رئيس التحرير
عصام كامل

في معرض تراثنا.. «أرزة» مشروع لبناني على أرض مصرية

فيتو

داخل قاعة 4 في ساحة مركز مصر للمعارض للدولية بمنطقة القاهرة الجديدة، وبينما تتداخل الأصوات وتختلط فيما وتدب الحركة في أرجاء القاعة الفسيحة في اليوم الثالث من أيام "كعرض تراثنا للمصنوعات اليدوية والتراثية والذي انطلقت فعالياته بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي الأربعاء الماضي، حتما ستميز صوتها بين مئات الأصوات، باللهجة الشامية وبرقة وعذوة صوت تليق بوجهها المستدير ذي الملامح الصغيرة، تنادي "عبير حليحل" مصممة منتجات يدوية لبنانية على الأطفال وذويهم، ليشاهدوا ما صنعته يديها من سجاد الصلاة المطرز خصيصا للأطفال حديثي العهد بالصلاة، داخل مربع صغير يحمل عبارة مكتوبة بخط كبير "أرزة".


قبل 13 عاما، كانت عبير في بعلبك اللبنانية حيث نشأت في بيت العائلة، وتعلمت فنون التطريز منذ كانت طفلة في سن صغيرة، كانت تصنع حُليها وعرائسها والإكسسوارات الخاصة بها، ثم مرت السنوات وكبرت وتهيأت لدخول الجامعة، وتخصصت في مجال علم النفس وبعد التخرج عملت في مجال التسويق لإحدى أكبر الشركات اللبنانية. انقطعت صلتها تماما بالتطريز والعمل اليدوي، خاصة أنها في تلك الفترة التقت بزوجها المصري الذي كان يعمل بالشركة ذاتها واتفقا على الزواج والاستقرار بمصر، "أنا بمصر من شي 13 سنة وقت ما تزوجت استقريت هنا وأصبحت حياتي هنا، بس بروح على بيروت لزيارة أهلي وأقاربي، لكن وقت ما قررت أعمل مشروع اختارت إنه يكون ببلدي الثاني مصر، لكن يحمل رائحة لبنان وأرز لبنان، كأني حبيت أزرع أرز لبنان بمصر"، تلك الكلمات الأخيرة هي سبب تسمية المشروع الخاص بعبير بـ "أرزة".

أرز لبنان المغروس في قلب الثقافة المصرية من خلال الأربعينية عبير، هو عبارة عن مشروع صغير يهتم بصناعة سجاد الصلاة للأطفال بألوان متعددة وروسومات غير مألوفة وليست قاصرة على الرسوم التي نعهدها في سجادة الصلاة. في بداية الأمر قد يتعجب المار من أمام هذا الركن مما تبيعه تلك السيدة، هل حضرت من بيتها خصيصا لتبيع بعض سجاجيد الصلاة وإسدالات الصلاة الخاصة بالأطفال فقط!، لكن الإجابة سرعان ما تجدها عند عبير تتحدث عنها وكأنه قضيتها الكبرى ورسالتها التي جاءت إلى الحياة من أجلها، "لما تزوجت وأصبحت أم وأبنائي كبروا واحتجت إني أعلمهم الصلاة لم أجد في العالم العربي كله مكان متخصص في صناعة سجادة الصلاة للأطفال، رغم أنها الركن الأساسي ياللي من خلاله نقدر نشجع أولادنا على مداومة الصلاة، قررت استغل موهبتي القديمة في التطريز وأعيد إحياؤها مرة ثانية، فصنعت أول سجادة صلاة للأطفال بيدي وفي بيتي".

مركب وشراع ونخلتان بينهما، تعلوهما قبة الصلاة تعلو هذا المنظر المطرز بالعديد من الألوان بين الوردي والأزرق والأحمر وغيرهم، تفترش السجادة صغيرة الحجم أرضية المربع المخصص لبيع منتجات عبير، يلتف حولها الأطفال فتقابلهم بابتسامة صافية وتعرض عليهم مجموعة من قصص تعليم الأطفال الصلاة وشروحها، "أنا هنا بصفتي أم بالمقام الأول، مشروع أرزة مشروع أم وليس تاجرة، بشعر إني أخذت ثواب وساهمت في تقويم سلوك أي طفل مادام اشترى مني سجادة الصلاة، قد ما بقدر بحاول أعمل شيء يشبه سنهم، وليس السجاد القطيفة صاحب الشكل الثابت، بحيث إنه لما يقف الطفل عليها للصلاة يشعر وكأنه في عالمه الخاص لم يخرج منه إلى عالم ما بيعرفه"، لهذه الأسباب نجد على إحدى السجاجيد صممت عبير طائرة هيلوكبتر أو طائرة ورقية أو أشياء من هذا القبيل تأثر نظر الطفل ووالديه حين يعبرون من تلك المنطقة، "بفرح لما بشوف طفل قرر يصلي وينتظم بالصلاة بس لأنه بده يقف على سجادة الصلاة ياللي صنعتها".

ويعد معرض "تراثنا" من أكبر المعارض المتخصصة في مجال الحرف اليدوية والتراثية والذي يضم نحو ٥٠٠ عارض في هذا المجال، وذلك في إطار تنفيذ استراتيجية الدولة التي تهدف إلى دعم هذه الفنون الحرفية وعرض منتجاتها المتميزة، وفتح آفاق أوسع لانتشارها وتطورها وكذلك تشجيع الشباب على تعلم هذه الحرف والفنون اليدوية الراقية، وإتقانها وإقامة مشروعات صغيرة أو متناهية في الصغر في هذا المجال توفر لهم فرص عمل مربحة ومستقرة.
الجريدة الرسمية