رئيس التحرير
عصام كامل

الإخوان والتاريخ يعيد نفسه.. متى نتعلم؟!


للمرة المليون، التاريخ ليس مجرد حكايات وحواديت نتسلى بها في أوقات الفراغ، ولكنه علم المستقبل، هو الدروس والعبر، هو ذاكرة الأمم، والذي يفرط في تاريخه، يهين حاضره ويضيع مستقبله، لن أذهب بعيدا في تاريخنا ، ولكن إلى الخمسينيات فقط، عندما وقف الإخوان وبعض باشوات العهد الملكى ضد الدولة المصرية، وكان الأمر وكأنه ثآر بين هؤلاء وشخص "جمال عبد الناصر"..


كان الإخوان في السجون يكبرون ويهللون، لأن مصر تتعرض للعدوان الثلاثى في 56، لم يهمهم تدمير مصر والضحايا من الشهداء والمصابين، كان حلمهم فقط إسقاط "جمال عبدالناصر" ورجال ثورة يوليو، أما الباشوات الذين هربوا أموالهم خارج مصر، فقاموا بنفس الدور الذي يقوم به الآن إعلام الإخوان المجرمين من تركيا، ولكنه كان من أوروبا بالهجوم على مصر وقيادتها في محاولة مستميتة لإسقاط الدولة المصرية..

للأسف هؤلاء الذين خانوا مصر في الخمسينيات سواء الإخوان المجرمين والباشوات الخونة عادوا في السبعينيات على يد الرئيس "السادات" لمساندته ضد التيارات اليسارية، الباشوات أحرجوا "السادات" وجمدوا حزبهم، والإخوان منبع كل الجماعات الإرهابية خانوه وقتلوه، العجيب أننا لا نحاول التعلم بشكل علمى من التاريخ..

تاريخ الإخوان الدموى معروف منذ الأربعينيات، ومع هذا أعطتهم ثورة يوليو أكثر مما يستحقون، ولولا التخلص منهم كان من الممكن  حدوث ما لايحمد عقباه، في السبعينيات فتح لهم "السادات" كل الأبواب المغلقة والجامعات أمام قيادتهم يبثون فيها بخبث أفكارهم الإرهابية الإجرامية، وبالرغم من هذا في الثمانينيات وما بعدها فتح لهم "حسنى مبارك" الحياة السياسية على مصراعيها، فتحالف الإخوان المجرمون مع بعض الأحزاب، وانتشروا في النقابات واستولوا عليها، كل هذا تحت رعاية الحكومات المصرية المتعاقبة، وكأننا لم نتعلم مما سبق..

بل الغريب والمثير أنه في عام 2000 تم تجميد حزب "العمل الاشتراكى" وإغلاق جريدته، وكان التبرير أن حزب العمل وجريدته أصبحا تحت سيطرة الإخوان، المفروض بعد ذلك يتم محاصرة الإخوان ولكن المدهش هو أن الحزب الوطنى والإخوان أصبحا يدا واحدة، تعاونا معا حتى وصل الأمر أن يدخل مجلس الشعب 88 عضوا منهم في سابقة لم تحدث، وكأننا أيضا لم نتعلم، تكرر في 25 يناير ما حدث من تعاون مريب ثم كانت الكارثة عندما جاء "محمد مرسي" وجماعته للحكم لتعيش مصر اسوأ سنة في تاريخها!

ماذا بعد كل هذه الدروس؟ هل يمكن أن نصدق هؤلاء الكاذبين المجرمين الملطخة أياديهم بالدماء؟! متى نتعلم من أحداث التاريخ؟! لم يعد الوقت يسمح بأن يكون لهؤلاء المجرمين أي وجود في جميع المواقع الرسمية وغير الرسمية، وإذا كان القضاء حسم بإرهابية هذه الفئة الضالة والمضلة، فلماذا نترك من يعتنق هذا الفكر في أي مكان كان؟!

هنا أريد أن أذكر نفسى والشعب المصرى بالعبقرى "جمال حمدان" الذي أكد أن مصر خلقت حتى تكون قائدة، ليس باختيار أهلها، أو ثرواتها أو لنيلها، ولكن الله حباها موقعا بأن تكون قلب العالم، أهم موقع على الإطلاق بين جميع الأمم، ولهذا ستكون مصدر اهتمام العالم ومصدرا لطمع العالم لاحتلالها أو السيطرة عليها، لأن من يسيطر على مصر يتحكم في حركة العالم!..

لهذا لابد أن ندرك عظمة بلدنا وقيمتها التي ميزها الله بها على العالم، علينا أن نتذكر تاريخها العظيم منذ فجر الحياة وحتى الآن، علينا أن ندرك أن الحفاظ عليها من أعدائها ومن بعض الخونة يستلزم البذل من الجهد والعرق والدم، وهنا أتذكر قصة يعلمها الجميع، ولكن نرويها للأجيال الجديدة التي ربما لا يعرفونها، البطل محمد مهران _(أطال الله في عمره )_ تعود بطولته إلى عام 1956 أثناء العدوان الثلاثى على مصر، كان فدائيا مثله مثل المئات من الفدائيين في بورسعيد، وقع في الأسر، وفوجئ بنقله في طائرة إنجليزية إلى مالطة..

وهناك طلبوا منه التبرع بعينيه إلى جندى إنجليزي فقد عينيه في بورسعيد، ولكنه رفض تماما، وعندئذ عرضوا عليه أن يشتم "جمال عبدالناصر" وقيادة ثورة 23 يوليو مقابل عدم أخذ عينيه، ولكنه رفض أيضا، وقال لهم خذوا عين واتركوا لى الثانية، وتوسل لهم، ولكنهم صمموا على العينين أو السب في ناصر وحكومة ثورة 23 يوليو..

وهداه تفكيره إلى الموافقة على سب "ناصر" وحكومته لينجو من فقد نور عينيه، وبالفعل جاء الإنجليز بأجهزة الإرسال المباشر من الـ"بى بى سى" ليعلن على الهواء سبه لـ"ناصر" وحكومته، وقدم المذيع الإنجليزي الشاب "محمد مهران" أحد الهاربين من سوء حكم "جمال عبدالناصر" وحكومة يوليو الإرهابية، وعندما أمسك الميكروفون الشاب "محمد مهران" قال: يعيش الرئيس "جمال عبدالناصر".. وتعيش مصر حرة !

كانت مفاجأة مذهلة على الإنجليز، وتم أخذه بالقوة وأخذ عينيه للجندى الإنجليزي، ويقول بعد أن قلت كلامى في الإذاعة لم أشعر بنفسى وإلا هناك نار في عينى ولا أرى شيئا، بل إنهم أعادونى إلى بورسعيد وألقوا بى في العراء، واخذنى أهالي بورسعيد إلى مستشفى في القاهرة، وذهب "جمال عبدالناصر" لزيارته وقال له: إن الإنجليز أخطأوا وسيندمون على جريمتهم!

وتحدث العالم عن هذه الجريمة التي اعتبرها العالم عارا على الإنسانية، ومن الصور الجميلة أن قصة هذا البطل أذيعت في الإذاعة، فما أن انتهت القصة في الإذاعة، إلا أن اتصلت فتاة تعلن عن تبرعها بعيونها للبطل "محمد مهران"، فقال لها من تحدث معها: بدلا من تعطيه عينيك يمكنك أن تكونى عينيه طول العمر وتتزوجيه! وبالفعل حدث وتزوجت البطل لتكون هي الأخرى بطلة مصرية نفخر بها جميعا!

صورة مشرفة من ملايين الصور التي يمتلئ التاريخ بها ليؤكد معدن الشعب المصرى، الشعب الذي علم الإنسانية كل شىء، جاءت مصر فبدأ التاريخ حساب السنين.

تحية لشهداء مصر عبر التاريخ، تحية لبسطاء مصر الذين يتحملون دائما عثرات الحياة، تحية لمن واجه العدو الصهيونى، وتحية لمن يواجه التآمر العالمى التركى الإخوانى القطرى الصهيونى.

تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.
الجريدة الرسمية