رحلة مذكرات جاسوسة أمريكية اخترقت تنظيم «القاعدة».. «أماريليس» من «حفاضات الأطفال» إلى أرفف المكتبات.. اخترقت تنظيم القاعدة.. مقتل أستاذها بداية رحلتها.. وحياتها الشخصية
"دائمًا أردت أن أصبح جاسوسة ولم أر حاضرًا أو مستقبلًا لنفسي سوى في هذه المهنة».. جملة صادمة اختارتها أماريليس فوكس، الجاسوسة الأمريكية التي عملت لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، لتبدأ بها مذكراتها التي تروي فيها تفاصيل مطاردتها لأخطر الإرهابيين التابعين لعناصر تنظيم القاعدة في أكثر من 16 دولة، رغم زواجها وإنجابها لطفلتها التي كانت تستخدمها في إحباط عدد من التفجيرات وتوثيق جميع الأحداث التي مرت بها.
«أماريليس» بريطانية أمريكية، تبلغ من العمر 38 عامًا، ولدت لأب أمريكي يعمل خبيرا اقتصاديا، وأم بريطانية تعمل في مجال التمثيل، ما جعلها تعيش حياة متنقلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وغيرها من الدول برفقة عائلتها.
البداية
«أماريليس» كانت في سنتها الأخيرة بجامعة أكسفورد تدرس علم اللاهوت والقانون الدولي، عندما ألقي القبض على معلمها دانييل برل وقطع رأسه من قبل عناصر تنظيم القاعدة، مما أثار غضبها بسبب بشاعة المشهد الذي ظلت تشاهده لأكثر من 100 مرة في مقطع فيديو نشرته الجماعة الإرهابية، وحفزها ذلك على أن تتقدم بطلب للحصول على الماجستير في «الصراع والإرهاب» بجامعة جورج تاون في واشنطن.
في البداية نجحت «فوكس»، في ابتكار خوارزمية تساعد في التنبؤ باحتمالية وجود خلية إرهابية في أي منطقة حول العالم، وفي غضون 21 يوما تم تجنيدها من جانب وكالة المخابرات المركزية للقيام بمهام سرية، بعد أن تم اختيارها من قبل دالاس جونس، وسرعان ما تم نقلها وتجنيدها بالخدمة السرية، ذراع وكالة المخابرات المركزية التي تنفذ عمليات إرهابية.
المهمة الأولى
وكانت مهمتها الأولى قراءة وتحليل مئات البرقيات المصنفة يوميا من قبل الحكومات الأجنبية وتلخيصها في مذكرات يومية تقدم للرئيس، وبسبب اجتهادها سرعان ما تم اختيارها لمهمة تالية، في مكتب العراق الخاص بمكافحة الإرهاب، رغم صغر سنها، حيث إنها لم تكن قد تجاوزت عامها الثانى بعد العشرين من عمرها، غير إنها سريعا ما أثبتت نفسها.
وتم نقلها مرة أخرى للتدريب على العمليات المتقدمة، وتم إرسالها من لانجلي (مقر المخابرات الأمريكية) إلى مزرعة خاصة للعيش بها، وتعلم محاكاة كيفية استخدام «جلوك» -أخطر المسدسات فتكًا في العالم-، وتدريبها على كيفية إنقاذ نفسها، حيث كان يتم حبسها في سيارة وتركها تحاول إخراج نفسها، ليس ذلك فحسب بل كان يتم تدريبها على كيفية مقاوم التعذيب وأفضل الطرق للانتحار في حالة الأسر.
وفي نهاية التدريب تم وضع «أماريليس» كجاسوس تحت غطاء غير رسمي، كفني متخصص في الفنون القبلية والسكان الأصليين، ومن ثم تم إرسالها إلى الشبكات الإرهابية في المناطق النائية من الشرق وآسيا، واستمرت بهذه المهمة طوال ثمانى سنوات متتالية، رافضة التخلي عنها تحت أي ظرف.
ورغم مسيرتها وطبيعة عملها طوال الـ8 سنوات في العمل داخل معاقل تنظيم القاعدة المختلفة حيث تتبعت القنابل النووية التي تعود إلى الحقبة السوفيتية المخبأة في حقائب كانت قوية بما يكفي للقضاء على مدينة مانهاتن بأكملها، كما تمكنت من إقناع أحد قادة القاعدة بإلغاء تفجير في باكستان، كان من شأنه أن يقتل العشرات من المدنيين إلا أن هذا لم يمنعها من أن تعيش حياتها بشكل طبيعى، حتى إنها تزوجت 3 مرات.
في البداية من صديقها بالجامعة ومن ثم انفصلت عنه، وتزوجت شخصا يعمل معها بوكالة المخابرات المركزية، ومن ثم انفصلت عنه وتزوجت من بوبي كيندي لتترك بعدها العمل في الجاسوسية، وتقرر عيش حياة طبيعية مع زوجها، والقيام بأعمال الإغاثة في كاليفورنيا مع زوجها كينيدي منذ عام 2014، وتعمل محللة لشبكة CNN وبي بي سي، وسرد كتاب يروي تفاصيل حياتها طيلة السنوات الماضية خلال السنوات الثماني التي قضتها «أماريليس» مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
القوة والذكاء سمات تتمتع بها العميلة السابقة في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وظهر ذلك عندما كانت تحمل طفلها الرضيع معها خلال بعثات سرية لتتبع القنابل النووية التي تعود للحقبة السوفيتية، ومنع أعضاء تنظيم القاعدة من امتلاك الأسلحة النووية في عدد من الدول المختلفة، ليس ذلك فحسب بل كانت تصطحب طفلتها معها خلال لقائها بتجار السلاح، وكانت تتبع طرقًا غريبة لمراوغة أي شخص يحاول تتبعها، إضافة إلى أنها كانت تستغل فترة نوم طفلتها المولودة حديثا لتسجل كل شيء تقوم به لطرحه في مذكراتها القادمة تحت عنوان «Life Undercover: Coming of Age CIA».
المذكرات الخطيرة
أما عن إخفاء هذه المذكرات الخطيرة التي بإمكانها إنهاء حياتها إذا انكشف أمرها التي كانت تفضح من خلالها عناصر تنظيم القاعدة ومخططاتهم وكيفية تفكيرهم، وأسرار اجتماعاتهم السرية فكانت تلجأ لحفاضات طفلتها الرضيعة لإخفائها بداخلها ووضعها داخل شنطة سيارتها حتى لا يتم كشف أمرها حال تفتيش سيارتها المليئة بحفاضات الأطفال.
ورغم العقبات والانتقادات التي تواجهها «أماريليس» بسبب هذا الكتاب الذي نُشر ويرصد الفترة التي سنواتها في المخابرات المركزية، إلا أنها واجهت الجميع وتحدت مزاعم المخابرات المركزية الأمريكية وقدمتها لمسئولي النشر دون موافقة وكالة المخابرات المركزية، ودفع هذا الإجراء البعض إلى التشكيك في حقيقة ما يتم سرده داخل مذكراتها، كما أنها تعرضت لانتقادات واسعة لأنها تكشف عن تقنيات تجسس سرية يدرسها عملاء المخابرات المركزية الأمريكية أثناء فترة تدريبهم وعملهم في الوكالة.
"نقلا عن العدد الورقي..."