رئيس التحرير
عصام كامل

مستشفيات مطروح خارج الخدمة.. "السلوم" آيل للسقوط.. و"العسكرى الدولى" ينقصه الأطباء.. د.سعيد عريشة: إمكانيات "المركزى" لا تسمح بإجراء عمليات

مستشفي السلوم
مستشفي السلوم

رغم الإهمال الشديد الذى تعيش فيه مدينة السلوم الحدودية الواقعة على بعد 220 كم غرب مطروح وهى بوابة مصر الغربية فلم تنج صحة أهلها من هذا الإهمال فى ظل وجود مستشفى يقولون عنه من دخله مريض ازداد مرضًا، لذا يفضل المواطنون البسطاء الموت على فراشهم بين أحبائهم وذويهم..

ويصف لنا العمدة "سعيد طربان"، من أهالى السلوم، الحالة المزرية وغير الآدمية لمستشفى السلوم المركزى، حيث تنتشر الدماء على الأرضيات والأجهزة الطبية المتهالكة والقديمة قائلًا: بالرغم من أن مستشفى السلوم يستقبل يوميًا ما يقرب من 155حالة فى قسم الاستقبال والعيادات الخارجية بالإضافة إلى حالات الطوارئ الناجمة عن حوادث الطرق والهجرة غير المشروعة عبر الحدود برًا وبحرًا، فإنه يعانى ندرة فى تخصصات الأطباء وقلة فى طاقم التمريض والعمالة، فيوجد به 9 أطباء و9 ممرضين وعاملا نظافة، بالإضافة الى أن جزءًا كبيرًا من مبنى المستشفى "آيل للسقوط"، أى خارج نطاق الخدمة طبقًا للتقارير منذ عام 2010 ولم يتخذ حياله أى إجراء.
وحتى النساء بالسلوم تمتنع عن زيارة المستشفى فى حالات أمراض النساء والولادة لعدم وجود طبيبة، حيث تمنعهم العادات والتقاليد من الكشف عند طبيب، مما يعرض الأمهات منهن والأجنة للخطر.. كما يتم صرف العلاج على نفقتنا الشخصية من الصيدليات الخارجية فلا يوجد فى صيدلية المستشفى سوى بعض المسكنات التى تصرف لأغلب المرضى تقريبًا.
أما عن المبيت على أسرة وفراش المستشفى فحدِّث ولا حرج، فالمرضى من أهالى السلوم يرفضون المبيت عليها ويذهبون إلى منازلهم ليلًا والعودة فى الصباح لاستكمال وتلقى العلاج؛ نظرًا لسوء حالة الأسرة والفرش والإمكانيات فهو "مستشفى مع إيقاف التنفيذ".
وأشار"طربان" إلى أنه توجد على بعد عدة أمتار من مستشفى السلوم مستشفى آخر مزود بكل الإمكانيات الحديثة ومجهز على أعلى مستوى وهو "المستشفى العسكرى الدولى" التابع للقوات المسلحة ولا ينقصه سوى الأطباء.. ويكمل: إننا تعبنا من مناشدة الجهات المسئولة فى المحافظة والقوات المسلحة من موقعنا كشعبيين لتمكيننا من العلاج به، ولكن للأسف "لا حياة لمن تنادى".
فى نفس الوقت ذكر الدكتور "سعيد عريشه"، مدير مستشفى السلوم المركزى السابق، أن سوء توزيع التخصصات وتردى مستوى الاستراحات وضعف العائد المادى هى أهم أسباب الأزمة، فالإمكانيات بمستشفى السلوم لا تسمح بإجراء العمليات، ومع ذلك يتوفر به طبيب تخدير ورغم استقباله العديد من إصابات حوادث الطرق لا يوجد به طبيب عظام.. مضيفًا أن الأطباء يرفضوا القدوم إلى المناطق الحدودية لبعدها وقلة العائد المادى، فالعمل به يكون دائمًا بأقل الإمكانيات والمستلزمات.
وتتكرر مأساة مستشفى السلوم داخل 7 مستشفيات أخرى بمطروح بما فيها مستشفى مطروح الرئيسى أو العام فتتشابه معاناتهم وأسباب المشكلات ويضطر الفقير إلى الصبر على علته واللجوء الى هذه المستشفيات فاقدًا الأمل فى الشفاء.
بينما يحاول المقتدرون وأحيانًا الفقراء التوجه الى المستشفيات التخصصية.. والطريف أن المحافظة لا يوجد بها سوى 2 فقط.
ويقول الدكتور"احمد عبدالله عيسى"، صاحب مستشفى "عبدالله عيسى التخصصى"، وهو من أبناء القبائل بمطروح إنه أنشأ المستشفى عام 1994 لمنح أبناء مطروح الرعاية الصحية المطلوبة والمميزة بعد أن فقد الأمل فى تقديمها لهم من خلال المستشفيات العامة، فقرر بناء مستشفى صغير مكون من 4 طوابق و20 غرفة ويستوعب 40 حالة مرضية فقط، ومع ذلك فالإقبال عليه كبير نظرًا لثقة المواطنين فى خدمته عن المستشفى الحكومى.
حيث يتوفر به قسم استقبال طوارئ ومعمل تحاليل طبية يخدمان المواطنين طوال 24 ساعة، بالإضافة الى قسم الأشعة التليفزيونية الكامل وأشعة العظام والأسنان والذى دائمًا أجهزته معطلة داخل المستشفى العام، ليس له وجود فى سائر المستشفيات الحكومية الأخرى على مستوى المحافظة.
ويضيف"عيسى" أن المستشفى يحاول توفير استشاريين وأطباء متخصصين فى مجالات الباطنة وأمراض القلب وجراحة الكلى والمسالك البولية والجراحة العامة وجراحة العظام والأسنان، وكلها تخصصات تكاد تكون نادرة فى مطروح، لذا يتحمل المستشفى مصاريف إضافية لاستقطاب بعض الأطباء من محافظتى الإسكندرية والقاهرة وتوفير الإقامة المناسبة لهم ليقوموا بعلاج المرضى بمطروح، خاصة ممن لا يستطعيون السفر الى المحافظات الكبرى للعلاج.
وأشار "عيسى" إلى أن ندرة التخصصات وعلى رأسها طبيب العناية المركزة تعد أزمة واضحة تعانيها المستشفيات الحكومية ومردودها يؤثر سلبًا فى المستشفيات الخاصة أيضًا، فنلجأ الى انتداب الأطباء وتوجد أزمة أخرى فى توفير طاقم التمريض المؤهل والمدرب على أعلى مستوى، فمن يتخرجون فى مدرسة التمريض بمطروح يحتاجون مجهودًا وتدريبات مكثفة للوصول الى المستوى المطلوب والمستشفى لديه يعتمد على طاقم التمريض الأكبر سنًا والأكثر خبرة فى تعليم الأجيال الأحدث.
ويؤكد "عيسى" أن المستوى المادى لأهالى مطروح وإن كان أغلبهم من الطبقة المتوسطة والفقيرة يحكم المستشفى بمستوى مادى معين بالنسبة للأسعار ونضطر لقبول كل الحالات فلا يمكن أن يتعامل المستشفى التخصصى فى مطروح على غرار المستشفيات الخاصة فى محافظات أخرى والتى تطلب التأمين قبل المريض أو تغالى فى أسعارها، فأهالى مطروح كالأسرة الكبيرة ولا يمكن التعامل فيما بينهم بالمنطلق المادى البحت دون مراعاة القرابة بين القبائل من جانب والعشرة وعلاقات الصداقة بالمحيطين من جانب آخر.
الجريدة الرسمية