رئيس التحرير
عصام كامل

هموم الفقراء ومعاش "تكافل وكرامة"


في حين تنفي وزارة التضامن الاجتماعي إيقاف معاش "تكافل وكرامة" بصورة عشوائية وتعسفية لبعض المستحقين، بلغ عددهم 300 ألف، وتؤكد أن ما حدث هو تجميد الدعم لعدد من المواطنين بعد التأكد من عدم التزام المستفيد بالمعايير المنصوص عليها، حيث تم إيقاف معاش تكافل وكرامة لـ10% فقط من المواطنين، بعد مراجعة بياناتهم بدقة والتأكد من عدم استيفائهم للشروط المطلوبة، نجد الحقيقة والواقع يخالف تلك التصريحات ويكذبها..


وليس أدل على ذلك من تلك الشكاوى التي تلقيتها من مستحقين لذلك المعاش وقد فقدوه دون أسباب حقيقية، وسأذكر بعضا منها للتدليل على العشوائية في الحذف والتعسف في التطبيق. كما أن إحدى النائبات بمجلس الشعب تقدمت مؤخرا بطلب إحاطة موجه لرئيس مجلس الوزراء ووزيرة التضامن، بشأن توقف فيزا معاش "تكافل وكرامة" مما تسبب في عدم تمكن مستحقي هذا المعاش من الصرف.

وأكدت النائبة أن هذا الأمر ترتب عليه وجود أسر كاملة لا تحصل على معاش أو دعم نقدي لفترات طويلة، حيث إن عدد كبير من الأسر فوجئوا بوقف صرف الفيزا للمرتب الشهري الذي يمثل لهم الحياة وبدون أي مقدمات ولا إنذارات. وذكرت أن معاش "التكافل والكرامة" قصد به الرئيس "السيسي" الحفاظ على كرامة بسطاء المصريين، وما يحدث حاليا من وقف الفيزا دون أسباب معلنة أو توضيح للمواطن آلية تشغيلها مرة أخرى خلق حالة من الخوف لدى هذه الأسر، وأصبحوا غير آمنين على رزقهم ودخلهم الشهري.

ولم يقتصر الأمر على تلك البرلمانية بل تقدم العديد من النواب بطلبات مماثلة مطالبين باتخاذ موقف تجاه وزارة التضامن، وذلك بعد تكرار شكاوى النواب من وقف معاشات "تكافل وكرامة" لعدد من المواطنين في دوائرهم الانتخابية، وتأثير ذلك على حياتهم المعيشية؛ مما يؤكد أن الأمر صار ظاهرة عامة ولا ينفيها أو يخفيها نفي وزارة التضامن أو مجلس الوزراء لها.

وتذكر وزارة التضامن أنها تحذف فقط الحالات غير المستحقة مثل وفاة المستحق، أو زواج المرأة عرفيا لحصولها على الدعم، أو من يثبت أن إعاقته لا تمنعه من العمل، فليس –كما تقول الوزارة- كل الإعاقات تمنع صاحبها من العمل، فهناك إعاقات ثابتة ودائمة وأخرى مؤقتة، ومن لا يخضع للكشف الطبي يتم منع صرف الدعم له.

وكل ذلك كلام طيب، لكن الحقيقة أن الحالات التي اطلعنا عليها كلها مستحقة لذلك المعاش وليست ضمن تلك الحالات التي حددتها وزارة التضامن للمنع من صرف المعاش، بل ينطبق على الحالات التي اطلعنا عليها كل شروط صرف المعاش لكن دون سبب تم حرمانهم من ذلك المعاش الضئيل الذي يساهم في توفير أبسط صور الحياة للفقراء.

وعلى سبيل المثال اشتكى أحد أهالي حلوان من تجميد فيزا "تكافل وكرامة" الخاصة بنجله البالغ من العمر 16 عاما بشكل مفاجئ، على الرغم من أحقيته لها بسبب إعاقته السمعية. وذكر أن ابنه في الصف الثاني الإعدادي في مدرسة الأمل للصم والبكم، وأنه في حاجة ماسة للمعاش بسبب ظروفه المعيشية الصعبة، ولما استفسر عن سبب وقف الفيزا ذكر له مسئولو مكتب التضامن بحلوان أنه عليه أن يقوم بالكشف الطبي مرة ثانية على نجله لأنه قد تكون حالاته تحسنت ولا يستحق المعاش، فهل يعقل أن يكون مريضا بضمور في العصب السمعي منذ ولادته، ولا يسمع ولا يتكلم، وفى مدرسة للصم، وتحتاج وزارة التضامن أن تتأكد من إعاقته؟

ونجد حالة أخرى لامرأة فقيرة جدا تبلغ من العمر 60 عاما وغير متزوجة، وليس لديها أي مصدر للدخل من أي جهة سواء عامة أو خاصة، وليس لها عائل، وتسكن في شقة إيجار قديم من ميراث والدها، وكانت تحصل على معاش وزارة الضمان الاجتماعي "تكافل" حتى انقطع، وقامت بعمل أوراق جديدة مرتين في مكتب التضامن وتم إدراجها ضمن الحالات العاجلة لأن المنزل الذي تسكن فيه آيل للسقوط، ورغم ذلك تم رفض أوراقها لاعتبارها فوق خط الفقر؟!!

ونلحظ حالة صعبة لمواطن من محافظة الدقهلية قد قدم أوراقه للحصول على معاش "تكافل وكرامة"، فهو رجل كبير في السن، ويعاني من أمراض مزمنة كثيرة، ولا يوجد له أو أسرته المكونة من ثمانية أفراد (أربع بنات، وشاب معاق بشلل رباعي، وطفل في الصف الأول الابتدائي) أي مصدر للدخل، ورغم ذلك ترفض وزارة التضامن صرف معاش له بحجة وجود أخطاء في اسم أحد أبناء العائلة وهذا ليس صحيحا تماما ومعه ما يثبت ذلك.

ومن محافظة المنوفية نجد حالة رجل مسن ومعاق في ساقه اليمنى، ولا يستطيع العمل، وقد تقدم بأوراقه لوزارة التضامن التي حولته للكشف الطبي، وبالفعل أثبت الكشف الطبي إعاقته مع أمراض أخرى، وقد تقدم بأوراق تثبت عدم وجود دخل من أي جهة ولا يمتلك حيازة زراعية أو أية أملاك من أي نوع، وبعد أن تقدم بكل ذلك فوجئ بضياع الأوراق، فقام مرة ثانية بإعادة الفحص الطبي وتقديم الأوراق، لكن تم رفض طلبه بحجة أن زوجته تصرف معاش "تكافل وكرامة" وهذه حقيقة لكن كل ما تصرفه زوجته لا يتجاوز 380 جنيها، وهو يعول زوجته مع طفلين ولا يستطيع العمل، ويحتاج إلى ذلك المعاش بقوة.

ومن محافظة الشرقية نطالع حالة عامل زراعي في الخمسين من عمره ويعول أسرة من ثلاثة أولاد في سن التعليم المختلفة، ولكن نظرا لمرضه لم يعد قادرا على العمل والكسب، فتقدم بأوراقه لوزارة التضامن وتم توقيع الكشف الطبي عليه الذي أثبت إصابته بضعف الأعصاب بالذراعين وخشونة بمفصل الركبة، واللذين تسببا بعدم القدرة على العمل المهني، وليس لديه تأمين أو أي مصدر دخل، ونتيجة للإصابة بتلك الأمراض لم يعد يستطيع القدرة على العمل نهائيا، كما يحتاج إلى مصاريف علاج، ومصاريف إعاشة له وأسرته، وتم صرف معاش "تكافل وكرامة" له مدة ستة أشهر لكن فوجئ بانقطاعه دون سبب فماذا يفعل ليواصل الحياة؟
الجريدة الرسمية