رئيس التحرير
عصام كامل

دق الجرس (3)


التعليم أولا وأخيرًا وقبل كل شيء، يظل هو الضمانة الحقيقية للأمن القومي المصري في ظل ما يعتري البلاد من مشكلات وما يهددها من مؤامرات داخلية وخارجية؛ لذلك ليس مستغربا ما تعانيه بلادنا اليوم بعد ثمان سنوات من اندلاع ثورة يناير، فالشاب البالغ من العمر الآن 18 عاما كان عمره وقت الثورة ثمانية أعوام.


لا أريد هنا البكاء على اللبن المسكوب، لكن «لو» كان تركيزنا منذ ثورة يناير على التعليم وجعله أولوية قصوى لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن، حيث وقوع بعض شبابنا في فخاخ الخطط الشيطانية الخارجية التي تبث سمومها عبر قنوات الفُجر والضلال أناء الليل وأطراف النهار.

لقد كان من بالغ سروري أن ألتقي أحد مدرسي اللغة الإنجليزية المصريين الذي كان ضمن بعثة إلى بريطانيا، ثم أجرى دراسات سافر بعدها للعمل مدرسا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأذكر أنني وجدت لديه ألما دفينا، فأدرت حوارا معه بشأن حزنه على أوضاع التعليم في مصر؛ فقال لي الرجل إنه كان يعلم مستوى التعليم في العالم المتقدم، لكنه لم يكن يتوقع أبدا وصوله إلى مستويات عالية إلى هذا الحد، حيث أصبحت إحدى أهم مرتكزات التعليم في الدول التي سبقتنا عقودا فيه، توجيه المعلمين إلى تعليم الطلاب التفرقة بين «الرأي، والمعلومة، والخبر»، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي وفقا لمراحل عمرية مختلفة.

إن «طفح مجاري الإرهاب» بات يلوث أسماعنا يوميا عبر «فضائيات الفتن»، وليس ذلك بمستغرب من رءوس التخريب المدعومين، لكن الأشد غرابة هو التفاعل المقيت من قبل البعض وتصديقهم الأعمى لكثير مما يتم بثه كما لو كان نصا مقدسا، بينما يبدوا الأمر في حقيقته حربا نفسية ممنهجة ومدروسة خططها في أروقة أجهزة مخابراتية دولية.

ما أود التأكيد عليه، بعد الحملة الضارية ضد مصر، أن تطوير التعليم بات الضمانة الحيوية لأمن مصر القومي، وليس مقصودا بذلك إجراء تطوير شكلي أو انفراد وزير بعينه بوضع خطط التعليم والمناهج الدراسة بنفسه، لابد من حالة إجماع عام ومشاركة عامة من جميع الوزارات والنخبة المثقفة في ثورة كبرى لتطوير التعليم..

ولي الآن أسئلة أظنها مشروعة إلى وزارة التعليم والقائمين عليها، «كم ندوة عقدتها مدارس الوزارة استضافت خلالها أبطال حرب أكتوبر المجيدة؟، وكم دورة تدريبية نظمتها للمعلمين للتوعية بسلبيات الاستغلال الخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت، وكم رحلة علمية أجرتها مدارس الوزارة لمعالم الدولة الأثرية والحضارية والثقافية؟، وكم مبادرة أطلقتها الوزارة لرفع مستوى مدرسيها؟»، وألف «كم» من الأسئلة يحتاج إجابة صادقة، فهل من مجيب؟.. والله من وراء القصد.

الجريدة الرسمية