الشباب.. ونصر أكتوبر !
يأتى شهر أكتوبر من كل عام، ونتذكر انتصارنا العظيم في أكتوبر 1973، وكل عام كان الإعلام المصرى يحتفى بهذا الحدث لمدة72ساعة تقريبا، وفى نفس الوقت تستضيف بعض المواقع بعض أبطال الانتصار، وينتهى الأمر حتى يأتى شهر رمضان ويتم إعادة جو الاحتفالات لمدة 24 ساعة، واحتفال الأزهر والإشادة بالانتصار، وينتهى الأمر!
هذا العام حدث أمر جديد، كانت أجزاء من خطابات الرئيس السادات القائد الأعلى للقوات المسلحة في الانتصار تتصدر كافة القنوات التليفزيونية، والاحتفال الذي كان 72 ساعة تحول طوال الشهر، ولاتزال أغانى أكتوبر التي هزت وجدان الشعب المصرى نسمعها في الراديو، ونشاهدها على شاشات التليفزيون، وهذا تغير مهم جدا.
معا نتساءل: هل يمكن أن نتعلم وندرك أن أي تطور في المناهج أو أي نظام تعليمى لا يربى الانتماء، ولا يؤكد على أهمية الارتباط بتراب الوطن وقضايا الوطن؟! هل المدارس الأجنبية الفرنسية الألمانية.. إلخ تنمى الانتماء للوطن!؟ لماذا نتغافل أن هؤلاء أطفال المدارس وشباب الجامعات هم المستقبل لمصر وعلينا الانتباه أننا أهملناهم؟!
الحل سهل جدا وبسيط لو أن الدولة لديها الإرادة لإنقاذ مستقبل شبابنا، لماذا لا نجعل العام كله أكتوبر؟! أبطال أكتوبر بدلا من أن نحتفى بهم في شهر أكتوبر فقط، لماذا لا يتم عمل برنامج متكامل طوال العام، بحيث تنتشر صور وحديث هؤلاء الأبطال عن ذكريات المعركة في المدارس والجامعات، للحوار مع الأطفال والشباب حول بطولات أكتوبر، والبطولات التي قام بها الشهداء..
ومعهم أساتذة التاريخ، معهم نخبة من أساتذة العلوم السياسية د.أحمد يوسف أحمد نموذجا، وأساتذة علم الاجتماع، كل هؤلاء من خلال خطة مدروسة علميا ومواقيت منضبطة، وتلتزم بها كافة المدارس والجامعات، مع العلم أن كل محافظات مصر سنجد فيها الأبطال والأساتذة في كافة المجالات، ولن نلجأ إلا نادرا إلى من يسافر من محافظة لأخرى، هذا الأمر ليس اختراعا أو كيمياء صعب تنفيذها، بل لو أننا نملك الإرادة كدولة سنحقق إنجازا لمصر يفوق الخيال، لأن العلوم ليست مجرد دراسة مناهج وأفكار حسابية، ولكن إن لم ترتبط بالاخلاق والانتماء لا يصبح لها قيمة، بل تصبح ضارة وخطرا على المجتمع.
وعلى سبيل المثال لما نقدمه للمجتمع ويعد تخريبا، فوجئت بوزارة الشباب والرياضة تعلن عن مبادرة بتعليم الشباب في مراكز الشباب اللغة الإنجليزية، ما هذا العبث وانعدام الوعى؟ كنت أتصور أنها لتعليم الشباب اللغة العربية بعد أن ساءت حالها وتدنى مستواها، تصورت أنها تقوم بدورات لتحسين الخطوط، بعدما أصبح خط الشباب أقرب إلى شخبطة لا تقرأ..
هذه المبادرة المزعومة بدلا أن تقوم عن طريقها وزارة الشباب بترسيخ الانتماء، لأن اللغة جزء من الهوية الوطنية، وبالتالى مراكز الشباب التي أنشئت للشباب لممارسة الرياضة للفقراء وبسطاء الشعب، تتحول إلى مكان يتم تغريب الشباب فيه!
كانت مراكز الشباب قديما لها دور رياضي وثقافى، وكانت ملاعبها على أعلى مستوى، ويكفى أن نعرف الإسماعيلي في فترة التهجير كان يستضيف مبارياته الزمالك، ومعظم تدريباته على ملاعب شباب الجزيرة، بل إن المنتخب الذي تأهل إلى أولمبياد موسكو في عام 1980 بقيادة "عبدالمنعم الحاج" فيما أتذكر كانت ملاعب شباب الجزيرة هي ملعب تدريب المنتخب، في الوقت الذي كان عدد الشباب أكثر من خمسين ألف شاب وفتاة يمارسون الرياضة وكافة أنواع الأنشطة الثقافية..
ربما لا يعرف الأغلبية منا أن نور الشريف هو خريج ممارسة التمثيل في مركز شباب الجزيرة، وكذلك الفنان صلاح رشوان، وكانت الرائعة محسنة توفيق تشرف وأحيانا تشارك الشباب التمثيل، وهذا على سبيل المثال، ولكن للأسف على يد وزير الشباب السابق خالد عبد العزيز تحول مركز شباب الجزيرة إلى نادي اشتراكه خمسة وثلاثين ألف جنيه، ولا أدرى من هؤلاء الشباب الذين يتوفر لهم خمسة وثلاثين ألفا حتى يصبح أعضاء في مركز الشباب؟
قد يعتقد البعض أن هناك موضوعات مختلفة فيما كتبته، ولكن الأمر واحد ومرتبط معا ارتباطا شديدا، هو مستقبل مصر، مستقبلها في شبابها، وعلى أصحاب القرار الاستفادة من أصحاب الخبرة في إعداد هذا المستقبل أفضل إعداد.. وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر!