الحوار الوطني.. دواء لكل داء
هل نحن بحاجة إلى حوار وطنى بلا سقف؟.. أتصور أن المخلصين لهذا الوطن لا بد أن يلتقوا على مائدة الحوار والنقاش الجاد حول مستقبل بلادنا، وسط هذه الحالة من الغموض المحيط بنا وبقضايانا، مستقبل المياه في مصر، مستقبل العمل السياسي والتداول السلمى للسلطة، دور الإعلام في الفترة القادمة وما يحتاج إليه من أدوات وقرارات وتغيير وتجديد ومساحة للتحرك الجاد حتى يصبح أداة دفاع وقتال في مواجهة حرب حقيقية.
الحوار والمصارحة هما السبيل الوحيد لضمان لُحمة سياسية واجتماعية تتخذ الشفافية طريقا والثقة منهجا، كي يتحمل كل مواطن مسئولياته تجاه بلاده، حوار يضمن طرح الرؤى والرؤى المغايرة، حوار نختلف فيه من أجل أن نتفق، حوار نتشارك فيه المسئوليات ونسهم فيه بكل جدية، حوار لا يستبعد ولا يقصى ولا يهمش، حوار يجمع كافة الأطياف السياسية الشرعية، حوار يؤسس لعلاقة بين السلطة والمعارضة، حوار يمنح الجميع أدوارها، حوار يبني ولا يهدم.
حوار يُبنى على الثقة دون تخوين، حوار حيوي قادر على مواجهة العدو أيا كان موقعه، حوار تصحيح للمسار الذي غابت عنه السياسة، وتلعثم فيه الإعلام، وفقد المجتمع قدرته على الحراك البناء، بعيدا عن محاولات القوى الخارجية لاختراق الصف، حوار يرسم ملامح العلاقة بين السلطة التي انتخبها الشعب والمعارضة التي ترى أن لديها ما تقدمه لوطنها فيما هو قادم من الأيام.
إن العراك السياسي لا يعني أن طرفا يرغب في تخوين الآخر أو القضاء عليه، التعددية تعنى قدرة المجتمع السياسي على دمج القطاعات الشعبية في عمل شرعى، معمل لتفريخ القيادات السياسية القادرة على تحمل مسئوليات المستقبل في مواجهة معامل تفريخ الإرهابيين والانتحاريين، الحياة السياسية السليمة تمنح الحاكم قدرات أوسع، وإمكانيات أكبر، ليخاطب الداخل والخارج، بلغة أكثر قبولا في عالم أصبح حارة صغيرة وليس قرية.
إن حيوية المجتمعات تقاس بقدرتها على دمج الناس في كيانات شرعية سياسية، تجد صدى لعملها لدى مؤسسات الدولة وصناع القرار، وهو ما من شأنه أن يقلص ملفات من الإدارة الأمنية الأصل فيها غير أمني، حزب شرعى يعمل في العلن أعظم للوطن من جماعة سرية تحض على الكراهية والقتل والتخريب والتدمير، المران الديمقراطي طريق طويل لابد وأن يبدأ الآن، وليس غدا إذ إن الديمقراطية ليست سلعة يمكن استيرادها، وإنما هي منهج يحتاج إلى مدارس وطنية، تعلم وتجرب، تصيب وتخطئ حتى مرحلة النضج.