رئيس التحرير
عصام كامل

"جنة" والإسدال!


"جنة" البريئة المسكينة الشهيدة في جنة ربها بإذن الله، وحقها أمانة عند النيابة العامة، لكن السؤال: هل رأيتم صورة جدتها التي عذبتها حتى لقيت وجه ربها؟ هل رأيتم هيئتها وشكلها؟ هل رأيتم الإسدال؟ الذي يغطي ملابسها بشكل شبه كامل؟ ماذا لو رأيتم هذه الجدة قبل الحادث؟ سيقول الطيبون من الناس إنها من أهل التقوى والإيمان.. سيدة مصرية بسيطة متحشمة وملتزمة فهي لا بد ذات طباع وأخلاق حسنة!


هذه المحتشمة الملتزمة ارتكبت جريمة لا نجد من الكلمات ما يمكن وصفها، واهتزت وحزنت مصر كلها بسببها، وربما نهرب من مأساة "جنة" كلها لنتوقف عند قصة الإسدال.. ومرض "تغليب" الشكل عن المضمون الذي أصاب مجتمعنا.. ليس عند هذه السيدة فحسب إنما عند المجتمع كله.. وصار ميزان ومعيار الحكم على الناس والأشياء.. فصار للأسف أغلب لصوص المال العام من ممسكي المسابح العائدين من بعيد أو من قريب من الأماكن المقدسة، وممن تتزين مكاتبهم بكتاب الله العزيز الحكيم وسجادة الصلاة من ملامح بل من ثوابت مكاتبهم!

توظيف الأموال.. أكبر عملية وجهت ضد القطاع المصرفي المصري بطلها الرئيسى الشكل وليس المضمون.. شخصية النصاب الحاج "نادي" الذي سرق "عادل إمام" و"يسرا" في فيلم "كراكون في الشارع" الذي أنتج قبل ربع قرن تقريبا، وادي الدور الفنان "عدوي غيث" وقد حصل على تحويشة العمر مقابل كيس من البلح استند إلى ذات الطريقة.. الشكل!

في المقابل نحكم على اخرين سلبيا من ملابسهم وبعض -بعض- تصرفاتهم بغير اقتراب منهم أو معرفتهم بشكل مباشر، دون أن نفترض أن السرائر يعلمها الله وحده، وربما ما بين هؤلاء وربهم أعمق بكثير جدا ممن أطلقوا لحاهم وأسدلوا السدائل!

السؤال الأهم: هل يجبرنا أحد على النصب علينا باعتمادنا على الشكل فقط دون المضمون؟ أم أننا -كمجتمع- من اعتمدنا معايير خاطئة تراكمت بفعل تسلف المجتمع وأخونته ووهبنته انعكست على كل شيء فضربت المعايير الصحيحة لكل شيء في مقتل؟ الاختيار للوظائف.. الاختيار للمناصب.. التكليفات المهمة؟!
كم إسدال في حياتنا أفسد مواقع كثيرة؟ كم؟!
الجريدة الرسمية