لبنان يواجه مخاطر الإفلاس
الحكومة اللبنانية في مواجهة حقيقية مع انهيار الليرة لأسباب مختلفة، من بينها الفساد المستشري، وأوجه الإنفاق، والتواجد السوري، بالإضافة إلى النقص الشديد في الدولار. الضرائب المفروضة على السلع والخدمات لم تستطع أن تحافظ على استقرار الاقتصاد، لأن العوامل التي تؤدي إلى الانهيار الاقتصادي أقوى بكثير.
يعاني لبنان من الفساد بشكل متزايد بما يُضيع أموال طائلة على خزينة الدولة تذهب للمستفيدين. منظمة "الشفافية الدولية" أو Transparency International صُنف لبنان في المرتبة 138 من أصل 180 دولة، ووفقا للخريطة التي خصصتها المنظمة لتصنيف الدول وفقا لدرجة الفساد فإن لبنان يعاني مستويات عالية من الفساد.
يتحدث اللبنانيون عن شخصيات تمارس الفساد وهي معروفة للكل لكن الطائفية تمنعهم من المساس بهم للمحافظة على "السلم الأهلي". ووفقا للتصنيف الخاصة بمنظمة الشفافية الدولية فإن لبنان حصل على 28 درجة من أصل 100 في مكافحة الفساد الحكومي.
أوجه الإنفاق الحكومي في لبنان من مسببات الفساد، والأمر في حقيقته يشكل إشكالية ضخمة لرئيس الوزراء والحكومة، فلبنان ليس فقط في حاجة للتنمية بل لتوفير بنية أساسية للحياة، وهو ما يعني أن الحكومة في حاجة لإنفاق المزيد، بينما تتطلب محاربة الإفلاس تقليص الإنفاق الحكومي. فلبنان يعاني نقصا حادا في الكهرباء حتى أن ما يسميه اللبنانيون "كهرباء الدولة" تتوفر حاليا لمدة 8 ساعات يوميًّا فيما يضطر المواطنون للجوء للمولدات الكهربائية والتي تثقل جيب المواطن اللبناني.
الأمر نفسه يتعلق بالمياه، فلبنان لا يستفيد من مياه الأمطار، وجميع اللبنانيين لا يحصلون على مياه صالحة للشرب من الدولة.
كما أن التواجد السوري أو ما اصُطلح على تسميته "بالنزوح السوري" تسبب في حصول السوريين على المهن التي كان يعمل بها اللبنانيين وبأجور أقل من تلك التي كان يحصل عليها اللبناني. عدد كبير من السوريين الموجودين في لبنان لا يرغب في العودة لسوريا.
أما المشكلة الأكبر حاليًا هو النقص الشديد في الدولار. لبنان عادة ما يعتمد على تحويلات المغتربين الذين يشكلون ضعفي عدد السكان في لبنان أو أكثر، لكن يبدو أن تحويلات المغتربين أصبحت لا تكفي لتحقيق استقرار اقتصادي، مع ضعف التصدير وقلة الإنتاج أصبح الدولار لا يتدفق على لبنان. ربما لا يعرف البعض أن لبنان من الدول القليلة التي يتم التعامل فيها بالدولار كما لو كان عملة محلية، فيمكنك أن تشتري ما ترغب بالليرة أو بالدولار.
المظاهرات التي اندلعت في لبنان سببها الاقتراحات الحكومية التي تؤثر على المواطن العادي بينما الشريحة العليا من المجتمع لا تتأثر. من بين الأمثلة الصارخة على الإنفاق غير المبرر هو حصول عضو البرلمان اللبناني على راتب قدره 8 آلاف دولار شهريًّا، بالإضافة إلى 67 ألف دولار سنويا كبدل تنقلات، وسيارة كل 4 سنوات. كما يتقاضى كل نائب 2.7 مليون ليرة (نحو 1800 دولار) شهريًا من صندوق التعاضد (الممول من اشتراكات النواب)، فضلًا عن تأمين طبي للنائب وأسرته.
على أن هذا الراتب يستمر حتى بعد خروجه من مجلس النواب لكنه يحصل على نسبة تتراوح ما بين 65% إلى 75% من هذا الراتب وفقا لعدد دورات انتخابه، فالنائب المنتخب لدورة واحدة يحصل على 65% من هذا الراتب، مما يجعل "مقعد مجلس النواب" بمثابة "فانوس على بابا"، المثير للسخرية أن معظم النواب من الشخصيات التي لا تحتاج إلى هذا الراتب.
المشكلة أن الحكومة لا تمس رواتب أعضاء البرلمان ولا الوزراء، فالحكومة لا تحارب الفساد إلا على شاشات التليفزيون ثم يحدثون اللبنانيين عن ضرورة الإصلاح الاقتصادي وعن محاربة الفساد.