شركات الكروت الذكية تورط "التموين" في أزمة البطاقات..مسئولة عن «الحذف العشوائى».. ويبتزوا المواطنين لتعويض خسائر «ارتفاع الدولار» بسيناريو «الحوالة البريدية».. والسجن مصي
«فعلتها الشركات وسددت فاتورتها وزارة التموين»، التلخيص الأمثل للأزمات التي شهدتها منظومة التموين طوال الأشهر الماضية، والتي يمكن القول إن جزءا كبيرا منها انتهى بعد تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتوجيهه وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور على المصيلحى، بإعادة الذين تعرضوا لـ«الحذف العشوائى» خلال الفترة الماضية، غير أن شركات الكروت الذكية، المسئولة عن استخراج البطاقات التموينية والإضافة والحذف على البطاقات للمواطنين وماكينات صرف السلع والخبز، التي تعتبر المتهم الرئيسى في حدوث هذه الأزمات، لا تزال بعيدة كل البعد عن المساءلة، رغم تأكيدات غالبية الخبراء أنها المسئول الأول عن كل الأزمات التي حدثت خلال الفترة الماضية.
كانت أولى تلك الأزمات الحذف العشوائي لعدد كبير من المواطنين المستحقين للدعم من البطاقات التموينية، وبدون أية معايير للحذف، ثانيها تعطل السيستم الخاص بماكينات صرف الخبز لعدة أيام، والذي أدى إلى صدور قرار من وزارة التموين بصرف الخبز عن طريق كشف يدوي، يتم فيه تسجيل رقم البطاقات التموينية وعدد الأرغفة.
ووفقا للخبراء فإن «الشركات تقاعست عن القيام بمهامها، لا سيما وأنها لا تزال تتأخر في استخراج البطاقات الجديدة والفصل الاجتماعي وبدل تالف وبدل فاقد عن المدة التي حددتها الوزارة للانتهاء من إصدارها، وهي 15 يوما من تاريح تقديم الأوراق إلى مكاتب التموين، وفقا للدورة المستندية التي وضعتها الوزارة لسرعة استخراج تلك البطاقات، بالإضافة إلى عدم وضع آلية لصيانة ماكينات صرف السلع التموينية والخبز، هذا بجانب تكرار أعطال شبكات صرف السلع التموينية، فضلًا عن أزمة تنشيط البطاقات الخاصة بالمواطنين، وكذلك الأخطاء المتكررة في «السيستم» الخاص بصرف السلع، والتي تسببت في إلحاق الضرر بالبقالين كالغرامات المالية وتصل للحبس في بعض الأحيان.
تجدر الإشارة هنا إلى أن شركات تطبيق الكروت الذكية تتولى تشغيل وإدارة نحو 20 مليون بطاقة تموينية، تقدم من خلالها الدولة دعما في السلع التموينية والخبز تبلغ قيمته 89 مليار جنيه سنويا.
وفى هذا السياق قال الخبير الاقتصادي العربي أبو طالب، رئيس الاتحاد العام للتموين، رئيس جمعية مفتشين التموين: هذه الشركات تقدمت لاستخراج البطاقات التمونيية بعد التحول من منظومة البطاقات الورقية إلى منظومة البطاقات الذكية الجديدة لصرف السلع التموينية والخبز، وتم الاتفاق مع وزارتي التنمية الإدارية والمالية وقتها على أن تكون تكلفة تصنيع البطاقة الذكية بـ 7 جنيهات، وفي عهد وزير التموين السابق خالد حنفي، تم الاتفاق على حصول هذه الشركات على 90 قرشا في كل مرة يتم وضع فيها بطاقة الخبز في ماكنية صرف الخبز، وجنيه على كل بطاقة عند صرف السلع التموينية، وجنيه عند صرف السلع الخاصة بفارق نقاط الخبز.
وتابع: مكاسب الشركة من هذه العمليات تقترب من 500 مليون جنيه شهريا، ويجب أن نضع في الاعتبار أن هذه الاتفاقيات كانت قبل ارتفاع سعر الدولار، حيث إن الشركات تستورد مستلزمات إنتاج البطاقات من الخارج، لكن بعد ارتفاع سعر الدولار ليصبح ثلاثة أضعاف ما كان عليه قبل ثلاث سنوات وزيادة التكاليف بدأت الشركات بفرض مبلغ 20 جنيها في هيئة رسوم (حواله بريدية) على كل بطاقة يتم عمل لها بدل تالف أو فاقد أو فصل اجتماعي، ومع تكرار تلف البطاقة لسوء جودتها، يتحمل المواطن البسيط مصروفات الحوالة البريدية عند تلف بطاقته.
«أبو طالب» أوضح أيضا أن «شركات الكروت الذكية تمتلك قاعدة بيانات متكاملة عن المواطنين أصحاب البطاقات التموينية والخبز»، مشيرا إلى أنها «شركات مساهمة ولها شركاء أجانب، وأن البيانات االتي تمتلكها تمثل أمنا قوميا، وهو ما يمثل خطورة كبيرة يجب تداركها، ورغم أنه تم الاتفاق على انتقال مسئولية منظومة بطاقات التموين الذكية وبطاقات الخبز من وزارة التخطيط إلى الإنتاج الحربي لسرعة استخراج البطاقات التموينية الجديدة وبدل فاقد والتالف وبطاقات الفصل الاجتماعي، والقيام بالربط بين شركات البطاقات الذكية ووزارة التموين لتسهيل إجراءات وتيسير دورة العمل في إصدار البطاقات إلا أن شركات تطبيق الكروت الذكية ما زالت تسيطر على قاعدة البيانات الكاملة لأصحاب البطاقات التموينية».
وفيما يتعلق بتكرار أعطال شبكات صرف السلع التموينية الخبز وأزمة تنشيط البطاقات الخاصة بالمواطنين، قال «أبو طالب»: الشركات هي المسئولة عن توفير الماكينات، وتكرار الأعطال سببه وجود خلل في الماكينات، واللجنة الفنية المعنية بشراء ماكينات السلع والخبز تختار أنواع ماكينات بمواصفات ضعيفة لا تسطيع تحمل ضغط العمل عليها خاصة ماكينات صرف الخبز.
وفى نفس السياق قال رأفت القاضي، رئيس فرع الاتحاد العام لمفتشي التموين والتجارة الداخلية: مع بداية العمل بالبطاقات الذكية وإلغاء البطاقات الورقية، تم الاتفاق مع شركات تكنولوجيا المعلومات تحت إشراف وزارة التنمية الإدارية على تولي المهمة وإصدار البطاقات الذكية، والتي تهدف إلى وجود قاعدة بيانات ومنع تسريب الدعم، فضلًا عن إيجاد طريقة سهلة لمحاسبة التجار وأصحاب المخابز، وكذلك معرفة كميات السلع الموجودة والمنصرفة والتعرف على المبالغ المستحقة على التجار عن طريق سيستم إلكتروني متكامل.
وأضاف: هذه الشركات لم تحقق الهدف المنشود منها على أكمل وجه، وتوالت المشكلات فيما يتعلق بالبطاقات الذكية، أهمها أن تلك البطاقات سريعة التلف لا تحتمل ضغط العمل مع الاستخدام المتكرر لها، خاصة بطاقات الخبز والتي يتم استخدامها 25 مرة على الأقل في الشهر الواحد وفقا لاحتياجات المواطن، ومع تكرار تلك البطاقات أصبح المواطن يعاني لعدم قدرته على صرف السلع التموينية والخبز بصفة مستمرة بدون انقطاع.
كما كشف أن الشركات عجزت عن الالتزام بالمواعيد المحددة لإصدار بطاقات بدل تالف، بدل فاقد، والفصل الاجتماعي في مدة لا تتجاوز 15 يوما، حيث يستغرق إصدارها عدة أشهر، وهو ما يسبب أزمات وضررا كبير للمواطن البسيط، فضلا عن ظهور البطاقات المزدوجة والمكررة والوهمية، إلى جانب ظهور وقائع تلاعب في البطاقات التموينية.
«القاضى» طالب بضرورة إلغاء التعاقد مع شركات البطاقات الذكية، وإسناد مهمة إصدارها إلى الإنتاج الحربي، بجانب مسئوليتها عن تنقية قاعدة البيانات أو إسناد المنظومة إلى شركات عالمية لتدير المنظومة أسوة بالشركات المسئولة عن بطاقات الكروت الائتمانية و(الفيزا) أسوة بالبنوك والقطاع المصرفي التي تعتمد على شركات عالمية نسبة الخطأ فيها لا تذكر.
مؤكدًا أن هناك عدد ا كبيرا من المواطنين تم حذفهم بشكل عشوائي لا يخضعون لمعايير العدالة الاجتماعية، بسبب خلل موجود بالبطاقات التموينية أو أخطاء في السيستم، مما يمثل إهدارا للمال العام وضرر كبير للمواطنين.
كما أشار إلى أن «أزمة تعطل نظام صرف الخبز الأخيرة التي شهدتها المخابز، والتي دفعت وزير التموين مضطرا إلى إصدار قرار بصرف الخبز للمواطنين عن طريق كشوف ورقية لمنع تضرر المواطنين من الأعطال، مع الأخذ في الاعتبار أن استخدام الكشوف الورقية يفتح الباب للفساد والتلاعب، واستغلالها أسوأ استغلال من أصحاب النفوس الضعيفة، فقد يحدث تلاعب في الكشوف والصرف لبطاقات وهمية أو استخدام المخابز لبطاقات مواطنين قاموا بترك بطاقاتهم لدى أصحاب تلك المخابز، وهذا يرجع إلى فشل شركات البطاقات الذكية في عمل (سيستم) قادر على تحمل ضغط العمل، بدلا من تكرار الأعطال التي تتسبب في إهدار المال العام، يتمثل في تحمل الدولة تكلفة إنتاج خبز لم ينتج من الأساس ولم يصل لمستحقيه.
وشدد «القاضى» على أن شركات الكروت الذكية تتحمل المسئولية الكاملة عن العطل المتكرر لماكينات السلع والمخابز لسوء جودتها، وعدم قدرتها على تحمل ضغوط العمل عليها، حيث أنهم يستوردون ماكينات ضعيفة لقلة أسعارها، وبالتالي تظهر الأعطال المتكررة للماكينات، وتوقف العمل.
من ناحية أخرى، أكد العاملون ببقالة التموين أن تكرار أعطال ماكينات صرف السلع التموينية وسلع فارق نقاط الخبز وسقوط السيستم الخاص بذلك، أبرز مشكلاتهم مع شركات البطاقات الذكية، والتي تتسبب في الطوابير والزحام الشديد من المواطنين أمام البقالين، فضلا عن أخطاء في نظام السيستم الخاص بصرف السلع، بما يحلق الضرر بالبقالين تتمثل في غرامات مالية كبيرة عليهم.
"نقلا عن العدد الورقي...."