رئيس التحرير
عصام كامل

بطولة ألعاب القوى في قطر.. هل انقلب السحر على الساحر؟

فيتو

رغم إنفاق قطر الباذخ على تنظيم بطولة العالم لألعاب القوى؛ بغية إسكات المنتقدين بشأن استضافتها لمونديال 2022، إلا أن الأمر انقلب عليها بسيل من الانتقادات بسبب الظروف الصعبة التي تقام فيها البطولة.

أرادت قطر في استضافتها لبطولة العالم لألعاب القوى أن تبهر الجميع بقدراتها التنظيمية، وأن تسكت كل الأصوات المشككة بجدوى استضافتها لبطولة كأس العالم عام 2022، لكن يبدو أن الأمر جاء بنتائج عكسية بعد تصاعد حدة الانتقادات بشأن الكثير من الجوانب والمشكلات المرافقة لسير بطولة كأس العالم لألعاب القوى، ولم يسبق أن كانت حدة الانتقادات على الشكل الذي يوجه لإقامة البطولة الحالية في قطر.

وفي مطلع هذه الانتقادات قسوة المناخ الصحراوي الذي أثر بشكل كبير على مستوى المتنافسين، إضافة إلى غياب الاهتمام الشعبي بالبطولة من جانب الجماهير القطرية. 

وفي هذا السياق تنقل وكالة الأنباء الألمانية عن بطلة رمي الجلة الألمانية كريستينا شفانيتس، قولها: "توجد أماكن أخرى أفضل من قطر، لكننا كرياضيين لا يمكننا اتخاذ القرارات، ولا نُسأل عنها"، معتبرة أن ذلك يشكّل استهانة بالرياضيين بسبب الطقس الحار والمنافسات ليلًا، وعزف الجمهور عن متابعة رياضات مثل الجري والقفز والرمي.
وترى بطلة العالم في رمي الجلة عام 2015 أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى "منح قطر استضافة البطولة جاء اهتمامًا بالمال، وليس بالظروف التي يتنافس فيها الرياضيون".

وكان رئيس الاتحاد الدولي لألعاب القوى سيباستيان كو، قد أكد في أكثر من مناسبة، الحاجة للدخول إلى أسواق جديدة، وأعلن قبل بدء البطولة: "ستكون بطولة العالم جيدة للغاية".
وعلى الرغم من إنفاق الأموال الطائلة، فإن العديد من الرياضيين المشاركين والسابقين الذين شاركوا في البطولة يرون أنها سيئة للغاية خصوصًا في أيامها الأولى.
وفي هذا السياق يقول صاحب الرقم القياسي العالمي في سباق العشاري، الفرنسي كيفن ماير: إن أيام الأيام الأولى من البطولة كانت "كارثية" بكل المقاييس.

غياب الجمهور

ويبدو أن تأثير الأزمة الخليجية ومقاطعة أغلب دول الخليج لقطر ترك ظلالًا قاتمة على حيوية التشجيع الجماهيري في إستاد خليفة الدولي، حيث تُقام معظم المنافسات؛ إذ تبدو مدرجاته شبه خاوية من المتفرجين إلا في بعض الأماكن.
وفي هذا السياق كتبت صحيفة "بيلد" الألمانية المنافسات بأنها أقرب ما تكون إلى "عرض للأشباح للتنافس على الألقاب"، نظرًا لقلة الجمهور المتابع للمنافسات في إستاد خليفة الدولي، الذي يتسع لخمسين ألف متفرج، بيد أن قلّة الحضور رافقها تغطية أكثر من نصف المقاعد المخصصة للجمهور بأغطية من البلاستيك.

ويبدو أن القيود التي تضعها دول خليجية مقاطعة لقطر منعت من سفر مواطنيها لحضور هذه المنافسات في الملاعب الخاوية.

وفي تعليقه منشور على موقع محطة "أن تي في" الإخبارية الألمانية، قال المعلق الرياضي بيت جوتشالك: "مدرجات خاوية، هبوب القيظ في كل خطوة، أجواء معقمة تذكر بالمختبرات العلمية اللعينة: هذه بشكل عام الصور التي تنقلها محطات التلفزة عن منافسات بطولة العالم لألعاب القوى في الدوحة، لكنها يمكن أن توحي لمشاهدي التليفزيون الألماني في نهاية المطاف بالشكل الذي سيكون عليه مونديال قطر، وبالأجواء التي ستجرى فيها المباريات في قطر عام 2022".

وأضاف جوتشالك في تعليقه: "الجدل حول منح تنظيم كأس العالم في قطر رسميًا مستمر منذ تسعة أعوام. والآن يتضح للمرة الأولى إلى أين يمكن أن يؤدي جنون البطولات الرياضية الكبرى في البلد الصحراوي. وحين لا يكون دافع التنظيم حب الرياضة وإنما صفقات مالية، فإن بطولة العالم لألعاب القوى لا تصبح سوى موعد مسجل على قائمة المواعيد، وليس حدثًا كبيرًا في حياة الآخرين وذاكرتهم".

ظروف مناخية قاسية

تقام معظم منافسات البطولة الحالية داخل إستاد "خليفة الدولي" بالدوحة، حيث يستمتع الرياضيون والرياضيات، وكذلك الجماهير داخل الإستاد بدرجة حرارة لا تزيد عن 26 درجة مئوية، إضافة لنسب معتدلة من الرطوبة بفضل تقنيات التبريد المبتكرة في هذا الإستاد مثل باقي الاستادات المضيفة لبطولة كأس العالم 2022 لكرة القدم المقررة في قطر.

وتتضح مشكلة ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بشكل جلي على المشاركين والمشاركات في سباقات الطرق (الماراثون والمشي). وكان لذلك الأثر الأكبر على لياقة المشاركين ومستواهم، إذ استسلم 14 عداءً وعداءة قبل نهاية السباقات. وفي سباق 10 آلاف متر انهارت العداءة الألمانية الشابة آلينا ريه.
وفي هذا السياق، انتقد العداء السابق في إثيوبيا هيلي جبريسيلاسي إقامة السباقات في هذه الظروف القاسية، معتبرًا أنها تهدد حياة المشاركين.
وقال الرياضي الأثيوبي البالغ من العمر 46 عامًا: "لا سمح الله، لكن الأشخاص الذين يركضون في مثل هذه الظروف الجوية قد يكونون معرضين للموت".
وأشار إلى أنه من الخطأ تنظيم بطولة العالم في مثل هذا الجو الحار بالدوحة، وخاصة سباق الماراثون. بالنسبة لبطل العالم وحامل الرقم القياسي العالمي فقد كان من الأفضل الاستغناء عن سباقات الماراثون تمامًا في هذه النسخة من البطولة.


هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية