من أجل صحافة حرة
من السهل أن تحقق صحيفة جديدة رواجا في التوزيع، طالما عبرت بصدق عن القضايا التي تشغل مواطنيها، همومهم ومشاغلهم، مشاكلهم، وإنجازاتهم، وأن تقدم المعلومة الصادقة، وتلتزم بالمهنية التي تفصل بين الخبر والرأى. ومن الصعب أن تحيا صحيفة فقدت ثقة القراء، واختارت أن تعبر عن إنجازات الحكومة، وأفضالها على المصريين، وتجاهلت المعارضة الوطنية، باعتبارها رجسا من عمل الشيطان!
يتحقق النجاح للصحيفة بقدر التزامها بالقواعد المهنية، التي تلزمها بالحرص على الدقة المتناهية في الخبر الصحفى من كافة جوانبه، وان تحترم آراء المخالفين.. وتعبر عن التيارات السياسية الفاعلة في المجتمع.
الصحافة الحرة وحدها هي التي تؤثر في الرأى العام وتتصدى للشائعات، وتؤدى دورها الفعال في نشر الاستنارة والتصدى للأفكار الخاطئة التي توارثتها الأجيال قرونا طويلة، ولم تعد من حقائق العصر ومتطلباته. وعندما يتوفر مناخ الحرية الذي يسمح بالتعبير عن الآراء المتباينة تتفتح الزهور، وتنضج مواهب الصحفيين ولا يستبعد المعارض منهم.
الصحافة الحرة تؤدى دورها الفعال في الرقابة على الأجهزة التنفيذية، وتكشف الفساد وتعرى الفاسدين، الصحافة الحرة تفيد الحاكم وتساعده على تحقيق مشروعه الوطنى، وتقربه من مواطنيه، ولا تعزلهم عنه. لأنها تضع في حساباتها ملايين المصريين.. ولا تصدر من أجل قارئ واحد.
الصحافة الحرة تحافظ على كرامة الصحفيين، وتفرض احترامهم على مصادرهم، حتى لو نشروا موضوعات عن أخطاء المصادر، ولا يستطيع المصدر أن يعترض ما دام الصحفى قدم المستندات التي تثبت مصداقيته.
الصحيفة الحرة تختار المسئولين حسب كفاءاتهم.. وليس الولاء للحكومة فقط، لأن الذين يصدرونها يحرصون على تحقيق نجاح لا يتحقق إلا بإدارة على درجة عالية من الكفاءة المهنية، وصحفيون ليست ميزتهم الوحيدة الطاعة العمياء لمن يديرون صحفهم من خارج مجلس تحريرها.
صحيح.. لا حل سوى إحداث تغيير شامل في المفاهيم.. قبل الأشخاص.