رئيس التحرير
عصام كامل

نجاح عمر تكتب: معارك في طريق الرجل العبقري

الدكتور طه حسين
الدكتور طه حسين

في مجلة صباح الخير عام 1976 كتبت الصحفية نجاح عمر موضوعا عن عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ــــــــــ تمر اليوم ذكرى رحيله في 28 أكتوبر 1973 قالت فيه:


أينما كان الدكتور طه حسين كانت معاركه جزءًا من حياته، وقد دخل الجامعة هاربًا من اضطهاد الأفكار المتحجرة، لاجئًا إلى راحة الفكر الحر.. لكنه يومها لم يكن يدرى أنه سيصبح علامة من العلامات المهمة على هذا الطريق، ويومها أيضا لم يكن يدرى أنه سيصبح من المعالم الرئيسية للجامعة المصرية.

كانت رسالته أول رسالة تناقشها الأهلية فقد تقرر امتحان الطالب المنتسب لقسم الجغرافيا طه حسين في علم الجغرافيا عند العرب فضلا عن موضوع رسالته عن أبى العلاء المعرى.

تألفت لجنة التحكيم من الشيخ محمد الخضرى رئيسا والشيخ محمد المهدى ومحمود أمين فهمى المدرسين بالجامعة واثنين من ممثلى وزارة الأوقاف، ونجح بدرجة جيد جدا ثم رشحته الجامعة في بعثة إلى فرنسا والدراسة بالسوربون.

تحولت الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية ليكون طه حسين أحد معالم الجامعة الجديدة أستاذا بها، فمارس هوايته في البحث الحر غير المقيد، وأصدر كتابه في الشعر الجاهلى ودخل بسببه في محيط من الصراعات الحزبية دون أن يريد، وكان يومها محسوبا على حزب الأحرار الدستوريين بحكم كتاباته في الجريدة لسان حال الحزب.

ويومها كان سعد زغلول رئيس مجلس النواب وطبعا كانت الاغلبية وفدية فطالب أعضاء البرلمان برجم طه حسين بحجة مخالفة الدين في الكتاب، ووقف الشيخ الغاياتى متشنجا في البرلمان مطالبا بأقصى العقوبة وهى الرجم.

بينما اشتدت المناقشات بين سعد زغلول رئيس المجلس وعبد الخالق ثروت رئيس الوزراء ورفعت الجلسة ولم يتوصلوا إلى شيء، ومن ناحية أخرى أبلغ بعض النواب وبعض شيوخ الأزهر النيابة العامة مطالبين بعقاب طه حسين عقابا رادعا.

خرجت المظاهرات تطوف الشوارع وبيت سعد زغلول تطالب برأس طه حسين فيقف سعد زغلول وسطهم خطيبا فيقول (هبوا أن رجلا مجنونا يهذى في الطريق، فهل يغير العقلاء فيه شيئا، أن الدين متين وليس الذي شكك فيه زعيما ولا إماما حتى نخشى من شكله على العامة، وماذا علينا إذا لم نفهم البقر).

ويتقدم طه للتحقيق أمام النيابة عام 1926، وبعد "س وج" حفظت النيابة التحقيق ولم ترفع دعوى ضده.

وداخل الحرم الجامعى كانت تنتظره معركة أخرى حيث ضم مدير الجامعة أحمد لطفى السيد الفتيات للدراسة بالجامعة لأول مرة، وكان طه حسين هو عميد الأدب، وكان إسماعيل صدقى رئيسا للوزارة ومؤسسا لحزب الشعب الموالى للسراى وأصدر جريدة الشعب يطالب فيها باستقالة طه حسين من الجامعة وتعيينه رئيسا لتحرير جريدة الشعب.

رفض طه التعاون مع حكومة تزور الانتخابات وتغلق دور الثقافة ومعاهد التمثيل، فيتقدم بعض النواب باستجواب إلى وزير المعارف حول كيف يسمح لكاتب ملحد خارج عن الدين أن يستمر في عمله بالجامعة مستندين إلى صورة العميد وسط الطلبة والطالبات في كلية الآداب.

تستجيب حكومة صدقى وتفصل طه حسين وتنقله إلى وزارة المعارف مفتشا للغة العربية، ويرفض حسين تنفيذ النقل فتفصله الحكومة فيتقدم مدير الجامعة لطفى السيد باستقالته.

كانت هذه المعركة نقطة فاصلة في حياة العميد بعد أن وقفت الجماهير معه ضد حكومة صدقى الرجعية.
الجريدة الرسمية