رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية تأديب رئيس هيئة قضائية (2)


عودُ على بدء، في مسيرة كشف المخالفات وفضح المخالفين مهما كانت درجتهم أو بلغت مكانتهم، ونحن لم نقصد فضح الأشخاص بقدر ما نفضح من صاروا هم والفساد جسدًا واحدًا لا ينفكان، ومن هنا نستأنف حلقات مخالفات رئيس الهيئة القضائية الأسبق «تيمور فوزي مصطفى كامل» الذي ثبت بالمستندات والتحقيقات أنه كان يتنفس "المخالفات" ومن سهلوا له ذلك.


وليس غريبًا على المستشار المذكور ارتكابه ما ثبت في حقه من وقائع، فهو لم يمارس عملًا قضائيًّا حقيقيًّا إلا ست سنوات من عمره الوظيفي الذي قارب 40 سنة، وهو ما يعني أن الهيئات القضائية منه براء، اللهم إلا من سعى سعيه وسار مسيرته النكراء، وليس غريبًا كذلك أن يرتكب جرائمه ومخالفاته المالية والإدارية الجسيمة بعد أن علم أن اعتراض هيئة الرقابة الإدارية على تعيينه رئيسًا للهيئة القضائية لعدم صلاحيته لذلك ذهب أدراج الرياح.

وبعد أن المحنا سابقًا عن بعض جرائمه التي تستر عليها أعوانه الذين صنعهم بيده ومكن لهم ورفع شأنهم دون مبرر، وهم من سلموا الجهاز المركزي للمحاسبات مستندات مزورة بهدف التستر عليه "وسقوطهم في يد العدالة بات قريبًا"، فإننا نزيد الشرفاء من الشعر أبياتًا، أولها أن سيادته التحق بالعمل بجهات أجنبية دون علم وموافقة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية، ولم يرتدع عن صرف بدلات ومستحقات من النيابة رغم عمله هناك، وسافر خارج البلاد على نفقة النيابة، حتى بدل الإجازات المقرر لمن هو على رأس العمل تقاضاه المذكور بيدٍ تملؤها الثقة ولم يفكر في رده رغم كشف ذلك في حينه بجريدة الأحرار.

ومن وسائل المستشار المذكور للهروب من المسئولية امتناعه عن تحرير إقرارات القيام والعودة من الإجازات وفق النظام المعمول به بالهيئة القضائية الموقرة التي لم يلقْ لها بالًا، وهو ما أكدته الرقابة الإدارية، ومن غرائبه أيضًا أنه عمل بفرنسا في وكالة التعاون الثقافي والفني بباريس وللقارئ أن يتخيل العلاقة الوثيقة بين عمل الهيئات القضائية وتلك الوكالة، وأن مثل هذه الأعمال تستدعي استخراج (9) جوازات سفر استخدمها للذهاب إلى عدة دول منها قطر.

وإن كان مفهومًا لدينا تستر أصدقائه الأشرار لأنه أغدق عليهم بالمناصب، فإنه من غير المفهوم اختفاء مذكرة قاضي التحقيق في البلاغ رقم 3497 لسنة 2011 بلاغات النائب العام، وما ارتبط به من بلاغات أخرى، والتي تقطع بارتكابه الجرائم والمخالفات، والذي انتهى فيها قاضي التحقيق إلى ثبوت مخالفات المذكور وإحالته إلى مجلس التأديب المختص وفقًا للقانون.

أما العجب الذي لا عجب بعده فهو حجب مذكرة المستشار "سمير البدوي" رئيس الهيئة الأسبق المتضمن مساوئ "تيمور فوزي مصطفى كامل" وكذلك تقرير الرقابة الإدارية بشأن عدم صلاحيته لتولي الوظيفة المهمة عن السيد رئيس الجمهورية حينذاك عند نظر ترشيح رئيس جديد للهيئة القضائية.

ولن نُسمي ما ارتكبه المستشار المذكور بغير مما سماه به المستشار "محسن مبروك" رئيس محكمة الاستئناف وقاضي التحقيق في حينه، فقد سماه "عدوانًا على المال العام"، كما أن ما أتاه المستشار المذكور لو ثبت في حق موظف عام لكان كفيلًا بإطاحته من موقعه دون رجعة فضلًا عن الجزاء الجنائي، ولكنه فر من العدالة هو وأعوانه حتى هذه اللحظة.

وإن نكشف تلك الفضائح فقد كشفها محترمون من داخل الهيئة القضائية الموقرة وخارجها من قبل وقدموا صالح الدولة على مصالحهم الشخصية، وناصبوا الفاسدين العداء، وهو ما نضعه بين يد فرسان الرقابة الإدارية فقد تغير الزمن، وصار لنا رئيس جمهورية لا يسمح بالفساد أو المجاملة وأعلنها للجميع صراحةً خلال احتفال تخرج أول دفعة من كلية الطب العسكري.. وللحديث بقية.
الجريدة الرسمية