رئيس التحرير
عصام كامل

انفراد بالمستندات.. قصة 3.8 مليار جنيه ضائعة بين «السلع التموينية» والبقالين.. توجيه رئاسى بتشكيل «لجنة فحص» للسنوات الثلاث الماضية.. والتجار يحذرون من «القرارات العقابية»

فيتو


«الأزمات عرض مستمر.. وكل يوم أزمة جديدة».. الوصف الأدق الذي يمكن اللجوء إليه عند الحديث عن العلاقة التي تربط بين وزارة التموين والتجارة الداخلية، وبقالى التموين وشباب مشروع «جمعيتي»، فلا تكاد تنتهى أزمة بين الطرفين إلا – وفى غمضة عين- تظهر أزمة ثانية أكثر فداحة.


ولعل ما كشفه خطاب رسمى موجه من وزارة التموين والتجارة الداخلية إلى مديريات التموين، يؤكد أن هناك أزمة مرتقبة ستشتعل بين البقالين التموينيين وأصحاب مشروع جمعيتى، وبين الوزارة، بسبب تحصيل المبيعات الحرة خارج الدعم المستحق لدى البدالين وأصحاب «جمعيتى» لصالح هيئة السلع التموينية، وذلك خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى 30 سبتمبر 2017.

المبيعات الحرة
يذكر هنا أن «المبيعات الحرة خارج الدعم » تمثل المبالغ فوق القيمة المحددة للدعم على البطاقة التموينية، ويسدد المواطن تلك القيمة عندما يشترى سلعا بقيمة تفوق قيمة الدعم المستحق بالبطاقة التي تبلغ 50 جنيهًا للفرد الواحد بالبطاقة حتى الفرد الرابع، لتصبح قيمة دعم «الفرد الخامس» فأعلى 25 جنيهًا.

وجاء في الخطاب الذي حصلت «فيتو» على نسخة منه، أنه «إيماء إلى الكتاب الوارد من رئاسة الجمهورية بشأن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات والمتضمن محاسبات ومطابقات السلع التموينية ووجود فروق مالية بين قيمة ما تم تسليمه للبدالين التموينيين من سلع تموينية بفروع الجملة، وما بين المبيعات بموجب البطاقات التموينية الذكية والورقية، بعد خصم الأرصدة في نهاية 30 / 9 / 2017، وذلك منذ بداية تطبيق منظومة السلع الغذائية اعتبارا من 1 / 7 / 2014، وحتى 30 /9 / 2017، قررت وزارة التموين تشكيل لجنة من الجهات المعنية لإجراء المراجعة اللازمة».

ووجه الخطاب مديريات التموين بتحصيل المبيعات الحرة خارج الدعم المستحقة لدى البدالين لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية، خلال الفترة من أول يوليو 2014 حتى 30 سبتمبر 2017، حيث سيتم إرسال أسطوانات مدمجة متضمنة قيمة المبيعات الحرة خارج الدعم المستحقة على كل بدال تموينى أو مشروع جمعيتى بدائرة المحافظة خلال فترة الفحص، ويتم إخطار البدالين وأصحاب جمعيتى بالمبالغ المستحقة عليهم عن المبيعات الحرة خلال فترة الفحص، وفقًا لما ورد ببيان شركات البطاقات الذكية (سمارت – فرست داتا) بالأسطوانة المدمجة، ويتم إجراء المحاسبة اللازمة عن هذه المبالغ بحيث يتم مراجعة المبالغ المحددة من البدال التمويني، وصاحب جمعيتى من خلال المستندات المقدمة منه، والتي قد يكون قام بسدادها قبل هذا التاريخ عن ذات فترة الفحص.

إجراءات التحصيل
وبحسب الخطاب، يتم تحصيل هذه المبالغ من التجار التموينيين ومشروع جمعيتى لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية، ووفق ما هو متبع حاليا من إجراءات للتحصيل بحسابات الهيئة العامة للسلع التموينية البنكية، ويمكن تحصيل هذه المبالغ على أقساط بحد أقصى 12 شهرا من تاريخ سداد أول قسط مع أخذ الإقرارات اللازمة بالسداد.

وشددت «التموين» في خطابها أنه في حالة عدم التزام البدالين أو مشروع جمعيتى بسداد المبالغ المستحقة عليهم بأى طريقة من طرق السداد، سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية مع الإنذار بسحب الحصة التموينية وإلغاء الترخيص، ويتم تشكيل لجنة من قبل المديرية لمتابعة هذه الإجراءات وما تم تحصيله من المبالغ المستحقة على هذه الأنشطة وموافاة الوزارة بما تم تحصيله، على أن يتم تحصيل المبيعات الحرة خارج الدعم لدى البدالين التموينيين ومشروع جمعيتى خلال الفترة من أول يوليو 2017 وحتى 30 سبتمبر 2017 لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية.

فروق مالية
وفى السياق قال مسئول بإحدى شركات البطاقات الذكية، عضو في اللجنة المشكلة بقرار من وزارة التموين: تبين وجود فروق مالية بين قيمة ما تم تسليمه للبدالين التموينيين من سلع تموينية بفروع الجملة، وما بين المبيعات بموجب البطاقات التموينية الذكية والورقية تبلغ قيمتها 3.8 مليار جنيه، واللجنة مشكلة من الرقابة الإدارية، الجهاز المركزى للمحاسبات، وزارة التموين وشركات البطاقات الذكية، تختص ببحث وفحص أسباب الفروق المالية، وبدأت عملها بالتأكد من المبالغ التي صرفها التجار وتم ضربها فعليا على ماكينات الصرف.

كما أكد أن «مكاتب التموين لم تقم بإجراء محاسبات للتجار لفترات طويلة، مما سمح لضعاف النفوس ضرب البطاقات أكثر من مرة وفتح باب للتلاعب في الدعم السلعي، واللجنة دورها الفصل بين التاجر الذي قام بالصرف الحر وعليه مديونيات خارج الدعم، وبين المخالف والمتلاعب بالبطاقات التموينية والدعم، واللجنة بدأت عملها في محافظة الإسكندرية، بسبب كثرة الشكاوى من التجار، وبدأنا ندرس حالة كل تاجر على حدة، وعددهم ألف تاجر، وتبين من الفحص أن هناك تجارا يمكن احتواء الأمر معهم بسداد المديونيات، وهناك تجار عليهم مديونيات بمبالغ كبيرة نتيجة التلاعب في الدعم.

وكشف المسئول ذاته وصول مديونية أحد التجار بالإسكندرية إلى مليون جنيه، وهى مبالغ صرف سلع حرة، بالإضافة إلى مخالفات مالية نتيجة التلاعب في الدعم، حيث تبين صرف السلع ببطاقة ورقية لها بطاقة ذكية، حيث صرف السلع مرة بالبطاقة الورقية، ومرة أخرى بالبطاقة الذكية بالمخالفة للقانون، وسيتم إحالته للنيابة العامة بعد سداد ما عليه من مديونيات إلى هيئة السلع التموينية.

كما أشار إلى أن عمل اللجنة انتهى إلى أن تجار محافظة الإسكندرية كان عليهم مديونيات بلغت ما يقرب من 300 مليون جنيه، من ضمنهم 161 مليون جنيه تم صرفها فعليا للمواطنين كدعم سلعي، وتم تسوية باقى المديونيات والسماح بالتقسيط وجدولة الديون لمدة 12 شهرا على التجار.

من ناحية أخرى كشف عدد من البقالين أن وزارة التموين وجهت مديريات التموين على مستوى الجمهورية بتحصيل مبالغ مالية من التجار من يوليو سنة ٢٠١٤ وتنتهى في سبتمبر ٢٠١٧ بإجمالى ثلاث سنوات، وذلك من بداية المنظومة التموينية بتسليم التجار مكن الصرف الخاص بصرف البطاقات التموينية.

وأوضحوا أن «التجار وقتها لم يجيدوا التعامل مع الماكينات الجديدة فكانت هناك أخطاء فادحة من جميع التجار لعدم الدراية في التعامل مع المنظومة الجديدة للسلع التموينية التي تم تطبيقها منذ عام 2014».

وقال أحد البدالين بمحافظة الإسكندرية، تحفظ على ذكر اسمه: على سبيل المثال الحصة المخصصة لتاجر من قبل مكتب التموين التابع له يتم إرسالها إلى شركة السلع التموينية شهريا ولا يجوز أن يتخطاها، وليكن مثلا ١٠٠ ألف جنيه كمثال، ولعدم إجادتى التعامل مع الماكينات الجديدة كانت هناك أخطاء، بمعنى بطاقة مثلا ٢٠٠ جنيه كنت أضربها بـ٢٥٠جنيهًا كمثال، وفى آخر «البون» يطلع صافى المبلغ الأصلي، والمبلغ الزائد بعد عمل التسوية التي سوف نقدمها للمكتب التابع لنا، وكان مدير مكتب التموين يعطى لنا ورقة مختومة من المكتب مكتوب فيها المبالغ الزائدة على ماكينة الصرف لتوريدها إلى هيئة السلع التموينية بمحافظة الإسكندرية عن طريق البريد، ويتم الحصول على إيصال بالسداد وتسليمه إلى مدير مكتب التموين ليخطر بها الجهات المختصة لكى نتمكن من صرف المقررات التموينية، وبعد ذلك فوجئنا بأن وزير التموين أرسل الكشوف إلى مديريات التموين بها أسماء التجار وبها مبلغ في شهر سبتمبر لسنة ٢٠١٤ لتاجر واحد من مدينة كفر الشيخ بـ ١٤ مليونا و٧٨٥ ألفا و٣٥ جنيها عن شهر سبتمبر فقط ٢٠١٤ –وفقا لقوله - فماذا ستكون المديونيات عن الثلاث سنوات، كما يوجد تاجر آخر عليه مليون و300 ألف عن شهر ٩ لسنة ٢٠١٤ وبقية التجار مبالغ تتراوح من ٥٠ ألف جنيه إلى نصف مليون جنيه، فماذا يفعل هؤلاء التجار؟!

كما أكد أن «كل شهر يتم عمل محاسبة شهرية وتقديمها إلى مكتب التموين بها الصادر والوارد، ومعظم المديونيات كانت في أول ثلاثة أشهر من عام 2014، وهى بداية تطبيق المنظومة الجديدة للسلع التموينية، وكان وقتها لا يجيد التجار التعامل مع السيستم، ووقع في أخطاء عديدة، والقرارات التي تتخذها وزارة التموين في الفترة الحالية جميعها ضد التجار، وستكون سببا في أن يتخلى البدالون عن مهنتهم للهروب من تلك المديونيات، ونستغيث برئيس الجمهورية لحل تلك الأزمة مع الوزارة.


"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية