فتحي رضوان يحكي أسرار قضية سليم حسن
في مجلة الهلال عام 1986 كتب المفكر فتحى رضوان مقالا عن الباحث الأثرى سليم حسن بمناسبة مرور ربع قرن على رحيله قال فيه: إن قضية سليم حسن عالم الآثار ووكيل مصلحة الآثار عام 1938 تستحق الإشادة والدراسة.
كانت مصلحة الآثار المصرية تتهم فرنسا بشكل دائم.. حيث أتاح اكتشاف فرنسا لحجر رشيد أثناء الحملة الفرنسية أن يظل رؤساء مصلحة الآثار فرنسيين، وقد نصت اتفاقية 1904 المعروفة بالاتفاق الودى الذي عقد بين بريطانيا وفرنسا لتسوية خلافاتهما في مصر على أن منصب رئيس المصلحة من حق فرنسا.
لكن في عام 1914 وصل اثرى مصرى إلى منصب وكيل مصلحة الآثار هو سليم حسن الذي وفق من قبل في اكتشاف الهرم الرابع.
وسليم حسن هو الذي وضع قواعد لتقسيم ما تسفر عنه الحفريات الأثرية في مصر التي تقوم بها بعثات أجنبية والتي كانوا يأخذون منها نصيب الأسد في مقابل نصيب مصر الضئيل.
إن مندوب مصلحة الآثار في عملية التقسيم كان مصريا، وكان دائما بمقتضى عرف غير مكتوب كان يحابى الجنسية التي قامت بالحفريات.
حتى جاء سليم حسن فضاعت على المكتشفين الاجانب فرص النهب والسلب باسم العلم، فحقد الأثريون الأجانب بالمصلحة على سليم حسن حتى اتهموه باختلاس مبالغ ضخمة من ميزانية اعتمادات حفريات الهرم التي كان يديرها.
بدأت النيابة المصرية تحقق مع سليم حسن واخذ مدير المصلحة العام المسيو دريتون يدبر لحملة كبرى على سليم حسن الذي اكتشف خلال مسيرته أكثر من 200 مقبرة فرعونية.
وكان دريتون صديقا للملك فاروق فانحاز الملك بكل ثقله مع الاتهام الموجه لسليم حسن، واهتز ميزان العدالة في هذه القضية.
كان سليم حسن أول أثرى مصرى عرفه العالم بين مستكشفي آثار مصر يدخل السجن فتطيب نفوس الدوائر الأجنبية التي أضاع عليها هذا الأثرى أموالا طائلة.
لكن شاء حظ أن يكون هناك صراعا حزبيا بين عنصرى الوزارة في مصر الحزب السعدى ممثل في أحد ماهر والحزب الدستورى بمحمد محمود، وكان وزير المعارف الدكتور محمد حسين هيكل وفى العدل أحمد حسين والنائب العمومى يكن باشا أحمد ولهذا استحال ذهاب سليم إلى المحكمة لحماية هؤلاء له بالرغم من أن الملك ورئيس الديوان ضده.
استمر الشد والجذب بين الفريقين حتى سقطت الوزارة وتولى الوزارة الجديدة على ماهر حليف السعديين خصوم سليم حسن، لكن جاء وزير العدل مصطفى الشوربجى وكنت أعرفه من زعماء الحزب الوطنى فذهبت إليه وحذرته من الانسياق وراء مؤامرات الأجانب فأمر في الحال بحفظ الدعوى ووثق ذلك على ماهر باشا رئيس الوزراء الجديد الذي كان يناصر سليم، وحسمت القضية في النهاية لمصلحة مصر ومصلحة سليم حسن.
وعندما جاءت الثورة استعانت به الحكومة عام 1960 لتحديد مدى تأثير السد العالى على آثار النوبة حتى رحل في 30 سبتمبر 1961.