رئيس التحرير
عصام كامل

برايل.. الكفيف الذى أبصر المكفوفين (2)


درس لويس برايل في المدرسة، وعندما تخرج فيها تم تعيينه معلما بها، وظل الفتى الكفيف يفكر في اختراع طريقة أخرى للقراءة والكتابة، حتى يمكن أقرانه المكفوفين من القراءة والكتابة مثل المبصرين.


في العام 1829.. سمع برايل خبرا مفاده: إن ضابطا بالجيش الفرنسي ابتكر طريقة يستطيع بها الجندي تلقي الأوامر تحت جنح الظلام، وذلك أنه يبرز على ورق نقاطا أقصاها 13 نقطة، تعبر كل منها عن أمر من الأوامر العسكرية، إذا لمسها الجندي بإصبعه في الظلام، أدرك الأمر الذي يعنيه الضابط، فتواصل لويس برايل مع هذا الضابط، ثم قام بتطوير طريقته حتى أصبحت كما هي عليه اليوم، تتكون من نقاط أقصاها 6 نقاط، مستخدما دبوس «مثقاب» والده الذي أفقده بصره في إبراز النقاط واستخدمه كوسيلة للكتابة.

قام لويس برايل بتعليم هذه الطريقة لـ 3 أو 4 من طلابه، ولكن كان مدير المدرسة والمعلمون في زمنه ضد طريقته المبتكرة في القراءة والكتابة، غير أنه حاول جاهدا اعتبار تلك الطريقة لغة رسمية، وتمكن من تحقيق حلمه هذا، وهو على فراش الموت يحتضر.

يمكن الكتابة بطريقة برايل عن طريق اللوح المعدني باستخدام قلم ذي سن معدني مدبب، يقوم بكتابة الحروف من خلال ثقوب في الورقة بواسطة لوحة معدنية أو خشبية محفور بها عدد من خلايا برايل، ثم يقوم بقراءة الكتابة بعد قلب الورقة من الخلف.

طريقة برايل.. يسرت على المكفوفين أن يسجلوا مذكراتهم، ويكتبوا رسائلهم، ويقرأوا ما يريدون من الكتب والمجلات، وأن يقوموا بإجراء العمليات الحسابية المختلفة.

وقد أخذ الاتحاد الدولي للمكفوفين على عاتقه الالتزام بالعمل على دعم انتشار طريقة برايل وتعليم المكفوفين من خلالها، وأطلق في ذلك شعاره الشهير «قارئو برايل هم القادة».

في دراسة حديثة.. وجد أن الأشخاص الذين يتعلمون «برايل» في مرحلة مبكرة من العمر، قد استطاعوا أن يكملوا دراستهم، وأن يحصلوا على وظائف مرموقة، كما كانت قراءتهم أكثر.. مقارنة بالمكفوفين الذين لم يتعلموا برايل منذ الصغر.

وعندما انخفض معدل القراءة والكتابة بطريقة برايل في أمريكا بين العامين 1960 و1980 انخفاضا حادا بسبب دمج المكفوفين في المدارس العامة، نظرا لقلة المعلمين الذين يعرفون طريقة برايل، ومن ثم ارتفاع معدل الأمية بين المكفوفين.. قامت منظمات المكفوفين بالتحرك نحو الضغط وبقوة لغرض التعليم بطريقة برايل في المدارس العامة، ونتيجة لذلك.. قامت أكثر من «30» ولاية أمريكية بسن التشريعات الخاصة بالقراءة والكتابة بطريقة برايل في المدارس العامة، وتنفيذ المؤسسات التربوية على تعليم المكفوفين بهذه الطريقة.

وهناك عوامل عدة تبرز أهمية «برايل» في تعليم المكفوفين.. منها:

- تعد الوسيلة الوحيدة التي يتمكن الكفيف من خلالها قراءة اللغة المكتوبة.

- تمكن الكفيف من دراسة المواد المعقدة، مثل الحساب والكيمياء والتدبير المنزلي، وعلى دراسة الموارد المالية.

- تمنح الكفيف قناتين عقليتين في آن واحد للتواصل مع الآخرين، هما: القراءة والكتاب.

- يستطيع الكفيف من خلالها تسجيل العناوين المهمة بالنسبة له، وأن يحتفظ بها بسهولة، مثل عناوين الكتب والمقالات والأشخاص.

- تمكن التلميذ الكفيف من قراءة دروسه في المنزل والمدرسة بهدوء.

- كما تمكنه من تعلم تعقيدات اللغة.. كالهجاء والنحو والصرف وعلامات الترقيم وعلم العروض.

- وتعتبر «برايل».. الوسيلة الوحيدة التي تمكن الكفيف من التواصل بسهولة مع الكفيف الأصم.

- كما تمكن المحامي الكفيف من قراءة المرافعات في القضايا المختلفة.

- وتمكن الموظف الكفيف من تقديم الخدمات المتعلقة بمعلومات أو بيانات معينة للجمهور...

ونكمل غدا...
الجريدة الرسمية