المهم السيستم!
لا تجري الانتخابات على صفحات الكتب أو الدساتير ولكنها تتم على أرض الواقع، ولهذا يعتمد اختيار أي نظام انتخابي على التكلفة والكفاءات الإدارية، ولكن الأهم هو تأثير النظام الانتخابي على الحياة السياسية، فيمكن لنظام انتخابي معين أن يضمن تمثيل القوى في البرلمان بما يتناسب مع حجمها في المجتمع، وقد يتيح نظام انتخابي آخر الفرصة أمام القوى الكبيرة لكي تتمثل بمقاعد أكبر من حجمها الحقيقي، ويمكن لنظام انتخابي آخر أن يعمل على قيام حكومة فعالة ومستقرة والعكس صحيح، ويمكن لنظام انتخابي أن يؤدي إلى بلورة معارضة برلمانية بحدود معينة.
بينما يمكن لنظام انتخابي آخر أن يؤدي لبلورة معارضة فعالة، ويمكن لنظام انتخابي أن يصيب البرلمان بالشلل ويضعه تحت سيطرة الحكومة، وذلك عندما يسيطر حزب الاغلبية، وهناك عدة نظم انتخابية منها الفردي، والقائمة المطلقة، والقائمة النسبية، والنظام المختلط بين الفردي والقائمة، وعدة طرق للتصويت وطريقة تمثيل الدوائر، وكلها نظريات تطبقها الدول وفقا لظروفها ودرجة التطور الديمقراطي بها..
والمناسبة أن مجلس النواب سيضع نظاما انتخابيا خلال دورته الراهنة، ليتم إجراء انتخابات مجلس الشيوخ والمحليات والنواب المقبلة، وهو أول لبنة في البنية الأساسية للإصلاح السياسي، خاصة وأن الأداء السياسي لمجلس النواب الحالي لم يكن على مستوى طموحات ثورة ٣٠ يونيو، وكان أقل مما ينبغي، وذلك وفقا لدراسة رصينة أعدها حزب التجمع فهناك 7 أحزاب لم يطلب ممثلوها الكلمة مرة واحدة تحت قبة البرلمان..
وهناك عدد من نواب الأحزاب السياسية، صوتوا في البرلمان بعكس مواقف أحزابهم بشأن قضايا قومية، وهناك بعض النواب كانوا يتباهون بأنهم غير سياسيين وغير منتمين لأحزاب سياسية، علما بأن هذا الوضع يخالف العمل السياسي، لأن العمل البرلماني هو عمل حزبي بالأساس ولهذا لا بد من إعادة النظر في قانون الانتخابات بما يجعل الترشح للمجلس يتم على أساس حزبي..
ثم أن معضلة النظام الانتخابي للمجالس المحلية من بين كافة النظم الانتخابية للتنافسية الديمقراطية يحظى (نظام القائمة المطلقة المغلقة) برفض هائل واستنكار على كافة المستويات الشعبية والأكاديمية، لما يفرضه من قيود على المرشح والناخب على حد سواء عند الترشح أو التصويت، إضافة لإهداره لأصوات الرافضين عندما يمنح (الفائز) كل شيء، حتى لو كان فوزه طفيفا، ويحرم (الخاسر) من كل شيء حتى لو كانت خسارته معلقة بصوت انتخابي واحد، إلا أن دستور 2014 فرضه كخيار وحيد وإجباري على المشرع عند وضع القانون المنظم للإدارة المحلية..
عندما (قسم) المجلس بين فئات محددة مسبقا (الشباب ـ المرأة ـ العمال والفلاحين ـ المسيحيون ـ ذوو الاعاقة) حيث نصت المادة (180) على أن: تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السري المباشر لمدة أربع سنوات، ويشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى وإجراءات الانتخاب على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة..
على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالي عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسبة تمثيلا مناسبًا للمسيحيين وذوي الإعاقة، ليجد المشرع نفسه أما أحد خيارين -كلاهما مر- الأول اعتماد نظام انتخابي مرفوض من كافة القوى السياسية والمجتمعية، والثاني الجهر بطلب إعادة النظر في النص الدستوري.