رئيس التحرير
عصام كامل

حزب الكنبة


أظن أن هذا المصطلح ظهر في أحداث 25 يناير، وهو من ابتكار المهندس "نجيب ساويرس".. مصطلح "حزب الكنبة" من المصطلحات السياسية المستحدثة التي اكتسبت أهمية وزخمًا كبيرًا في الفضاء السياسي المصري، خصوصًا في مرحلة ما بعد الثورة، ولذلك تعددت تعاريفه وتوصيفاته.


فهو عند البعض مصطلح يعبّر عن الأغلبية الصامتة من الشعب العازفة عن السياسة بأشكالها كافّة. ومنهم من يحصرها في قطاع من الشعب يتجاهل كل نداءات الانخراط في الأحزاب أو المشاركة في الحياة السياسية.

كان الظن أن بلدا شهد حدثين بحجم 25 يناير و30 يونيو سيكون معظم سكانه مسيسين ومشاركين في صناعة القرار بمنتهى الحيوية السياسية، ولكن على عكس المتوقع عادت الجماهير إلى قواعدها في الكنبة، وكأن شيئا لم يكن وكأنهم كانوا في مهمة وقتية، وحتى من تجرأ منهم وشارك في أي انتخابات خاض المعركة كمستقل وليس حزبيا، كامتداد لحزب الكنبة العريض، والسبب أن هؤلاء اعتادوا على الكسل ولا ينشطون إلا عندما يتم استدعاؤهم في الأزمات..

بالطبع هذا الحزب ليس له زعيم أو أي أيديولوجية خاصة، لكنه يمثل الأغلبية الصامتة ويفضلون البقاء في المنزل. وهم في الواقع من الإصلاحيين الذين ينتمون لمؤسسات الدولة، وهم لا يحسبون أنفسهم على المؤيدين أو المعارض ولكنهم من الناقدين لأية أخطاء ترتكبها السلطة، مما يدفع البعض لتصنيفهم معارضين، وأحيانا يؤيدون السلطة بما يدفع المعارضة لتصنيفهم من الموالاة، وبالتالي ليس لهم ظهير ولا نصير من المعارضة..

ويبدو تصنيفهم أقرب للضالين أو المغضوب عليهم، لا يحركون ساكنا أو انهم جالسون على أريكتهم أما أنهم محايدون مع ما يحدث في الانتخابات وغيرها، فهم لا يهمهم أن فاز "سين" أو "صاد"، أو أنهم يكتفون بالجلوس ومتابعة المباريات أو البرامج الترفيهية، وقد يقلبون القنوات التليفزيونية بين الفترة والأخرى لمعرفة ما يحدث فقط من باب الفضول لا من باب الاهتمام والمتابعة..

كذلك فقد تكون الأغلبية الصامتة ذات رأي وتيار وأيديولوجيات سليمة وواضحة ولديهم من الآراء والمواقف لكن لا يبادرون في التعبير عن آرائهم لخشيتهم أن صوتهم لن يصل، ولن تتحقق مطالبهم، ولعلمهم أن الأغلبية المنظمة لا تتفق معهم، فتراهم ينأون بآرائهم ولا يفصحون عنها، لأنهم في قرارة أنفسهم يعلمون أن رأيهم لن يؤخر أو يقدم..

فالكثير يظن أن الأغلبية الصامتة هؤلاء إما جبناء أو أنهم يتمتعون بالذكاء ولربما ينتظرون اللحظة المناسبة التي قد لا تأتي أبدا للإدلاء برأيهم، فالصمت بالنسبة لهم خير والسكوت وعدم الإفصاح أفضل إذا ما وضعنا في الاعتبار التبعات التي قد تقع عليهم أن عبروا عن آرائهم.

وعموما فهؤلاء التيار العريض غير المنظم في حاجة لصياغة أفكارهم وحركتهم في تيار أو حزب يكون وسطا بين حزب للآغلبية وآخر للمعارضة، وأغلب الظن أن الناخبين سينصبونه حزبا للأغلبية في أية انتخابات، وهو ما تحتاجه مصر في السنوات المقبلة.

ويحلو للبعض تصنيف حزب "الكنبة" على أن غالبيته من الطبقة الوسطي، أو التي كانت هكذا وهي التي تلقت قدرا من التعليم والثقافة لا بأس بها، وهي التي خسرت ماديا ومعنويا بعد ٢٠١١، وهي لا تحب ولا تكره، ولا تجعل من أحدا ملاكا ولا شيطانا، والحلول عندها واقعية تفاوضية، وهي التي لم تشرب من نهر الاستقطاب..

والأمر عندي إن الرئيس "السيسي" هو القادر على تحريك الأمور ودفع مصر من سنة أولى ديمقراطية لسنة تانية وتالتة، خاصة وهو يقود معركة الإصلاح، لأن النتائج ستكون مبهرة إذ لديه وحولة فريق من الإصلاحيين يضعون الأساس الصلب للبنية التحتية للديمقراطية، وعمادها حزب "الكنبة" المنسي.
الجريدة الرسمية