السندات الخضراء ممول عالمي مستحدث للموازنة المصرية
يعد الاقتصاد الأخضر أحد أهم القطاعات التي تحظى بدعم دولي، لذا عقدت الحكومة المصرية عزمها طرح السندات الخضراء في مشروع موازنة العام المالي القادم كجهة تمويل الموازنة العامة، لتمويل البرامج البيئية، واعتمد مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية في يوليو على استحداث مواد تشكل ضوابط إصدار السندات الخضراء..
هذا وتعد هذه السندات مصدرا مستحدثا للاستثمار يعالج الخلل البيئي العالمي، ويحقق أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ للأمم المتحدة واتفاق باريس، خاصة بعد إنذارات وشيكة لتفاقم الأزمة البيئية العالمية، وقد انتقد بعض الخبراء أهداف الأمم المتحدة بسبب تناقضها في استهدافها للنمو الاقتصادي، وأيضا الأهداف البيئية، وغالبا ما يحدث تناقض بين الهدفين خاصة مع سيطرة الشركات متعددة القارات على الاقتصاد العالمي، وبالتالي التحكم في صناعة القرار إلى جانب الصراعات السياسية والحروب الأهلية مهدت لتفاقم ظاهرة استنزاف الموارد والاستنزاف البيئي مع ضعف رقابة المنظمات الدولية.
هناك ضرورة ملحة لإعادة هيكلة المنظمات الدولية وتحفيز أسواق المال والشركات متعددة الجنسيات لدعم أهداف الأمم المتحدة.
ولعل السندات الخضراء أحد أهم التوجهات العالمية الجديدة نحو استقرار بيئي خاصة أن الدول الغنية والشركات متعددة الجنسيات تنتج أضعاف ما تنتجه الدول النامية.
"ستيفن لأند سبيرج" أستاذ الاقتصاد في جامعة "روشستر" أشار في كتاباته إلى توجه غربي سابق من خلال تصريح كبير خبراء الاقتصاد بالبنك الدولي، حول أنه من المفيد نقل المصانع الملوثة إلى دول العالم الثالث، مقابل عائد مادي، ولكن هذا التصريح سبب احتجاج أنصار البيئة، ولكن الكاتب يرى أن الاقتراح واقعي لأن الأولويات مختلفة في دول العالم الثالث كالفقر والجوع، وأن اهتمامات المجتمعات مختلفة وهو ما يوضحه "هرم ماسلو".
مؤخرا كتب النائب الأول لرئيس البنك الدولي الدكتور "محمود محيي الدين" مقالا عما أطلق عليه الاستثمار المؤثر، أكد فيه أن الفرصة الاستثمارية تكمن في استقطاب كيانات الاستثمار المؤسسي طويل الأجل للاستثمار المؤثر في قطاع التنمية المستدامة، مدفوعة بالتوجه العالمي وهذه المؤسسات تدير أصولًا تمثل 70 تريليون دولار، وهي قادرة على منح الاقتصاديات الناشئة الاستقرار على المدى الطويل ثم القدرة والثبات على مواجهة الأزمات المالية.
وبدعم منظمة الأمم المتحدة والبنك الدولي قد تتخطى السندات الخضراء رقم ٥٠٠ مليار دولار سنويا خلال بضعة أعوام، وستهدف الأنشطة البيئية بفوائد منخفضة وستمثل فرصة استثمارية يمكن اقتناصها، ولكن الأهم هو أن يتم استثمارها في المدن التقليدية التي أصبحت تعاني من مشكلات بيئية تتراكم، وقد تصل إلى حد الانفجار كتدوير القمامة والازدحام المروري جنبا إلى جنب مع المدن الجديدة..
تعد الفرصة الأهم هو أن تصبح مصر السوق الأهم في المنطقة لتكنولوجيا وتقنيات الاقتصاد الأخضر، وتطوير خبراتها في ظل تضاؤل الخبرات العالمية في ظل تراكم خبرات الشركات الغربية في قطاعات صناعية أخرى يصعب منافستها.. أيضا يعتبر دمج القطاع الخاص عنصرا هاما نحو استقطاب أكبر كم من الاستثمار الدولي، بما يحقق رفاهية المواطن وهو ما تدعمه منظمة الأمم المتحدة من خلال اتفاقية UN global compact أيضا المشروعات الصغيرة.
مؤخرا دعت منظمات دولية لمنح الناشطة المناخية المراهقة "جريتا ثنبيرغ" ذات ١٦ عاما جائزة نوبل لهذا العالم، لأنها نموذج لموجة شبابية للمطالبة بحقوق الأجيال القادمة في كوكب الأرض ولكن.. الصراع أكبر وأوسع وتحكمه مصالح واقتصاديات عظمي ويحتاج منظومة اقتصادية داعمة وليس مجرد رؤى.
يحتاج العالم إلى صفقة اقتصادية كبرى تحكم التنمية الاجتماعية والبيئة المستدامة للعالم أكثر من مجرد الصفقة الخضراء التي طرحتها عضوة الكونجرس الأمريكي "الكسندرينا أوكامبو" والسيناتور "اد ماركي" من "ماساتشوستس"، ولعل الصفقة التي قد تصبح قانون في الولايات المتحدة ولكن ما زال تحدي تسعير الكربون عالميا، هو الهدف الأهم لأنه أمام العالم ١٢ عاما لإنقاذه من تغييرات المناخ، كما صدر في تقرير مؤخرا لمنظمة الأمم المتحدة بما يضع الأمر محل الصدارة في الحوار الإنساني نحو مستقبل الكوكب.
يجب ألا تنظر الحكومة المصرية للاقتصاد الأخضر كفرصة استثمارية قصيرة الأمد وإنما مجال ينمو ويمكن الريادة التقنية فيه، ويمكن أن تحقق منه طفرات يلمسها المجتمع المحلي، وعلى جانب الاقتصاد الدولي فهناك مشروعات تدعم الاقتصاد الأخضر، تمثل فرصة مشروع منخفض القطارة الذي يخلق مجتمعا حضاريا سياحيا زراعيا في عمق الصحراء الغربية، ويدعم مدينة العلمين، ويربط مدن الظهير الصحراوي.