حكاية تأديب رئيس هيئة قضائية (3)
من فواجع القدر أن ترى "المتهم" يتبجح، ويتهم الصحفيين المحترمين الذين كشفوا جرائمه وحاولوا وقف المهزلة بأنهم يدعون عليه بالباطل، رغم وقوف محاميه مبهوتًا مذهولًا أمام محكمة الجنايات والمستندات الدامغة التي تُثبت صحة أقوالهم، بين يدى قضاء مصر الشامخ والجهات الرقابية.
وترجع الجذور التاريخية لقصة مخالفات وجرائم رئيس الهيئة القضائية الأسبق "تيمور فوزي مصطفى كامل" كما وصفها المستشار محسن مبروك "قاضي التحقيق" في البلاغ رقم 3497 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، وما ارتبط به من بلاغات أخرى، التي نختم سلسلتها اليوم إلى عام ١٩٨٧ حين ثبت عدم صلاحيته للعمل بمجلس الدولة لزواجه من أجنبية حينذاك، وإذا كان صحيحًا إن "القلب وما يريد" ولكن هذا لا يعني أن يهبط على "الهيئة القضائية" المرموقة بالبراشوت فيسبق أربع دفعات دون وجه حق.
وأول ظهور فعلي للمستشار المذكور بالهيئة القضائية الموقرة كان عام ٢٠٠٦ تمهيدًا للسطو على الكرسي الكبير بها "رئاسة الهيئة"، بعد أن خدم في جهات أجنبية لسنوات طوال وتقاضى راتبه بالعملات الأجنبية وهو بمنأى عن خدمة بلاده.
وعندما لاح في الأفق بادرة ترشيحه لرئاسة الهيئة الموقرة وقف الشجعان، ليفضحوا المؤامرة أول مرة بعد اكتمال عطاء المستشار الجليل "محمود العروسي".. ولكن "تيمور" لم يرتضِي بذلك حين تجددت الآمال لترشيحه لرئاسة الهيئة عقب اكتمال عطاء المستشار الجليل "سمير البدوي"، ومن ثم تجدد موقف الشجعان لوقف المهزلة، ونشروا ما تحت يديهم من حقائق ثابتة مستنديًا، حيث لم تلق آذانًا في ذلك الحين.
وبعد أن دار الزمان دورته، وكان ما كان في يناير ٢٠١١ تجدد الأمل لوقف المهزلة وأعاد الشجعان نشر ما يُثبت عدم صلاحية المذكور لرئاسة الهيئة القضائية الموموقة، ناهيك عن عضويتها، لزواجه من أجنبية، وعمله في جهات خارجية وتخطيه لمن هم أقدم منه فضلًا عن إهدار المال العام وتقاضيه مبالغ مالية دون وجه حق.
ولم يرتضِي رئيس الهيئة المذكور أن يصدع الشجعان بالحق وأخذته العزة بالإثم فأقام دعوى قضائية عن طريق الادعاء المباشر أمام "محكمة جنايات الجيزة"، مدعيًا أنهم نشروا ما لو صح "وهو بالطبع صحيح" لأوجب عقابه واحتقاره عند أهل وطنه والنيل من مكانته عند أهله وعشيرته، وهنا كانت كلمة القضاء الشامخ الذي لا يعرف المُواربة ولا المجاملة فأعلنها مدوية بأن ما نشره الشجعان لا يخرج عن حق النقد وأن "تيمور" لم يجحد شيئًا منه.
وأكدت محكمة جنايات الجيزة حينذاك برئاسة المستشار "محمد فهيم درويش"، في حيثيات حكمها في القضية رقم 10137 لسنة 2011 انتقاص أهلية المستشار "تيمور فوزي مصطفى كامل" ومجانبته للصفات التي تتطلبها طبيعة الوظيفة القضائية، وأن العبارات التي وردت في المقالات من عبارات جاءت في الحدود المرسومة لحق النقد الذي لا عقاب عليه.. وأهابت بالجهات المسئولة حينذاك باتخاذ شئونها حيال إفتقاد "تيمور" لجميع عناصر الصلاحية المطلوب توافرها في شخص وصفة رئيس الهيئة القضائية، وقضت ببراءة الصديق الكاتب الصحفي "أحمد راضي"
وختامًا، فإن دور شجعان الصحافة ومن ورائهم المخلصين في كل مكان يرتع فيه الفساد هم فرسان الدفاع عن الوطن الذين يُميطون اللثام عن سرطان الفساد، في معركة أبدية بين الحق والباطل، فهم يتكلمون حين يخرس الجبناء، ولا يُضاهيهم شرفًا إلا رجال القضاء الشامخ نصير الحرية، ولولاه لخسر الشجعان معاركهم، فكل التقدير لهم جميعًا ولا عزاء للمجرمين والجبناء.. وللحديث بقية