رئيس التحرير
عصام كامل

وزير خارجية لبنان: آن الأوان لعودة سوريا إلى الجامعة العربية

جبران باسيل وزير
جبران باسيل وزير الخارجية اللبنانى

أكد جبران باسيل وزير الخارجية اللبنانى، أن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب ليس ضد تركيا ولكن من أجل سوريا، وقال :"في غياب سوريا نجتمع من أجلِها ونُجمع من أجلِها ولكن نُغّيبها فقط من أجل أن تكون غائبة".


وتساءل خلال كلمته اليوم أمام الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزارى اليوم لبحث العدوان التركى على سوريا:" ألم يحن الوقت بعد عودة سوريا إلى حضن الجامعة العربية؟ ألم يحن الوقت بعد لوقف حمام الدم والإرهاب، وموجات النزوح واللجوء؟ ألم يحن الوقت لعودة الابن المُبعد والمُصالحة العربية-العربية؟ أم علينا إنتظار الأضواء الخضراء من كل حدب وصوب؟ إلا الضوء العربي الذي عليه اليوم أن يضيء مشعشعًا كأول رد من الجامعة بوجه العدوان التركي على أراضِي سورية العربية، كي لا يضيع شمال سوريا كما ضاع الجولان السوري، وكي لا تتقاسمنا القوى، وتستفرد بنا الواحدة بعد الأخرى، حتى كأننا ما فهمنا بعد كيف أصابتنا كلنا، الدولة تلو الأخرى، بدءًا بلبنان وإنتهاءً بسوريا".

وأوضح أن الشعب السوري تشرد، وهُجِر من منازله وتناثر في العالم كلِه لاجئًا ونازحًا يبحث عن الأمن والأمان، وتدخلت دول العالم كلِه في هذا الصراع، ودفعت دولًا عربية كلبنان والأردن والعراق أثمانًا باهظة اقتصادية واجتماعية وأمنية، في ظل تورطٍ عربي وتدخلٍ أوروبي وتواطؤ أصحاب المصالح والأطماع، وغضُ نظرٍ البعض وانسحاب البعض الآخر تاركًا الشعب السوري لمصيره، يواجه آلة القتل والنار، فُيقتل الأبرياء باسم المناطق الآمنة، ويُحجز النازحون باسم العودة الطوعية، وتدمر المدن باسم الحل السياسي الذي يريده البعض أن يسبَق الأمان والعودة وإعادة الإعمار.

ونوه بأن اليوم قد يرى البعض أن مصلحة لبنان هي في تأييد العملية العسكرية التركية، حيث أنها تسعى إلى تأمين منطقة آمنة يعود اليها اللاجئون السوريون الذين هربوا، مما سوف يمهِد بالمقابل لعودة النازحين السوريين في لبنان إلى المناطق الآمنة التي تخضع للحكومة السورية؛ وقد يعتبر البعض الآخر أن مصلحة لبنان من جراء العملية هو منع قيام الكيان الكردي الذي يُهدد وحدة أراضي أربعة دول هي إيران وتركيا وسوريا والعراق؛ والذي إن قام، سيؤسس لقيام كيانات طائفية أخرى في المنطقة لن يسلَم منها لبنان مما يؤدي إلى تقسيمِه وبالتالي إنتهاءِ سبب وجوده ونهايته تاليًا.

قرقاش: "عودة داعش" أبرز مخاطر العدوان التركي على سوريا

وركز على أنَ موقف لبنان مبدئي سيادي ووطني عروبي، حيث لا يمكن الاعتداء على أرض عربية سورية أصيلة دون وقفةٍ منا. أما مصلحة لبنان الأكيدة فهي في إجماع عربي مبدئي يحمي كل دولة عربية، كبيرة كسوريا أو صغيرة كلبنان، من أي إعتداءٍ على أرضها أوشعبها أو كرامتها. وحده الحق ومبدأ العدالة والقانون الدولي هو الذي يعطي الحماية المستدامة.

وأعرب عن شكره لمصر على دعوتها لهذا الاجتماع الطارئ والدول التي أيدتها، أطالبها وأطالبكم بتأييد الدعوة التي أطلقتها من على هذا المنبر بالذات منذ أكثر من سنة لعودة سوريا إلى مقعدها الفارغ منذ ثماني سنوات.

وشدد على أن الدول العربية مطالبة اليوم بأكثر من إداناتٍ كلامية ومواقفَ إعلامية، نحن مدعوون الآن لأخذ موقف عربي وبالإجماع لعقد قمةٍ طارئة للجامعة وبكامل أعضائِها، تكرس المصالحة وتضع خطط المواجهة لما يخطط لنا، وكل ما هو أقل من ذلك لن يأخذه أحد جديًا ولن يعيره التركي اهتمامًا ولن يردع غير العربي عن المسِ بنا.

وشدد على أنه :"لا يجوز أن نقبل بعد اليوم أي اعتداء إسرائيلي أو تركي أو من أية جهة أتى على دولة عربية أو على شعب عربي، ولا يجوز أن نبقى مللًا وطوائف متناحرة، خائفين من بعضنا البعض ومتوجسين من الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان".

وتساءل وزير الخارجية اللبناني:" ما الذي يمنعنا اليوم من فتح قنوات الحوار مع بعضِنا ومع محيطِنا بحثًا عن سلام داخلي، أو فتح جبهات القتال بحثًا عن سلام خارجي؟ فالجغرافيا أقوى ديكتاتور لا يمكن تغيير ما تفرضه علينا، أما التاريخ فهو أفضل معّلم يمكن الاستفادة منه أو التغاضي عن دروسه، ولكن لا يمكن أن نضع رأسنا في الرمل ولا نرى في الجغرافيا ولا نقرأ في التاريخ".

وقال :" الحوار الصريح هو الخيار الصحيح، دون أن يظنَ أحدٌ أن في التحاورِ ضَعفٌ وهزيمة، ودون أن يظنَ أحدٌ أنَ محادثاتِه السرية سوف تعطيه القوة والنصر، أو تقيه شرَ أعداءِ المنطقة الحقيقيين، ودونَ أن يظنَ أحدٌ أن بإمكانه منفردًا الوصول إلى شاطىء الأمان. فإما أن نعمل معًا ونُنتج منطقة استقرار وطمأنينة وإزدهار فنصل معًا، وإلا لن يصلَ أحدٌ، وسوف يتم الأستفراد بنا واحدًا بعد الآخر وسينتج عن ذلك خراب عظيم... أعظم مما هو حاصل اليوم".

وأضاف: مزيج خاص من المبدئية والواقعية هو الحل الأمثل لأزماتنا، فالمبدئية المطلقة تعطل الحلول الممكنة والواقعية المفرطة تلغي الحقوق المكتسبة. فكم واحدٌ طالبنا في الماضي والحاضر بالوقوف في وجه واقع تركيبتنا اللبنانية ورفضنا ذلك، عملًا بمبدأ تربينا عليه ويقضي بالحفاظ على الوحدة الوطنية على حساب أية أجندة خارجية، وكم واحدٍ قد عاتبنا وقاطعنا ورفض التعاطي معنا بسببِ موقفنا هذا، وإذ به اليوم يواجه نفس الواقعية ويتعرض لنفس السيناريو دون أن يحرك ساكنًا وهذا حقه، دون أن نعاتبه أو نقاطعه أو نرفض التعاطي معه لمعرفتنا بظروفه وتقديرنا لواقعه وإحترامًا لإمكانياتِه".

وشدد على ضرورة أن "نترك الماضي السيئ وخلافاته وراءنا وننظر إلى يومنا هذا حيث نحن مدعوون للعمل معًا، فنضم أصواتنا إلى جانب سوريا، ونتخذ الإجراءات الرادعة بحق من ينتهك حرمة أوطاننا. إذ أن وحدة أي وطن عربي هي إلتزام مطلق من جانبنا، هي لأزمة إستراتيجية بالنظر إلى تداعيات أي تقسيم ديموغرافي تحت أي مسمى: منطقة عازلة أو منطقة آمنة أو شريط حامٍ أو وجود أجنبي مؤقت! وبالله عليكم قولوا لي متى لم يتحول أي وجود مؤقت على أرضٍ عربية إلى وجود دائم؟ وما تمت إزالته إلا بمقاومة أصحاب الأرض!..هذا هو ردنا! هذا هو حقنا! هذا هو مفتاح استعادة أراضٍ عربية مسلوبة وأوطان عربية ضائعة".
الجريدة الرسمية