رئيس التحرير
عصام كامل

دموع "عزت بدوى".. دموعنا كلنا!


لكل ثورة جرحى وضحايا، ولكل نكبة جرحى وضحايا، ومهنتنا، السيدة صاحبة الجلالة سابقا، الذليلة حاليا، منكوبة، ليس فقط في هوان الكفاءات، وتردى الخيال، وتسلط الأشباه، وصعود الدون، بل أيضا أصيبت في نخوتها وفى ضميرها الإنسانى. ما يميز مهن الدفاع عن الحياة، الطب والمحاماة والصحافة والفن، هو الضمير الحساس. بدون الإحساس يصير الضمير قطعة من المطاط المدمج!


معظمهم مطاط مدمج، وجها وقلبا وقلما ولسانا. لكن هذا المطاط يتملبن إن رافق مسئولا أو هش له مسئول. لقد أوجعنى، وصحفيين معتبرين كثيرين، أن لا يجد الصحفى بعد الخروج على المعاش ثمن الدواء والعلاج. اوجعنا أن يضطر كاتب صحفى له تاريخه المشرف، رئيس تحرير المصور السابق، عزت بدوى من ينقذه بتوفير العلاج، وظل يسأل الحكومة مر السؤال أن عالجيني عالجيني ولا من مجيب، فدعا عليه ربه واحتسبه وكيلا له عليها في بوست له على صفحته.

كان الدعاء مؤلما، وكانت حاجة صحفى تجاوز السن، إلى العلاج وعجزه عن الحصول عليه، هي النهاية النمطية التي تنتظر كل صحفى لم يمد يده على مال عام أو خاص، بالسرقة أو الابتزاز، وهذا معروف، واكتفى براتبه حفظا لشرفه وسيرته ومراعاة لله وخوفا منه.

في ذلك، يشبه الصحفيون الكبار في النهايات مثل شيوخ نجوم الفن، مع الفارق، أن النجوم يحققون ثروات ويكسبون وينفقون وربما لم يعملوا حساب الأيام الأخيرة، حيث للزمن وطأة. وللسن دورة، وللأصحاب جولة..

لا يحقق الصحفى الشريف المال الكافى.. ومعظمنا يستعين على الدخل المحدود بماكينة الصرف الشهرى. ينتظر صحفيون كثيرون، معاشات وغير معاشات، بوست التنبيه: البدل في المكان!
فنهرول..

يذكرنى هذا الإشعار بنداء قديم ونحن في روزاليوسف، وصوت عم عبد الراضى رحمة الله عليه ينادينا: الفراخ في الجمعية! تلك هي الحقيقة. مازلنا نهرول. شيوخا وشبابا. أمكتوب علينا الهرولة يا الله حتى نهاية العمر؟

طبعا كان منا من هرولوا بالشباشب والعوز يدك كيانهم ويتلبس ملامحهم، لكنهم الآن من رموز الفحش المالى والإعلامي ونكران الأصل والفصل وطين البرك!

إنهم تعالوا على أن يغيثوا زميلا يتسول ثمن العلاج. اعتذر عن قسوة الكلمة. التسول على فيس بوك هو آخر ما تبقى لدى الرجل من وسيلة لتذكير الزملاء ولتذكير النقابة، برئيسها ومجلسها، بأنه بلا نقابة ولا رئيس نقابة ولا مجلس نقابة ولا حتى زملاء له صاحبوه أو تتلمذوا على يديه أو كان لهم يوما رئيس تحرير في دار الهلال العريقة.

ما هذا الذي يحدث بحق الله وبحق العيش والملح والكرامة وشرف المهنة؟ كيف تذلون صحفيا لحاجته إلى العلاج؟.. علاج يعنى مرض. يعنى ألم. يعنى تراجعا في الزمن المتبقى من الحياة وتقدم نحو الموت. يعنى الرحيل. علاج يعنى إنقاذا. النقابة ونقيبها تخلوا عن "عزت بدوى"، وإلا فلما صرخ؟

وكم "عزت بدوى" يمنعه حياؤه أن يصرخ، لكنه سوف يصرخ.. سوف يصرخ مع وطأة الحاجة والألم المبرح، ودموع أفراد أسرته لا تسعفه.

من أجل هذا، كتبنا على صفحتنا في فيس بوك وأهبت بالشرفاء ذوى النخوة من الزملاء الطيبين، فشاركوا ودعوا واستحثوا، ونجحت الحملة، فاستجاب المتحدث الرسمى لرئيس الوزراء الزميل "هانى يونس" عاجلا، واتصل المستشار الطبي للحكومة بالزميل الموجوع، وتقرر إصدار قرار بعلاجه على نفقة الدولة الثلاثاء القادم.

أتصور أنه من الأفضل علاجه فورا ثم اللحاق بالقرار. وأتصور أن على النقابة البحث عن آلية لحفظ كرامة الصحفيين الكبار في المعاشات وحاجتهم إلى العلاج، دون الحاجة إلى إراقة ماء الوجه. ذلك اقتراح طرحه زميلي "إيهاب البدوى" وقد شاركنى الحملة، وكذلك الزميلان الكبيران "محمد صلاح الزهار" و"حسين عبد القادر".

هل سنصرخ هكذا كل مرة؟ هل يكون ذلك عملا فرديا. ما مصير مشروع مستشفى الصحفيين الذي بدأه النقيب السابق الإنسان "عبد المحسن سلامة"؟ هل تابعت المشروع يا أستاذ "ضياء رشوان"، النقيب الحالى؟!
اكفونا شر وألم ومهانة أن نتسول العلاج والدواء.. إن لم تفعلوا فالنهايات والمصائر واحدة. يوم لك وأيام عليك.
الجريدة الرسمية