رئيس التحرير
عصام كامل

مساجد وكنائس مصر في مهب الريح.. الآثار والأوقاف تتهربان من المسئولية.. وتتحججان بارتفاع التكاليف.. غياب خطط الحماية من الكوارث الطبيعية.. و"حلوان" و"المنصورة" جرس إنذار

مسجد و كنيسة _ ارشيفية
مسجد و كنيسة _ ارشيفية

التهمت الحرائق كنيستين في حلوان والمنصورة بين عشية وضحاها، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر بشأن الكنائس والمساجد الأثرية وخصوصا لإغلاق معظمها أو عدم وجود برنامج شامل أو خطة لحمايتها من المخاطر والكوارث الطبيعية أو غيرها، وخصوصا مع وجود هذه الكنائس والمساجد داخل الكتل السكنية.


مسئولية مشتركة
المسئولية المشتركة بين وزارتي الآثار والأوقاف تتسبب في إلقاء كل واحدة منهما اللوم على الأخرى نظرا لتشابك المسئولية التي تصنع العديد من الأزمات والكوارث، وأهمها زيادة معدل السرقات بالمساجد الأثرية التي تفتقد التأمين الكافي الأمر الذي دفع وزارة الآثار لنقل المنابر والمنقولات الأثرية من داخل المساجد واستبدالها بمستنسخات.

ما بين التمويل والمسئولية.. تتوه المساجد الأثرية بين الوزارتين، فعلى مدار السنوات الماضية تحاول كل وزارة أن تلقى بالمسئولية على الأخرى، وكأنها مثل كرة اللهب التي تتقاذفها الوزارتان خشية أن تقع في حجر إحداهما، فـالأوقاف تخشى من تحمل أعباء مالية لا تطيقها في ظل التكلفة العالية للترميم، والآثار ترفع المشكلة برمتها للأوقاف لأنها المسئولة عن كافة المساجد المصرية، وما بين هذا وذاك تحاول اللجنة الدينية بمجلس النواب برئاسة الدكتور أسامة العبد، توفيق وجهتي النظر والتوصل إلى صيغة مشتركة بين الطرفين لإنهاء أزمة المساجد الأثرية التي تتعرض لسرقات متتالية بين الحين والآخر.

الآثار والأوقاف فشلتا حتى الآن في تأمين المساجد الأثرية من السرقات التي تستهدف المنابر والمشكاوات الأثرية، فهل يتسبب هذا الإهمال في اشتعال الحرائق وإلحاق الكوارث بالمساجد؟

قائمة المساجد الأثرية
حصلت "فيتو" على قائمة بعدد المساجد الأثرية المسجلة في دفاتر وزارة الأوقاف والتي تبلغ نحو ١٠٥٠ مسجدا أثريا مسجلا ونحو ٨٠ كنيسة أثرية على مستوى الجمهورية، هذا إلى جانب الآلاف من المباني الأثرية غير المسجلة ضمن قائمة الآثار الإسلامية والقبطية.

في الوقت الذي أكدت فيه مصادر مطلعة أن قطاع الآثار الإسلامية والقبطية يدرس تسجيل عدد كبير من الآثار الإسلامية والقبطية الفترة القادمة ووضعها على الخريطة السياحية للسياحة الثقافية، غير إنها لم تنفِ أن غياب التمويل الكافى وتشابك الصلاحيات والمسئوليات يهدر كثيرًا من الوقت، ما يتسبب في مزيد من الاستنزاف وتعريض تاريخ مصر للضياع والإهمال.

الدكتور جمال مصطفى، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، أوضح أنه تم الانتهاء من تسجيل القطع الأثرية اليهودية المنقولة، والتي بلغ عددها ٥٠٠ قطعة أثرية بمختلف المعابد اليهودية المصرية، وكذلك الانتهاء من تسجيل ٣١٥٧ من القطع الأثرية الإسلامية والقبطية المنقولة بمختلف المساجد والكنائس الأثرية المصرية، ما يعد بمثابة إنجاز لم يحدث من قبل، وجار الانتهاء من تسجيل باقي القطع الأثرية الإسلامية والقبطية المنقولة تباعًا.

الكنائس الأثرية
وتضم مصر العديد من الكنائس الأثرية مثل "الكنيسة المعلقة، كنيسة أبي سرجة، كنيسة القديسة بربارة، كنيسة أبي سيفين، كنيسة مارجرجس"، ومعظمها تقع في ضاحية مصر القديمة، وهذا ما يجعلها مهددة بخطر الحرائق التي تشتعل من وقت لآخر بالمحال التجارية والمنازل المجاورة لتلك الكنائس والمساجد الأثرية، رغم تزويدها بالعديد من طفايات الحريق، ولكن عندما تشتعل الحرائق تبقى هذه الطفايات هي والعدم سواء دون وجود عنصر بشري يستخدمها لمنع هذه الكوارث التي تلتهم التاريخ والحضارة.

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار قال إنه عقد اجتماعًا مع الأنبا يوليوس، الأسقف العام لكنائس مصر القديمة والمنيل وفم الخليج، بهدف تنسيق العمل بين وزارة الآثار واللجنة المركزية للكنائس ومنطقة آثار مصر القديمة والتعاون مع جميع الجهات المختصة لتسهيل سير العمل ووضع جدول زمنى للانتهاء من جميع أعمال تطوير وتأهيل المنطقة مع الاستعانة بمجموعة من المتخصصين في التراث والعمارة. مضيفًا أن الاجتماع تناول آليات العمل التي ستقوم على الحفاظ على جميع العناصر الأثرية والمعمارية للكنائس وحمايتها، ووضع خطة لمواجهة أي مشكلات قد تواجه المنطقة وفقا لقانون حماية الآثار.

تكلفة الصيانة
من جانبها.. اعتمدت وزارة الأوقاف 61 مليونا و549 ألفا و900 جنيه لإحلال وتجديد وصيانة المساجد والإدارات على مستوى الجمهورية، في ضوء اهتمام وزارة الأوقاف بالمساجد مبنى ومعنى، ومن بينها 5.2 ملايين جنيه لاستكمال أعمال ترميم وتدعيم المسجد الإبراهيمي ومصلى السيدات بالمسجد الإبراهيمي بدسوق.

وأكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن المشكلة الوحيدة التي تقابل الأوقاف والآثار ارتفاع الكلفة وضعف التمويل، فمسجد الظاهر بيبرس على سبيل المثال يحتاج إلى 181 مليونا، والمسجد المحلى برشيد يحتاج 67 مليونا.

وأوضح "جمعة" أن المساجد الأثرية لها طبيعة خاصة باعتبارها ثروة قومية، وهناك ضرورة للمحافظة عليها سواء من ناحية مردود السياحة الدينية أو الأثرية، فتكلفة تطوير المساجد الأثرية كبيرة، لافتا إلى أنه تم إحلال وتجديد 1966 مسجدا بتكلفة نحو 240 مليون جنيه، وما يخصص لنا في الموازنة نحو 200 مليون بما فيها الصيانة، و300 مليون من الموارد الذاتية للوزارة.

مسئولية دعوية
وفي ذات السياق، أوضح الشيخ محمد البسطويسي، رئيس المساجد الأثرية بوزارة الأوقاف، أن الوزارة مسئولة عن الجانب الدعوي في المساجد الأثرية وتقوم بالتنسيق مع وزارة الآثار لحصر جميع المساجد الأثرية لدرء الخطورة أولا عن المصلين، وستكون هناك أولوية في صيانة المساجد، مضيفا أنه لا يجوز أن يكون المسجد تحفة معمارية وأثرية ويسقط منه شيئًا على رءوس الناس فيحدث مكروه أو أذى، ومسجد الرفاعي كانت توجد به أعمال صيانة وتم الانتهاء منها.
الجريدة الرسمية