اغتيال التاريخ.. عمائر فنية إسلامية وقبطية تعاني الإهمال والتجاهل.. القاهرة عاصمة صاحبة ريادة أثرية.. ومبانيها دليل التنوع الثقافي.. الكنائس تُزين صفحات المقريزي.. والمآذن سمة العصور الإسلامية
مصر بلد آلاف المآذن والكنائس الأثرية، حيث ينتشر على أرضها العديد من المساجد والكنائس الأثرية التي خلفتها الحضارات المتعاقبة عبر مختلف العصور التاريخية، فمن الآثار المصرية القديمة واليونانية الرومانية والقبطية والإسلامية حتى آثار العصر، يحمل كل منها طابعه المميز وجمالياته.
مساجد مصر
تزخر مصر بالعديد من المساجد التي بدأت مع عصر الخلفاء الراشدين بداية من الخليفة الفاروق عمر بن العاص، في الفترة من عام 641 حتى 662 ميلادية، ضمت قائمة المساجد الأثرية مسجد سادات قريش، ومسجد عمرو بن العاص بحي مصر القديمة بالقاهرة، ومسجد عمرو بن العاص بدمياط.
ويتوالى بناء المساجد في مصر عبر العصور الإسلامية المختلفة ففي العصر الأموي حيث بُني مسجد السيدة زينب بالقاهرة، وفي العصر الطولوني بني مسجد أحمد بن طولون بحي الجمالية بالقاهرة، وجاء العصر الفاطمي ليضم أربعة مساجد "الجامع الأزهر بالجمالية، ومسجد الحاكم بأمر الله، ومسجد الأقمر، ومسجد الحسين".
وفي العصر الأيوبي ضمت قائمة المساجد: "مسجد الحديدي، ومسجد السلطان الصالح نجم الدين، ومسجد الإمام الشافعى"، ليأتي عصر المماليك البحرية في الفترة من 1250 حتى 1382 ميلادي لتضم 8 مساجد هي: "مسجد أبو البدوي، ومسجد المعيني، ومسجد المرسي أبو العباس، ومسجد إبراهيم أغا مستحفظان، ومسجد السلطان حسن، ومسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، ومسجد الأمير صرغتمش الناصري، مدرسة الناصر محمد بن قلاوون".
وضمت قائمة مساجد عصر المماليك البرجية "مسجد الأشرف قنصوة الغوري، ومسجد السلطان برقوق، ومسجد السلطان قايتباي، ومسجد جمال الدين محمود الأستادار، ومسجد المؤيد شيخ"، وفي العصر العثماني ضمت القائمة 3 مساجد "مسجد سنان باشا، ومسجد البحر، ومسجد أبو الدهب".
أما في عصر محمد على والدولة العلوية فضمت القائمة "مسجد محمد على، والمسجد العباسي، ومسجد الرفاعي، ومسجد داعى الدار، ومسجد القائد إبراهيم".
660 أثرًا مسجلًا
في كتاب "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون" للدكتورة سعاد ماهر محمد، قالت: إن مصر تزخر بعدد من العمائر يكفي لتسجيل أحداثها اليومية خلال الأربعة عشر قرنًا، التي مرت عليها منذ اعتناقها الدين الإسلامي الحنيف، مدينة القاهرة وحدها تحتوى على 660 أثرًا مسجلًا، بجانب الأضرحة التي يبلغ عددها بضعة آلاف.
ويقول المرحوم حسن عبد الوهاب في كتابه الأثري "تاريخ المساجد الأثرية التي صلى فيها الجمعة صاحب الجلالة فاروق الأول": إن الجامع هو مسجد كبير تؤدى فيه صلاة الجمعة، وفي صدر الإسلام كانت المساجد في مصر منتشرة في الأماكن التي استقر فيها المسلمون، وتخصص للصلوات العادية، أما صلاة الجمعة فكانت تتم في مسجد المدينة الكبير وعلى سبيل المثل في العاصمة المصرية، في عصر الولاة، كان مسجد عمرو بن العاص هو المسجد الجامع، ثم أضيف إليه مسجد جامع آخر بناه والي مصر صالح بن على 971 ميلادية في مدينة العسكر بناها قرب الفسطاط، فلما جاء أحمد بن طولون بنى مسجده الكبير وجعل الجمعة في جامع عمرو وجامعة فقط، ولما قامت الخلافة الفاطمية صار الأزهر ثالث المساجد الجامعة.
آلاف الكنائس
وتزخر مصر بآلاف الكنائس الأثرية، التي بدأت منذ العصر الروماني، وفي رسالة ماجستير بعنوان "تأثير أساليب وطرق الإنشاء على التعبير المعماري لعمارة الكنائس والأديرة بمصر" عين شمس للباحث نصرت باريز قصــد الله الهندسة العمارة الماجستير 2006، يقول إنه خلال القرنين الخامس والسادس بدأت حركة انتشار الكنائس والأديرة في مصر.
لكن التطور المعمارى للكنيسة أو التكوين الديرى يمكن تميزه وتحديد ملامح تطوره منذ القرن الخامس الميلادى وواكب انتشار المسيحية وانتقالها من مفهومها الخاص بحرية العبادة عند الأفراد إلى هيمنة كنيسة مقننة ومقيدة، وبالتالى ظهور كنائس كبرى تجمع المؤمنين للصلاة والعبادة تحت سلطة كنيسة وأساقفة معينين، مع تحديد أماكن كبرى بعينها، واستخدمت نماذج معمارية متطورة لتواكب الظروف البيئية والمناخية وبالتالى انتشرت الأبرشيات في معظم المدن المصرية.
كنائس عبر القرون
وفى القرن الرابع بدأ المسيحيون يشيدون الكنائس على الطراز البازيليكى، وأدخلوا عليها بعض التعديلات كاستعمال القباب التي بنوها بأحجار كبيرة منحوتة ومحلاة بنقوش بارزة.
وفى القرنين الخامس والسادس كانت الكنائس تشبه المعابد ذات شكل خارجي مستطيل، وزخارف فرعونية أضيف لها رموزًا مسيحية، والتصميم الداخلي يختلف تمامًا عن المعبد المصري، ويقترب من البازيليكا مثل كنسيتى الدير الأبيض والدير الأحمر بسوهاج.
شيد المسيحيون الكنائس حتى القرن السابع، بأحجار كبيرة بعضها على شكل البرابي القديمة، كالدير الأبيض ودندرة، وزينوها بنقوش بارزة تتناسب مع الدين الجديد، وأدخلوا ضمن النقوش صور طيور وحيوانات وأسماك وزخارف بأشكال هندسية.
العمارة القبطية ظلت محتفظة بالخصائص المصرية القديمة، والتي ظهرت واضحة في التراث القبطى في الكنائس والأديرة القديمة، وكانت للعقيدة والرمزية أثرا كبيرا فيها.
ويذكر موقع "الأنبا تكلا هيمانوت" عن تراث الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أن الكنائس القديمة الباقية للآن كنيستان في حارة الروم وثلاث في حارة زويلة وكنيسة الأنبا رويس الأثرية، دير الأمير تادرس للراهبات بحارة الروم الموجود في حي الغورية على كنيستين واحدة للسيدة العذراء والأخرى لمارجرجس.
أهم الكنائس الأثرية
ويقول تقي الدين أحمد بن على المقريزي في مؤلفه "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والأخبار": إن دير الأمير تادرس كان من أهم كنائس القاهرة التي اتخذت فترة من الزمن مقرا للدار البطريركية كما حدث عام 1074 ميلادي.
في حي الخرنفش بالقرب من الموسكي وتحديدًا في شارع بورسعيد حاليًا يوجد بقايا دير أثري يضم في داخله ثلاث كنائس تاريخية مهمة، واحدة على اسم القديس مرقوريوس أبي سيفين، وعلى مقربة منه دير للسيدة العذراء للراهبات، ثم كنيسة عليا مكرسة لمارجرجس.
وتعد كنيسة السيدة العذراء هي من أقدم كنائس القاهرة القديمة، وكانت مركزًا للكرسي البطريركي، وقال عنها تقي الدين المقريزي: "سمو المكانة التي حظيت بها تلك الكنيسة العريقة لدى النصارى، فكان لها ستة من الكهنة، وكان الأقباط يقيمون بها سنويا ثلاث احتفالات ضخمة".
أما كنيسة مارجرجس، وهي الكنيسة العليا بحارة زويلة وهي مكرسة باسم القديس مارجرجس، فتحتوي هذه الكنيسة مكتبة صغيرة تضم الكثير من المخطوطات الثمينة والنادرة.
من أهم الكنائس الأثرية كنائس زويلة الأثرية القبطية الأرثوذكسية "كنيسة العذراء ومارجرجس وأبو سيفين بحارة زويلة بالقاهرة، موقع الأنبا تكلا هيمانوت، هناك بالقرب من منطقة الموسكي بالقاهرة في حي الخرنفيش الأثري بقايا دير قديم، يضم بداخله بعض الكنائس التاريخية المهمة، منها كنيسة على اسم القديس مورقوريوس أبي السيفين، وعلى مقربة منها دير السيدة العذراء للراهبات، ثم كنيسة عُليا مكرسة لمارجرجس.