القناة في مواجهة السد

الصورة الذهنية هي حضور أو انعكاس صورة الشيء في الذهن أو هو تصور عقلي شائع بين أفراد جماعة معينة نحو شخص أو شيء معين. تذكرت هذا التعريف عندما أخبرني سائح إنجليزي بأنه اندهش في زيارته الأولى لمصر، لأنه كان يظن أننا نعيش في الصحراء ونتنقل بالجمال، أما نحن فقد دأبنا على تصوير الدول الأفريقية في الأعمال السينمائية بأنها جماعات غير متحضرة تعيش في الكهوف أو الغابات وهي أيضًا صورة غير واقعية.

أمور عديدة تساهم في صناعة الصورة الذهنية للدول على رأسها وسائل الإعلام.. وإذا نظرنا إلى صورتنا في القارة الأفريقية فإن الوضع الحالي للقارة يختلف كثيرًا عن عصر الستينيات، حينها كانت مصر هي اللاعب الأساسي والفاعل الأهم في القارة.

يسمع الآن أبناء القارة عن بعضهم من الإعلام الغربي.. فالمحتوى الإخباري والإعلامي المؤثر في صناعة الصورة الذهنية عن الشعوب، وبعضها مصدره إما "رويترز" أو "فرانس برس" أو "بي بي سي" وغيرهم من المصادر الغربية.. ولكل منهم أجندة معينة يخدمها وليس من أولوياته أن يخدم المصالح المصرية مع دول القارة.

قبل أيام صرحت وزارة الري المصرية بأن مفاوضات سد النهضة وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي.. ومع أهمية هذا الملف فإننا نحتاج إلى سرد تاريخنا مع القارة وتفسير مواقفنا، وترسيخ مبادئنا، وشرح مطالبنا وتطلعاتنا لذلك علينا التفكير جديًا في أهمية إطلاق قناة فضائية مصرية موجهة لأفريقيا.. تتحدث باللغات الأكثر انتشارًا في القارة، وعلى رأسها العربية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية والسواحلية..

قناة موجهة لشعوب أفريقيا.. يسمعها المواطن في إثيوبيا، والنيجر، وكينيا.. وتؤثر في شعوب بنين، وغانا، وتنزانيا.. وتكون مصدرا رئيسيا لمعلومات أبناء جيبوتي، والسنغال، ورواندا وغيرهم من دول القارة.

إذا أردنا سياسة ناجحة في أفريقيا لا بد أن يكون لدينا ذراع إعلامي مؤثر وفعال في الدول الأفريقية يساهم في صناعة صورتنا الذهنية وتحقيق أهدافنا.. منصة إعلامية مصرية نخاطب من خلالها أبناء القارة بأحلامهم وتطلعاتهم، ونؤثر فيهم، ونشرح سياساتنا وندافع عن مواقفنا بدلًا من ترك الساحة للآخرين للحديث عنا.. بجانب هذه القناة الموجهة إلى شعوب القارة نحتاج إلى زيادة البرامج والمحتوى الإعلامي الموجه محليًا للتعريف بقضايا القارة الأفريقية وتعميق شعورنا بهويتنا الأفريقية التي تمثل جزءا من مصريتنا.