تصريحات السيد "آبى أحمد" رئيس الوزراء الإثيوبي على مواقع وكالات أنباء عالمية، ومنذ قراءتى الأولى أدركت أن شيئا ما ليس سليما، حيث جاء نص تجييش المليون إثيوبى قلقا غير متوافق مع بقية نص التصريحات، فأصدرت تعليماتى بعدم نشر النص دون الرجوع إلى الخطاب كاملا، إيمانا منى بأن مثل هذه التصريحات الخطيرة لا يجب التعامل معها إلا وفق نص كامل غير منقوص، كما أن نشر النص مبتورا لا يفيد..
وأحسب أن التعامل الإعلامي مع قضية "سد النهضة" لابد وأن يتسم بالدقة والمسئولية والموضوعية، لحساسية مفرطة في التفسير الشعبى لهذا الملف، إضافة إلى وجود أطراف تستخدم الملف بانتهازية سياسية مزعجة، إضافة إلى غياب كثير من الثقة بسبب ظروف تاريخية كنا طرفا فيها، وتسببت فيها أنظمة سابقة على مدار عقود طويلة، أثرت بشكل سلبى على التعامل البينى فيما يخص الملف الأفريقي برمته.
في جولة المفاوضات القادمة أتصور أن تجاهل التغطية أمر يترك الكثير من الغموض ويسمح بمساحة من الإرهاصات والتكهنات والاستغلال، لذلك أرى تعيين متحدث في هذا الأمر، يصدر بياناته للرأى العام لحظة بلحظة، ووفق ما تمليه ظروف التفاوض لطمأنة الرأى العام من جانب، وفي نفس الوقت لوضع الجميع أمام مسئولياته، وتفويت الفرصة على اللجان الإلكترونية الشيطانية أن تعبث بما لا يجب العبث به..
وليس هناك مفر من عقد مؤتمرات وندوات للمتخصصين، لا يكون الهدف منها النشر بقدر ما هو توعية بالملف لكل المتقاطعين معه من صحفيين وإعلاميين ومفكرين ورجال سياسة ومؤسسات مجتمع مدنى، حتى لا تكون النتائج مفرطة في التفاؤل أو التشاؤم، فعلاج الأمر بحكمة وعلم ووعى هو الأفضل في تلك المرحلة الشائكة، دعما للمفاوض المصري في مواجهة قضية حياتية ومصيرية كلنا فيها مسئولون.